في تصريح أثار الجدل والاستنكار، انتقدت عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية النظام المصري بشأن سياساته المتعلقة بآثار البلاد، مشيرة إلى أن هذه السياسات تؤدي إلى تدمير التراث المصري الذي لا يقدر بثمن. ويأتي هذا الانتقاد وسط مشروعات تطويرية وإنشائية تُنفذ في مناطق أثرية حساسة، مما يهدد بتشويه أو إزالة مواقع أثرية تعتبر جزءًا أساسيًا من الهوية والتاريخ المصريين، ويثير المخاوف حول فقدان معالم أثرية فريدة للأجيال القادمة.

قضايا الآثار في ظل التطوير العمراني
خلال السنوات الأخيرة، شهدت مصر موجة من مشروعات التطوير العمراني والبنية التحتية، شملت إقامة جسور وطرق جديدة وحتى مشروعات إسكان بالقرب من المواقع الأثرية. وبينما يعتبر البعض هذه المشروعات ضرورية لتحسين حركة المرور والتنمية الاقتصادية، يرى منتقدون أن هذه التطويرات تأتي على حساب التراث الثقافي، حيث تعرضت بعض المناطق الأثرية للتهديد أو التشويه بسبب هذه الإنشاءات.
وتثير هذه السياسات تساؤلات حول جدوى تطوير البنية التحتية على حساب المعالم الأثرية، حيث يرى الكثيرون أن الحفاظ على التراث يجب أن يكون على رأس الأولويات، لا سيما في بلد يعتمد بشكل كبير على السياحة الثقافية كمصدر رئيسي للدخل القومي.

أبعاد اقتصادية واستراتيجية لقيمة الآثار
ترى عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية أن الآثار المصرية ليست مجرد معالم تاريخية، بل تعتبر ثروة اقتصادية ومصدرًا رئيسيًا لجذب السياح من جميع أنحاء العالم. فكلما تم الحفاظ على هذه الآثار وصيانتها، زادت قدرتها على جذب المزيد من السياح وزيادة عائدات السياحة، ما ينعكس إيجابيًا على الاقتصاد المصري. لذلك، فإن أي إضرار بهذه الآثار يمكن أن يضر بصورة مصر الدولية ويؤدي إلى تقليل إقبال السياح على زيارة البلاد، وبالتالي يهدد اقتصادها.
تعتبر الآثار جزءًا من القوة الناعمة لمصر، إذ تساهم في تعزيز مكانة البلاد الثقافية والتاريخية في المجتمع الدولي. وتجاهل النظام لأهمية هذه القوة الناعمة قد يكون له انعكاسات سلبية على العلاقات الثقافية والسياحية مع الدول الأخرى، مما يتطلب مراجعة فورية للسياسات المتعلقة بإدارة وحماية الآثار.

التناقض بين المصالح الاقتصادية والالتزامات الثقافية
يبدو أن هناك تناقضًا في رؤية النظام لمصلحة البلاد الاقتصادية، ففي حين يروج لمشروعات البنية التحتية باعتبارها تحسينًا للاقتصاد، فإنه يضحي بقيم ثقافية وتاريخية لا تقدر بثمن. وفي هذا السياق، أكدت العميدة أن هذه السياسات لا تعكس فهمًا حقيقيًا للقيمة الثقافية والاقتصادية للتراث، مشيرة إلى أن النظام يسعى لتحقيق أرباح سريعة من خلال هذه المشروعات، دون اعتبار للأضرار بعيدة المدى.

وأشارت العميدة إلى أن تدمير أو تشويه الآثار التاريخية هو إهدار لموارد لا يمكن تعويضها، لأن هذه المعالم تعتبر شاهدًا حيًا على حضارة تمتد لآلاف السنين، وبيع أو تخريب الآثار يمثل خسارة فادحة للتاريخ الوطني والهوية المصرية.

الحاجة إلى سياسات أكثر مسؤولية وشفافية
في ظل التدهور الذي تشهده بعض المواقع الأثرية، دعت العميدة إلى ضرورة تبني سياسات أكثر شفافية ومسؤولية في إدارة ملف الآثار. وأكدت أن الحكومة يجب أن تولي اهتمامًا أكبر للمحافظة على هذه المعالم، وتجنب اتخاذ قرارات تفتقر للتخطيط السليم.

وأضافت أن تطوير البنية التحتية يجب ألا يكون على حساب التراث الثقافي، بل يجب إيجاد حلول مبتكرة تحترم تاريخ مصر وتحافظ عليه للأجيال القادمة. فالآثار ليست ملكًا للحكومة أو النظام فحسب، بل هي إرث للشعب المصري وللعالم بأسره.

واقترحت العميدة أن يتم إشراك خبراء الآثار والمتخصصين في التخطيط العمراني لضمان حماية المواقع الأثرية، كما دعت المجتمع الدولي للتدخل والضغط على الحكومة المصرية لتعديل سياساتها تجاه الآثار.

الخاتمة
يبدو أن سياسات النظام الحالية تجاه الآثار المصرية تتسبب في إثارة المخاوف والاستياء من قبل العديد من المثقفين والمواطنين، حيث تتعارض مع مسؤولية حماية التراث التاريخي. وفي ضوء هذه الانتقادات، يظل السؤال مطروحًا: هل ستتخذ الحكومة خطوات جادة للحفاظ على الآثار؟ أم أن استنزاف هذه الكنوز سيستمر دون اعتبار للقيمة التاريخية والثقافية التي تمثلها لمصر والعالم؟