كشف الإعلام الإيطالي خلال اليومين الماضيين عن أستاذ جامعة مصري تواصل إلى سفارة إيطاليا بالقاهرة في 3 ديسمبر الجاري، مدعيًا أن لديه معلومات حول مقتل الباحث ريجيني.
ومن المقرر عقد الجلسة القادمة في 21 يناير في قاعة السجن المحصنة في روما بمنطقة ريبيبيا، ويستمر القضاء الإيطالي في تحقيقات قضيّة ريجيني ويتلقّى شهادة جديدة تثبت تورّط الأمن المصري.
ولم تفقد قضية مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني في القاهرة - التي وقعت عام 2016 وأثارت جدلًا عالميًا، وما تزال التحقيقات فيها مستمرة - أهميتها وسط ضغوط إيطالية ودولية لكشف الحقيقة.
واطلعت السفارة الإيطالية على بيانات أستاذ الجامعة وتركته يغادر، ومع الثالثة فجر اليوم التالي اعتقلته قوات الأمن الوطني من منزله الذي يعيش فيه مع والدته بحسب روايتها التي أبلغت بها السفارة في يوم 9 ديسمبر، وتؤكد أن ابنها مريض بالسرطان مطالبة بالتدخل لإخلاء سبيله.
شاهد آخر
وهذا الشاهد الجديد، أوردته الأكاديمية المصرية أميرة الطحاوي على (إكس)، وهذا بخلاف شاهد آخر نشرت عنه صحيفة “كوريريه ديلا سيرا” تناول آخر التطورات في قضية ريجيني، حيث ظهرت شهادة جديدة أدلى بها شاهد معروف باسم “غاما” تؤكّد تورّط عناصر مصريّة في مقتل هذا الشاب الإيطالي.
وكشفت الصحيفة أنه خلال المحاكمة التي تجري ضد أربعة من عناصر المخابرات المصريّة بتهمة قتل جوليو ريجيني، نقل الشاهد “غاما” ما سمعه من أحد المتهمين أثناء حديث دار في مطعم في نيروبي سنة 2017، فقال: “سمعت الرائد مجدي إبراهيم عبد الشريف يقول: "في بلدنا كان لدينا حالة طالب أكاديمي إيطالي كنا نظن أنه من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وربما من الموساد، وكان مشكلة لأنه كان محبوبًا بين الناس العاديّين. عندما قبضنا عليه، قمنا بتمزيقه إربًا، دمرناه. أنا الذي ضربته".
وأدلى الشاهد المعروف باسم “غاما” بشهادته يوم الخميس في قاعة محكمة بيازال كلوديو في روما، خلال المحاكمة التي تجري ضد أربعة من عناصر المخابرات المصرية وهم اللواء طارق صابر، والعقيدان آسر كمال وحسام حلمي، والرائد مجدي إبراهيم عبد الشريف، بتهمة قتل جوليو ريجيني.
وأكد الشاهد أن هذا هو ما سمعه من أحد المتهمين في مطعم في نيروبي في سبتمبر 2017، وأن المحادثة دارت بين أحد عناصر المخابرات المصريّة وأحد أفراد جهاز الأمن في كينيا حول ما حدث للباحث الشاب جوليو ريجيني، الذي تم العثور على جثته في مصر في جانفي 2016.
وأعاد الشاهد الذي أدلى بشهادته وهو محمي خلف حاجز للحفاظ على سرية هويته ما حدث في ذلك اليوم.
في وقت وقوع الحادثة، كان يعمل بائع كتب وكان في المطعم لمقابلة أستاذ من جامعة نيروبي مهتم بشراء بعض الكتب.
وقال أمام قضاة محكمة الجنايات في العاصمة: “سمعت رجلين بجانبي يتحدثان عند الطاولة المجاورة – مسئولاً أمنيًا كينيًا ورجلاً مصريًا نزل قبل قليل من مركبة دبلوماسية.
كانا على بعد حوالي مترين مني. لم تكن هناك طاولات بيننا. بدآ الحديث عن الانتخابات الرئاسية في كينيا وكانا يتحدثان بالإنجليزية.
تحدثا عن التوترات والمواجهات مع الشرطة بعد التصويت ضد شرعية عمليات الاقتراع وعن الضحايا الذين سقطوا. وكانا ينتقدان الاتحاد الأوروبي الذي أظهر تضامنًا مع الاحتجاجات. وقال المسئول الكيني إنه يجب التمسك بالموقف وأنه دون تدخلات أجنبية كان بإمكان قوات الشرطة قمع الاحتجاجات بشكل أفضل.”
وقال مجدي إبراهيم عبد الشريف لمرافقيه في المطعم: “الاتحاد الأوروبي يمثل مشكلة كبيرة لنا في مصر. في بلدنا، كان لدينا حالة طالب أكاديمي إيطالي كنا نعتقد أنه من وكالة الاستخبارات المركزية أو الموساد. كان هذا الشخص يمثل مشكلة لأنه كان محبوبًا بين الناس العاديين. كان يتفاعل مع السكان في الأسواق. أدركت لاحقًا من كان يقصدون، كانوا يتحدثون عن إيطالي كان يمثل مشكلة، وكانوا قد سئموا منه. قمنا بضربه، وأنا الذي ضربته. مزقناه إربًا ودمرناه"، بحسب ما أكد غاما.
واستمر الحوار حوالي 45 دقيقة. وقال: “سمعت اسم شريف، حيث كان الكيني يخاطب المصري باسم شريف. وحيّاه باسمه، فوضع المصري يده على صدره، وهي طريقة يستخدمها كثير من المسلمين للرد على التحية. تبادلوا بطاقات العمل في ما بينهم"، بحسب الشاهد.
التفات القضاء الإيطالي
وأصدر قضاة محكمة الجنايات الأولى في روما أمرًا يسمح بضم سلسلة من محاضر شهادات شهود مصريين تم الاستماع إليهم في قضية ريجيني، والذين لن يتمكنوا من الإدلاء بشهاداتهم في المحكمة خوفًا من الانتقام. وقد ركز القضاة على أوضاع الحقوق المدنية في مصر.
والعديد من الحقائق الموضوعية التي توثق كيف أن حالة الحقوق المدنية في مصر تعرضت لانتهاكات واسعة، كشفت استشهادات بتقارير منظمات غير حكومية مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش لسنة 2024، بالإضافة إلى تصريحات صادرة عن البرلمان الأوروبي والمفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة.
واستشهد القضاة بـ “ورقة 2024” الصادرة عن وزارة الخارجية الإيطالية التي خلصت إلى أن "مصر بلد آمن، لكن هناك استثناءات ضرورية تشمل المعارضين السياسيين، والمنشقين، والنشطاء، والمدافعين عن حقوق الإنسان، أو أي شخص قد يقع ضمن أسباب الاضطهاد، بما في ذلك لأسباب الرأي السياسي… بغض النظر عما إذا كان مقدم الطلب قد ترجم هذا الرأي أو الفكرة أو المعتقد إلى أفعال ملموسة".
الصحيفة أوضحت أن القرار الذي اتخذته المحكمة بأن جميع المصادر المذكورة، رغم اختلاف وجهات النظر ومصادر المعلومات، تتفق على أن مصر تتسم بانتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان بناءً على تقارير موثوقة.
الانتهاكات شملت: عمليات إعدام تعسفية أو غير قانونية، بما في ذلك الإعدامات خارج نطاق القضاء، والاختفاء القسري، والتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة من قبل الحكومة، وظروف السجن القاسية التي تهدد الحياة، والاعتقالات والاحتجاز التعسفي بدوافع سياسية. وفي ما يتعلق بالحق في الحياة، تشير التقارير إلى أن مصر من بين الدول التي تُمارس فيها عقوبة الإعدام، حيث تعد معدلات تنفيذ العقوبات فيها من بين الأعلى عالميًا.
القضاة قالوا إن "هذه المحاكمة نفسها – بعيدًا عن القضية قيد التحقيق ومصير ريجيني – قدمت بالفعل دلائل مهمة على ممارسات مصرية تتعلق بالاختفاء القسري المفاجئ وظروف الاحتجاز، حتى في حالات تعتبر في نظامنا القانوني تعبيرًا طبيعيًا عن الرأي. وهي بعيدة جدًا عن المبادئ الراسخة لضمان الحريات واحترام الحق في الدفاع، فضلًا عن إخضاع قوات الشرطة لرقابة خارجية مستقلة".