بعد ثلاثة أسابيع من بدء اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، يبدو أن الاتفاق مهدد بالانهيار. فقد أعلن المتحدث باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، تعليق الدفعة السادسة من تبادل الأسرى حتى إشعار آخر، مشيرًا إلى أن إسرائيل لم تلتزم بشروط الاتفاق، حيث تأخرت في السماح بعودة الفلسطينيين النازحين إلى شمال غزة، واستمرت في استهدافهم بالقصف وإطلاق النار، كما أعاقت دخول المساعدات الإنسانية.

 

تعثر تنفيذ الاتفاق

كان من المفترض أن تدخل 60 ألف وحدة سكنية متنقلة إلى غزة لتحل محل الخيام غير الملائمة للشتاء، لكن لم يتم تسليم أي منها حتى الآن، وسط نقص حاد في الغذاء والوقود. كما شددت حماس على أن الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين لن يتم إلا بعد التزام إسرائيل بتعهداتها.

 

تصاعد التوتر مع تصريحات ترامب

تزامن هذا التعليق مع تصريحات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي تحدث عن خطط لإجلاء الفلسطينيين من غزة وإنشاء "منتجع سياحي" هناك، مؤكدًا أنهم لن يتمكنوا من العودة إلى ديارهم. وقد أثارت هذه التصريحات غضبًا واسعًا، حيث إن حق العودة يُعد مبدأً أساسيًا للقضية الفلسطينية منذ نكبة 1948، وهو جزء من مهمة وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

 

تعطل المرحلة الثانية من الاتفاق

ووفقًا لمصادر أمنية مصرية، فإن المحادثات بشأن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، والتي تشمل المزيد من تبادل الأسرى وإعلان تهدئة دائمة، قد توقفت بانتظار موقف واضح من الولايات المتحدة. وتخشى مصر، التي تلعب دور الوسيط إلى جانب قطر والولايات المتحدة، من انهيار الاتفاق، لا سيما مع تهديدات إسرائيل باستئناف القصف.

وفي هذا السياق، أصدر وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف جالانت، أوامر للجيش برفع حالة التأهب القصوى، مما زاد من المخاوف بشأن احتمال تصاعد القتال.

 

ردود فعل عربية ودولية

التقى وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع نظيره الأمريكي ماركو روبيو في واشنطن، وأكدت مصر في بيانها الرسمي على ضرورة احترام حقوق الشعب الفلسطيني، بما في ذلك حقه في تقرير مصيره وحق اللاجئين في العودة. كما دعت جامعة الدول العربية إلى اجتماع طارئ في القاهرة في 27 فبراير لمناقشة التطورات.

 

مخاوف من تغير السياسة الأمريكية

يعتقد محللون أن تصريحات ترامب حول غزة قد تكون جزءًا من استراتيجيته التفاوضية، لكنه بدا مصممًا على موقفه، وهو ما يثير قلقًا واسعًا. ويرى أسامة أبو إرْشيد، المدير التنفيذي لمنظمة "أمريكيون مسلمون من أجل فلسطين"، أن خطاب ترامب قد يؤدي إلى عواقب وخيمة، خاصة أنه معروف بتصرفاته غير المتوقعة.

من جانبه، قال خليل جهشان، مدير المركز العربي في واشنطن، إن الدول العربية بحاجة إلى إعادة تقييم علاقتها بالولايات المتحدة في ظل التحولات الجذرية في سياساتها.

 

ضعف الموقف العربي

يبدو أن الدول العربية، خصوصًا مصر والأردن، اللتين أشار ترامب إلى إمكانية استقبالهما للاجئين من غزة، لا تملكان نفوذًا كبيرًا للضغط على واشنطن، نظرًا لاعتمادهما الكبير على المساعدات الأمريكية. ففي عام 2023، تلقت كل من مصر والأردن أكثر من 1.5 مليار دولار من المساعدات الأمريكية، في حين حصلت إسرائيل على أكثر من 3.3 مليار دولار.

ويرى جهشان أن الدول العربية، وخصوصًا السعودية وقطر، بحاجة إلى اتخاذ موقف قوي وإبلاغ واشنطن بأن استمرار العلاقات يعتمد على وقف هذه السياسات، وإلا فإن الفلسطينيين قد يُجبرون على مغادرة غزة بسبب الجوع بدلاً من التهجير القسري.

 

لقاء ملك الأردن بترامب

من المتوقع أن يلتقي العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، مع ترامب في البيت الأبيض، ليكون أول زعيم عربي يجتمع به في ولايته الثانية. ومن المقرر أن يناقش الملك قضية غزة، وسط تكهنات حول مدى تأثيره في تغيير موقف واشنطن.

 

استياء في الأوساط العربية الأمريكية

حتى داخل الجالية العربية الأمريكية، التي دعمت ترامب في الانتخابات الأخيرة بسبب وعوده بإنهاء الحرب في غزة، هناك حالة من الإحباط. فقد صرحت فاي نمر، رئيسة غرفة التجارة الأمريكية-الشرق أوسطية، بأنها تأمل في أن تسفر زيارة الملك عبد الله عن نتائج إيجابية، لكنها شددت على أن فلسطين "ليست للبيع".

 

مستقبل وقف إطلاق النار

لا يزال مستقبل وقف إطلاق النار غامضًا، حيث يعتمد نجاح المرحلة الثانية على التزام إسرائيل بالاتفاق، وكذلك على الموقف الأمريكي. وإذا لم يتم اتخاذ خطوات ملموسة لوقف التصعيد، فقد يعود الصراع إلى نقطة الصفر، مما يعرض ملايين الفلسطينيين في غزة لمزيد من المعاناة.

https://www.middleeasteye.net/news/is-ceasefire-gaza-verge-breakdown