تتصاعد الأحداث في جزيرة الوراق الواقعة على نهر النيل، حيث تواصل حكومة السيسي تنفيذ خطتها لتحويل الجزيرة إلى "تجمع عمراني حديث" وبيعها لمستثمر أجنبي، وسط جدل واسع حول طبيعة المشروع وتأثيره على سكان الجزيرة الذين يعتمدون على الزراعة والصيد كمصدر رئيسي للرزق، وفي ظل عمليات الإخلاء القسري، يبقى مصير السكان الأصليين مجهولًا مع استمرار إزالة منازلهم واستحواذ الدولة على الأراضي.

 

الاجتماع الحكومي: تسريع وتيرة الإخلاء

في إطار متابعة تنفيذ مشروع تطوير الجزيرة، عقد مصطفى مدبولي، اجتماعًا في مقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة، بحضور عدد من المسؤولين الأمنيين والتنفيذيين، لمناقشة الوضع الراهن في الجزيرة، وخلال الاجتماع، شدد مدبولي على "أهمية الإسراع في تنفيذ خطة التطوير"، مؤكدًا على ضرورة "التصدي لأي بناء في الجزيرة ومنع عودة المظاهر العشوائية"، وفقًا لبيان صادر عن مجلس الوزراء.

كما طالب مدبولي الأجهزة التنفيذية بتسريع تعويضات الأهالي المستحقين ضمن خطة الإخلاء، والالتزام بالجدول الزمني المحدد لتنفيذ المشروع، ووفقًا لرئيس جهاز تنمية مدينة الوراق الجديدة، أسامة شوقي، فقد استحوذت الدولة حتى الآن على 1024 فدانًا من أصل 1295 فدانًا، وهو ما يمثل 79% من إجمالي المساحة المستهدفة ضمن خطة التطوير.

 

تعويضات أم تهجير قسري؟

أكد شوقي خلال الاجتماع أن الحكومة تقدم خيارات متعددة لتعويض السكان، تتضمن تعويضات مالية وعينية، مثل الوحدات السكنية البديلة داخل الجزيرة أو خارجها، بالإضافة إلى قطع أراضٍ سكنية وزراعية خارج الجزيرة، وأشار إلى أن "كثيرًا من السكان" قبلوا بهذه التعويضات، بينما لا يزال البعض الآخر يرفض الرحيل عن منازلهم، معتبرين أن التعويضات غير عادلة ولا تعوضهم عن خسائرهم الحقيقية.

 

مواجهات واحتجاجات: السكان في مواجهة الدولة

على الرغم من محاولات الحكومة تقديم المشروع كخطوة نحو "التطوير"، فإن الجزيرة كانت ولا تزال مسرحًا لمواجهات بين الأهالي وقوات الأمن، وفي الأشهر الأخيرة، تصاعدت الاحتجاجات بسبب فرض حصار على "المعدية" التي تربط الجزيرة بضاحية شبرا، مما أثر على حركة السكان وجعل التنقل إلى الجزيرة أكثر صعوبة.

وبحسب تقارير محلية، فإن الاشتباكات بين قوات الأمن والأهالي تكررت في عدة مناسبات، خاصة بعد اعتقال عدد من السكان الذين رفضوا مغادرة منازلهم أو عرقلوا عمليات الإخلاء.

ويرى الأهالي أن ما يحدث ليس "تطويرًا" بل "تهجيرًا قسريًا"، لصالح إقامة مشاريع استثمارية ضخمة إماراتية، مشابهة لمشروع رأس الحكمة في مرسى مطروح، حيث تحاول الحكومة نقل ملكية الأراضي لمستثمرين أجانب.

 

الوراق.. جزيرة استراتيجية وأزمة مستمرة

تتمتع جزيرة الوراق بأهمية استراتيجية، حيث تمثل نقطة التقاء بين ثلاث محافظات كبرى: القاهرة، الجيزة، والقليوبية، ما يجعلها موقعًا حيويًا لأي مشروع استثماري، إضافة إلى ذلك، فإن الجزيرة تعد من أكبر الجزر النيلية، وتبلغ مساحتها نحو 1600 فدان، ويسكنها أكثر من 100 ألف مواطن يعتمدون على الزراعة والصيد كمصدر رئيسي للدخل.

ومع استمرار عمليات الإخلاء وإزالة المنازل، يرى مراقبون أن الحكومة تسعى لتحويل الجزيرة إلى مشروع استثماري فاخر، مستغلة موقعها المتميز على النيل، دون اعتبار للبعد الاجتماعي والاقتصادي لسكانها، ويتخوف الأهالي من أن ينتهي بهم المطاف مشردين بعيدًا عن موطنهم الأصلي.ِ