قال متابعون إن المصالحة التي أعلنت الأربعاء الماضي بين إثيوبيا والصومال في أنقرة، برعاية الرئيس أردوغان، مشهد يُكلل محاولات تركية مستمرة لنحو عام لتقريب وجهات النظر بين البلدين، بعد إعلان أديس أبابا اعترافها بدولة صوماليلاند الانفصالية مقابل منحها قاعدة ساحلية متعددة الأغراض على أرض الصومال.
ورأى الصحفي محمد بصل بجريدة الشروق في منشور طويل عبر حسابه على فيسبوك Mohamed Bassal أنه ".. مشهد غير مريح جرى منذ قليل في تركيا بإعلان "مصالحة" أو "مذكرة تفاهم" (غير واضح تماًما حتى الآن) بين إثيوبيا والصومال برعاية تركية".
وأوضح أن تركيا نجحت في التوصل إلى نجاح مقترح طرحته في الصيف الماضي، وخلال المفاوضات أن "تضمن الصومال منفذًا بحريًا لإثيوبيا بعيدًا عن صوماليلاند، مقابل سحب ذلك الاعتراف بصوماليلاند.
وعلل "بصل" عدم الراحة التي لمسها أن "إتمام المصالحة -إذا تحقق فعليا بهذا الشكل- يعني المضي قدمًا في إعادة تخطيط منطقة القرن الإفريقي وشرق القارة بصورة تفيد تركيا التي ستكون الضامن الأول لتدشين هذا الوضع المقترح، وتعضد موقف إثيوبيا عسكريًا واقتصاديًا في منطقة تمثّل عمقًا إستراتيجيًا وعنق زجاجة لمضيق باب المندب ثم قناة السويس." وهو تلميح فيما يبدو لتأثر مصر سلبيًا من المصالحة.
ومن الفوائد التي حققتها تركيا فعليًا، ما قاله بصل أنه "ليس من المتصوّر أن تتمتع إثيوبيا داخل الصومال بالمزايا نفسها التي قد تحظى بها في صوماليلاند، لكن مع تواجد تركيا – التي لها أكثر من 200 مشروع حاليًا في إثيوبيا - ودول أخرى بالمنطقة يمكن للدولة الحبيسة إبرام صفقات استثمارية مفيدة على أراضيها أملاً في تحقيق نهضة اقتصادية يكون سد النهضة حجر الزاوية لها".
وحقق بصل أن تركيا مستفيدة منذ فترة من البلدين قائلاً ".. تركيا من أهم حلفاء الصومال في السنوات الأخيرة، وتملك منذ سبع سنوات بالقرب من مقديشيو أكبر قاعدة عسكرية خارجية لها، وفي بداية العام الجاري وقّعت معها اتفاقًا أمنيًا اقتصاديًا أتاح لها منذ أسابيع بدء التنقيب عن البترول والغاز على السواحل الصومالية".
ثمن الانعزالية البلهاء
ورأت منصة (الموقف المصري) في تعليقها على المصالحة المعلنة في تركيا بين الصومال وإثيوبيا على شرط تركيا السالف، هو ثمن انعزالية، موضحة أن ذلك ضمن سياق أصحاب شعار (مصر أولاً) قائلة "..مئات من الصفحات واللجان الإلكترونية بتاعت أنا مصري مش عربي، واحنا أولاد كيميت، ومصر أولاً، بتنشر بوستات وأفكار من نوع أمن مصر يبدأ عند الحدود المصرية، وملناش دعوة بالي بيحصل في غزة، وملناش دعوة بالي بيحصل في السودان، وملناش دعوة تقريبًا بالعالم كله".
وأوضحت أن "..الأمن القومي المصري حاليًا يعاني من تهديدات سواء من جهة منابع النيل، أو من جهة ليبيا، أو من جهة السودان، وحاليًا حتى في سوريا وفلسطين، هو صورة عن تمن الأفكار المدمرة دي، ومن يقفون وراءها من مُشغّلي تلك اللجان الإلكترونية".
وأضافت المنصة الليبرالية أن "مصر منذ عهد المخلوع مبارك جرى تقزيمها، وبدأت تتعامل مع القضايا الإقليمية بدون رؤية إستراتيجية، وإنما بمنطق علاجي، كل ما تحصل مصيبة نشوف هنعالجها إزاي، لكن مفيش رؤية.".
مشكلة النظام الحالي
وعددت المنصة تفسيرات حالية للانعزالية البلهاء موضحة أن "النظام" حاول أن يستدرك بعض المشكلات الي ورثها عن النظام السابق، من خلال استعادة التواجد في إفريقيا وبناء نفوذ فيها عند منابع النيل وفي القرن الإفريقي، وبناء علاقات قوية مع الجيش السوداني والأطراف المختلفة في ليبيا، مستدركة أن "..النظام واجه 3 مشكلات واضحة، أولاً طبعًا الهشاشة الاقتصادية والديون التي تقيدنا وتجعلنا مرهونين للأسف الشديد وبوضوح قاسي للدائنين وعلى رأسهم السعودية والإمارات".
وتابعت أن المشكلة التانية والخطيرة أن النظام الحالي لا يقدم أي وعود إيجابية للشعوب، فلا ديمقراطية، ولا تحرر وطني، ولا تنمية، وبالتالي النموذج السياسي لمصر اليوم ليس "نموذج كويس لأي شعب ليحاول يكون مثلها".
المشكلة التالتة رأت أنها تكمن في غياب الرؤية الواضحة لاستعادة موقعنا القيادي في العالم العربي.. معتبرة أن مكانتنا العربية كانت تعطينا القوة والدعم والشرعية والمكانة للتدخل في إفريقيا وفي العالم الثالث كله.
وخلصت إلى مسببات الانعزالية البلهاء أنه بقاء الوضع السياسي في الداخل على حاله، "يدار على طريقة أحزاب العرجاني ومستقبل وطن"، وأنه "ولا داعي وقتها للوم الأتراك أو السعوديين أو غيرهم على ما نضيعه بأيدينا".