اتهم السودان بريطانيا بالتدخل في شؤونه، وقالت الخارجية السودانية إن بريطانيا تتدخل ل"تغيير صيغة وطبيعة" جلسة المشاورات المغلقة التي عقدها مجلس الأمن الدولي عن السودان.

وقرر مجلس الأمن الدولي تأجيل مداولاته بشأن شكوى السودان ضد أبوظبي حتى مايو المقبل، بناء على طلب بريطانيا.

يأتي ذلك على الرغم من إلغاء أبوظبي عقد اجتماعا وزاريا مع بريطانيا، بسبب توتر في العلاقات بين البلدين، على خلفية اتهامات لأبوظبي بدعمها لقوات الدعم السريع غير النظامية في السودان.

وقالت الخارجية السودانية في بيان، الثلاثاء، إن بريطانيا تدخلت في شؤون البلاد "لتغيير صيغة وطبيعة" جلسة مشاورات بمجلس الأمن "ليصبح اجتماعاً عن الأوضاع في السودان عامة ومنطقة الفاشر (غربي السودان) خاصة".

وكشف بيان حكومة السودان أن جلسة مجلس الأمن كانت مخصصة لمناقشة "شكوى السودان ضد الإمارات" بزعم "رعايتها متعددة الأوجه" لقوات الدعم السريع شبه العسكرية.

وعبرت الخارجية عن أسفها، "تأسف وزارة الخارجية أن تتنكر بريطانيا لواجبها الأخلاقي والسياسي بصفتها عضواً دائماً بمجلس الأمن، وما تلزم به نفسها للتصدي لقضايا السودان في المجلس، وبحكم ماضيها الاستعماري في السودان، والذي لا تزال آثاره غير الحميدة مستمرة، وذلك مقابل مصالحها التجارية مع الإمارات".

واتهم البيان الحكومة البريطانية بـ"إجراء لقاءات سرية مع ميليشيا الدعم السريع التي استوفت كل صفات الجماعات الإرهابية"، موضحاً أن ذلك "يجعلها شريكة في المسؤولية عن الفظائع التي ترتكبها الميليشيا الإرهابية وراعيتها، وداعمة للإفلات من العقاب".


موقف أمريكي من الإمارات!

ومن جانبه، قال المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان توم بيريللو: "للأسف وجدنا الكثير من الجهات الخارجية، منها الإمارات، متورطين في الصراع في السودان، وننظر في عواقب هذه الأفعال؛ لأن رؤية بلد بهذا الحجم والأهمية الاستراتيجية في هذه الأوضاع ليس في مصلحة أحد".

وأضاف "بيرييلو" خلال شهادته حول النزاع والطوارئ الإنسانية في السودان بجسلة أمام مجلس الشيوخ، "نرى مستقبل للقوات المسلحة السودانية كمؤسسة رسمية للدولة. وهذا ليس نفس ما نراه بالنسبة للدعم السريع أو الجنجويد".

وتابع: "أشجع أعضاء الكونغرس الامريكي لزيارة مخيمات النازحين في السودان".


وأردف، "المبعوث الأمريكي الخاص للسودان توم بيرييلو في شهادة أمام الكونغرس : الدعم السريع قام بممارسة التطهير العرقي و نهب المحاصيل و سرقة الممتلكات و استهداف المدنيين".


وطالبت الولايات المتحدة الإمارات بوقف دعم الأطراف المتحاربة في السودان، محذرة من تدهور الأوضاع وتصاعد العنف، في حين اتهمت السودان بريطانيا بالتحيز لصالح الإمارات، مع استمرار النزاع المسلح وتزايد الحاجة للمساعدات الإنسانية.


ومن جانب آخر، قال المحلل الأمريكي كاميرون هدسون: "تم تأكيد قيام مليشيا الدعم السريع بشحن أسلحة بمساعدة دولة (الإمارات العربية المتحدة) عبر دول تشاد وكينيا وجمهورية أفريقيا الوسطى و يوغندا وليبيا مع الاشتباه في إثيوبيا ، أفريقيا متواطئة في حرب السودان".

دورة موزمبيق

والاربعاء الأول من مايو تسلمت موزمبيق رئاسة مجلس الأمن الدولي دوريا، لبحث طلب جمهورية السودان لمناقشة إستمرار التدخلات الإماراتية في الحرب السودانية بدعمها لميليشيا المتمرد حميدتي.


واتهمت السودان عبر مندوبها في الأمم المتحدة الإمارات بدعم مستمر وتمويل ميليشيات الدعم السريع (المنشقة عن الجيش السوداني) وترتكب جرائم ضد الإنسانية بحق السودانيين، مقابل تعويل أبوظبي على واشنطن لمنع تمرير أي مشروع قرار يدين نظام محمد بن زايد الملطخة يداه بدماء السودانيين.

الأزمة الانسانية
وكان من المقرر أن يناقش الاجتماع، اليوم الثلاثاء، الأزمة الإنسانية في السودان، وانتهاكات تدفق الأسلحة، واتهامات السودان لدولة الإمارات بالعدوان من خلال الدعم المزعوم لقوات "الدعم السريع" شبه العسكرية التي تقاتل الجيش السوداني.

وقال سفير السودان الحارث إدريس في تصريحات للتلفزيون السوداني الرسمي إن التأجيل كان سببا إجرائيا بسبب عدم وجود ترجمة إنجليزية للشكوى، بحسب ما أورده موقع "سودان تيبيون" زية.

وأكد إدريس أن التأخير "لن يمنع إدانة الإمارات"، وأن النقاش سينتقل إلى رئاسة موزمبيق في مايو.

وانتقد إدريس تدخل بريطانيا، حاملة القلم في ملف السودان (الدولة المسؤولة حاليا عن صياغة القرارات الخاصة بالسودان)، ووصفه بأنه "تعسفي ويفتقر إلى الحياد".

وكان من المقرر أصلا أن تكون جلسة يوم الاثنين اجتماعا خاصا يمكن دعوة الدول غير الأعضاء إليه. ومع ذلك، تم تغيير شكل اجتماع مجلس الأمن إلى مشاورات مغلقة، ولم يعد مسموحًا بمشاركة الدول غير الأعضاء مثل السودان.

وأشار السفير السوداني إلى أن الشكوى هزت الإمارات وضغطت على أعضاء مجلس الأمن الغربي لتأجيل الاجتماع.


ضغوط مالية إماراتية

وفي وقت سابق اليوم الثلاثاء، أكدت مجموعة RedBird IMI المملوكة للشيخ منصور بن زايد آل نهيان، انسحابها من صفقة شراء الصحيفة، على خلفية ضغوطات وإجراءات اتخذتها الحكومة البريطانية لعرقلة الاستحواذ على صحيفة التايمز البريطانية التي نشرت الأحد تقريرا يشير إلى أن الإمارات ألغت اجتماعات وزارية مع بريطانيا بسبب عدم الوقوف إلى جانب في وجه الاتهامات المقدمة للأمم المتحدة.

وأوضحت الصحيفة، في تقرير لها، أن وزيرا بريطانيا سابقا انتقد موقف بلاده، من اتهامات المندوب السوداني في الأمم المتحدة، لأبوظبي بدعم قوات الدعم السريع.

ونقلت عن الوزير السابق ناظم زهاوي، أن "الرد البريطاني على هذا كان فاترا لدرجة علق فيه الإماراتيون كل اللقاءات مع بريطانيا وعبروا عن الغضب لوقوفهم موقف المتفرج وتركوا السودانيين يشهرون بهم".

ونقلت الصحيفة عن مصادر قولها إن اللقاء الوزاري الرباعي كان سيعقد في الأسابيع الماضية. وقالت الصحيفة إن تعليق اللقاء بسبب السودان يضاف للتوتر بين البلدين، بعد تدخل الحكومة البريطانية لمنع مجموعة تدعمها أبوظبي من الاستحواذ على صحيفة "ديلي تلغراف".


وتنفي الإمارات أي تورط لها في الصراع السوداني، وتصف هذه المزاعم بأنها "لا أساس لها من الصحة" في رسالة إلى مجلس الأمن.

وأدت الحرب في السودان إلى أدت لخلق أكبر كارثة إنسانية في العالم وقادت لتشريد 8.5 ملايين نسمة و25 مليون نسمة بحاجة للمساعدات الإنسانية العاجلة. ويحذر الخبراء من مجاعة قادمة قد تقتل ما بين نصف مليون إلى مليون شخص.