وافق مجلس النواب على مجموع مواد مشروع مقدم من حكومة السيسي بشأن شروط جديدة لتقليص عدد المستفيدين من برنامج الدعم النقدي "تكافل وكرامة" للحصول على الدعم، ضمن إصدار قانون الضمان الاجتماعي.
حالات وقف الدعم النقدي
وأقر المجلس حالات وقف الدعم النقدي عن المستفيدين من الأفراد أو الأسر، وأبرزها حدوث تغير في مستوى معيشة الأفراد أو الأسر المستفيدة، بما يخرجها عن حدود المعادلة الاختبارية للاستحقاق.
كذلك يحرم المواطن من الدعم في حال التدليس أو التزوير في البيانات التي أدلوا بها عند التسجيل للحصول على الدعم، كذلك إذا صدر حكم قضائي بات (نهائي) ضد الأفراد أو الأسر المستفيدة في جرائم: التسول، والاتجار بالبشر، وتعريض الطفل للخطر، وختان الإناث، والزواج المبكر، والتحرش، والتعدي على الأراضي الزراعية.
وشملت حالات وقف الدعم أيضًا رفض الأفراد أو الأسر المستفيدة -القادرين على العمل- فرص التوظيف أو كسب العيش التي توفرها لهم الجهة الإدارية، من دون عذر مقبول لثلاث مرات، على أن تبين اللائحة التنفيذية للقانون طرق وإجراءات وآليات عرض فرص العمل، أو إقامة المشروعات، وحالات الرفض بعذر غير مقبول.
حزب النور يعترض
وقال النائب عن حزب "النور" السلفي، أحمد حمدي خطاب، إن "تجريم ختان الإناث والزواج المبكر مخالف للشريعة الإسلامية، وبالتالي لا يجب حرمان المواطنين المستحقين للدعم النقدي بسبب هذه الشروط". وعقب رئيس المجلس حنفي جبالي، قائلًا إن "ختان الإناث والزواج المبكر مجرّمان بموجب القانون في مصر، ووقف الدعم النقدي ليس بعقوبة، بل يمنح وفق قواعد محددة، ومن يخالفها يُحرَم".
ونص القانون على أن تلتزم وحدة إجراء المتابعة الميدانية بسحب عينة عشوائية، بنسبة لا تقل عن 30% من الحالات المستفيدة من الدعم النقدي، خلال أشهر مارس وإبريل ومايو من كل عام، في ضوء البيان السنوي المقدم من المستفيد لتحديد مدى توافر شروط الاستحقاق لاستمرار صرف المساعدة، أو تعديلها، أو إيقافها، وذلك بعد العرض على لجنة الدعم النقدي المختصة لإصدار قرار بشأن كل حالة.
كم يبلغ معاش تكافل وكرامة؟
وتصرف حكومة السيسي مبلغ 826 جنيهًا شهريًا للأسر الفقيرة، و743 جنيهًا للمسنين والأشخاص من ذوي الإعاقة، و578 جنيهًا للأيتام. واستفاد قرابة 7.4 مليون أسرة من برنامج الدعم النقدي المشروط في مصر، خلال السنوات السبع الأخيرة، من أصل 12 مليون أسرة تحت خط الفقر. ويرى خبراء أن هذه المبالغ لا تكفي لتوفير الطعام اليومي للفقراء مع تزايد معدلات التضخم، وفقدان الجنيه نحو 70% من قيمته منذ مارس 2022، حيث وصل سعر صرف الدولار في البنوك الرسمية إلى نحو 51 جنيهًا، مقارنة بـ 15.70 جنيهًا للدولار قبل أقل من ثلاث سنوات.
ويقل هذا المبلغ كثيرًا عن خط الفقر الذي تشير التقديرات الحكومية الأولية ودراسة مستقلة أجرتها مستشارة الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء هبة الليثي إلى أنه يبلغ أكثر من 1400 جنيه شهريًا للفرد وخط الفقر المدقع البالغ 1069 جنيهًا شهريًا.
وكان آخر إصدار للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء لبحث الدخل والإنفاق السنوي في 2019-2020، وبلغ معدل الفقر 29.7%، لكن منذ ذلك التاريخ لم ينشر الجهاز أي إصدار جديد، إذ كان المفترض صدوره نهاية كل عامين.
لكن تقديرات مستشارة الجهاز المركزي تشير إلى أن نسبة الفقر ارتفعت لتصل إلى 35.7% في عام 2022-2023، وسط توقعات بزيادة هذا الرقم بعد قيام حكومة السيسي بتحريك سعر صرف الجنيه 4 مرات منذ فبراير 2022.
خنجر في ظهر الفقراء
في المقابل، انتقد طلعت خليل منسق عام الحركة المدنية الديمقراطية (أكبر تكتل سياسي معارض) تمرير مشروع القانون في البرلمان بصورته الحالية، وقال إن "القانون خنجر في ظهر الفقراء، ولا يتماشى تعريفه في القانون مع الفقر، ولا يوجد تحديد واضح لخط الفقر، ونراه تخليًا عن دور الدولة في حماية الفقراء".
وعبّر خليل عن مخاوفه من أن يكون القانون مقدمة لإلغاء الدعم التمويني ومنظومة الخبز في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية بالبلاد وزيادة عدد الفقراء - بمن فيهم شريحة واسعة من الموظفين- بسبب الغلاء والتضخم، بالإضافة إلى استخدامه أداة لخدمة السياسات السكانية للدولة، وفقًا لـ "الجزيرة نت".
وذهب إلى القول إن القانون هو مانع للضمان الاجتماعي، ولا يشمل جميع الفقراء في ظل اقتصار الدعم على عدد طفلين فقط وعدم ربط الدعم بالتضخم والتقلبات الاقتصادية ومراجعته كل 3 سنوات بدلاً من عامين ووضع معايير فضفاضة لإسقاط الدعم عن الأسر الفقيرة و"بالتالي ندعو إلى عدم تمريره بالشكل الحالي".
لكن وزير الشئون النيابية القانونية والتواصل السياسي المستشار محمود فوزي يؤكد أن "تعريف الفقر (في القانون) يتماشى مع معايير الأمم المتحدة التي تعتبر الفقر حالة من الحرمان الشديد".
وأوضح الوزير أن تحديد عدد الأبناء المستفيدين من الدعم بطفلين هو قرار مرتبط بضيق الموارد المالية، مشيرًا إلى أن زيادة أي عدد تحتاج إلى إعادة دراسة من الناحية المالية.
إشكاليات تحد من فعالية القانون
بدوره، يرى وائل جمال رئيس وحدة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية (مستقلة) أن المعايير الأساسية في مشروع القانون لا توفر الحد الأدنى للدخل ولا توفر مظلة شاملة لجميع الفقراء من خلال تحجيم عدد المستحقين للدعم، في حين أن الهدف من القانون هو توسيع التغطية وليس تقليصها.
وأشار جمال إلى أنه في ظل التحديات الاقتصادية المتفاقمة محليًا وعالميًا - والتي أدت إلى تفاقم الفقر وانهيار مستويات المعيشة - فإن هناك حاجة ماسة إلى توسيع نطاق تطبيق القوانين التي تقدم الدعم الاجتماعي، بحيث يشمل جميع الفئات التي تعاني من الفقر والحرمان.
ولفت جمال إلى أن المشكلة الأساسية هي أن قيمة وحجم الدعم تبدو مرتبطة بقدرات الدولة المالية أكثر منها بأوضاع الفقراء على أرض الواقع، مما يجعله (الدعم النقدي) غير قادر على مواكبة التغيرات المتسارعة في الأسعار.