كشفت شهادات شهود عيان وأدلة وثائقية حصل عليها ميدل إيست آي عن الفظائع التي ارتكبتها القوات المسلحة السودانية (SAF) وقوات الدعم السريع (RSF) ضد مجتمع الكنابي في ولاية الجزيرة، التي استعادها الجيش في يناير 2025.

منذ اندلاع الحرب في السودان في إبريل 2023، تفاقم التمييز الذي يتعرض له عمال الزراعة المهمشون، حيث يدفع مجتمع الكنابي الثمن مرتين – أولاً على يد قوات الدعم السريع، ثم على يد الجيش عند استعادته ولاية الجزيرة.

 

استهداف مزدوج من الجيش والدعم السريع

عندما اجتاحت قوات الدعم السريع ولاية الجزيرة في ديسمبر 2023، تعرض أبناء الكنابي لهجمات مباشرة من قبل المليشيات. وعندما استعادت القوات المسلحة السيطرة في يناير 2025، قتل حلفاؤها من المليشيات أفرادًا من المجتمع ذاته، وأحرقوا منازلهم وطردوهم من أراضيهم، متهمين إياهم بالتعاون مع قوات الدعم السريع.

يقول شهود عيان، إن رجالاً يرتدون زي الجيش السوداني قتلوا عشرات الأشخاص، وأصابوا آخرين، بل وأجبروهم على حفر مقابرهم الجماعية قبل قتلهم.

 

مطالب بتحقيق دولي

أدى تصاعد العنف إلى دعوات لإجراء تحقيق دولي، حيث وصفت اللجنة المركزية لمؤتمر الكنابي والمجموعات الحقوقية الهجمات بأنها "جرائم حرب". حتى أن رئيس الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، اضطر إلى تشكيل لجنة تحقيق بعد مجزرة وقعت في منطقة كامبو طيبة قرب ود مدني.

إلا أن قادة الكنابي يؤكدون أن الأمر يتجاوز هذه المجزرة، إذ يواجه مجتمعهم اضطهادًا مركبًا بسبب انتمائهم الطبقي كعمال زراعيين وأصولهم العرقية، حيث ينحدر العديد منهم من دارفور وجنوب السودان.

 

الكنابي بين التجنيد القسري والانتقام

وقال أحد قادة مؤتمر الكنابي لموقع ميدل إيست آي، إن قوات الدعم السريع جندت قسرًا العديد من أبناء مجتمع الكنابي، بينما انجذب البعض الآخر للانضمام بسبب الإغراءات المالية أو وعود بالحصول على أراضٍ زراعية.

لكن بمجرد استعادة الجيش السيطرة، اتُهم أفراد الكنابي بالخيانة والانتماء إلى قوات الدعم السريع، مما أدى إلى تنفيذ ميليشيات موالية للجيش أعمال انتقامية ضدهم.

 

انتهاكات المليشيات الموالية للجيش

من بين المليشيات المتورطة، برز اسم أبو عقلة كايكال، وهو قائد سابق في قوات الدعم السريع انشق وانضم إلى الجيش في أكتوبر 2024. وبعد أن كان جزءًا من القوات التي استولت على الجزيرة لصالح

قوات الدعم السريع في 2023، قاد الهجوم المضاد مع الجيش في 2025، لكنه استهدف مجتمع الكنابي بشكل وحشي، متهماً إياهم بالتعاون مع العدو السابق.

 

مستقبل غامض لمجتمع الكنابي

يشير الخبراء إلى أن اضطهاد الكنابي ليس جديدًا، بل هو امتداد لصراعات تاريخية حول ملكية الأراضي والتمييز الطبقي في السودان. ومع استمرار الحرب، يخشى كثيرون من أن العنف ضدهم لن يتوقف ما لم تُحل المشكلات الأساسية المتعلقة بحقوق الأرض والمساواة الاجتماعية.

في ظل هذا الواقع، يواجه مجتمع الكنابي مستقبلاً غير واضح، بين التجنيد القسري والاضطهاد والقتل، بينما تستمر دوامة العنف في السودان بلا نهاية واضحة.

https://www.middleeasteye.net/news/history-oppression-sudans-kanabi-community-targeted-both-sides-war