يرى مراقبون أنه ليس أدل على أننا بتنا في نكسة من خطاب السيسي السبت في العاصمة الإدارية وهو يؤكد أننا بما نعيشه من أزمات في مرحلة شبيه "بده" (عدى النهار) أو النكسة أو 67، وهو ما صدّق الإعلان المفاجئ من مصطفى مدبولي بشأن "إمكانية إعلان اقتصاد الحرب في حال استمرار الأوضاع الإقليمية"

ويؤكد المراقبون أن اقتصاد الحرب يعتمد على التقشف المستمر وإعادة تقييم دائمة للصادرات والواردات، كما يوضح أنه في حالة اقتصاد الحرب، يجب على جميع قطاعات المجتمع – بما في ذلك الأطباء والمهندسين-، أن تسهم في المجهود الحربي، ما قد يخلق نوعًا من السيطرة العسكرية على الأمور السياسية زيادة على الوضع القائم فعليا.

وطبقت مصر اقتصاد الحرب خلال الفترة من 1967 إلى 1973 بعد نكسة 67، حيث انخفض الاستهلاك وترسخت حملات تشجيع الادخار والمنتج المحلي والتبرع للمجهود الحربي.

 

ويمر اقتصاد الحرب بثلاث مراحل رئيسية: الاستعداد، ومواجهة العدو، وإعادة الإعمار بعد الحرب.ا

 

الجمود الاقتصادي

بحسب المراقبين فإن اقتصاد الحرب يعني الوصول لمرحلة الجمود الاقتصادي،

وقد وضع المستشار الاقتصادي عبد النبى عبد المطلب، سمات لهذا النمط الذي يروجه السيسي.

وقال: "..يعني السيطرة الكاملة للسلطة على كل شريان اقتصادي ينبض في البلاد، ليصبح الاقتصاد محكومًا بأولويات المعركة".

واعتبر أن "تقييد الاستيراد في هذه الحالة يصبح قيدًا خانقًا، إذ لا يسمح بدخول السلع إلا في حالات نادرة وضرورية، ما يؤدي إلى حالة من الجمود الاقتصادي وتوقف عجلة الإنتاج، الاقتصاد لا يتحمل هذا الخنق".

وأشار أيضا إلى أن "..منع التصدير يقضي على فرص تدفق المواد الخام ومستلزمات الإنتاج إلى المصانع، وينجم عن ذلك ارتفاع جنوني في الأسعار".

لا رحمة

وأكد "عبدالمطلب" في حواره مع موقع "زاوية ثالثة": أن اقتصاد الحرب لا يرحم، فحتى أبسط الاحتياجات اليومية للمواطن توزع عبر الكوبونات، ليصبح الخبز والزيت والبنزين محصورين بين أصابع السلطة، ويسحب من المخزون الاستراتيجي وفق معايير صارمة، حيث لا مجال للعبث أو التساهل.

المخزون يتحول إلى ما يعرف بـ"مخزون الحرب"، وهو سلاح السلطة في مواجهة الأزمات، لا يستنزف إلا في حالات الضرورة القصوى.

وحذر من أن المواطن المصري سيكون هو المحارب الصامت في هذه المعركة، إذ سيتحمل كل الأعباء الثقيلة وحده، مع ضبابية الموقف فيما يخص دعم الصناديق السيادية أو الخاصة بالقوات المسلحة.

مؤكدًا: "نحن لا نعرف كم تحتوي صناديق الدولة أو الصندوق السيادي من مليارات، وأعتقد أنه لن يكون هناك تدخل لتخفيف الضغط عن المواطن. كل هذه الأعباء ستسقط على عاتق المواطن، ولن ينجو منها أحد."

 

3 سمات أبرزها زيادة الضرائب والأسعار

الباحث كريم العمدة رئيس الوحدة الاقتصادية في مركز التحرير للدراسات في تصريحات صحفية اعتبر أن التصريحات التي أدلى بها رئيس وزراء السيسي "غير موفقة تمامًا"، مستبعدا أن تكون مصر في حالة حرب فعلية، وأن مفهوم اقتصاد الحرب يتطلب توازنًا اجتماعيًا واقتصاديًا، إضافة إلى تعبئة الموارد لدعم المجهود الحربي.

ودعا إلى ضرورة "أن يتمتع البلد بـ مخزون سلعي كافٍ، وأن تبذل الجهود لترشيد الواردات وزيادة الموارد من النقد الأجنبي، مع الاعتراف بأن "اقتصاد الحرب" يختلف من دولة لأخرى بناءً على مستوى التورط في الصراعات وتأثير ذلك على السلع الأساسية للمواطنين".

 

وعن سمات اقتصاد الحرب أشار إلى اتخاذ الدول إجراءات صارمة خلال حالات الطوارئ مثل:

- تحويل موازنات الدولة إلى التسليح

- تقنين السلع الأساسية.

- فرض ضرائب جديدة وأسعار استثنائية.

التعويم حرب فعلية

أشار الإعلامي أسامة جاويش، عبروفي تغريدة عبر منصة إكس إلى أن: ".. مصر شهدت منذ 2016 تطبيق إجراءات تقشفية شبيهة باقتصاد الحرب، إذ زادت نسبة الإنفاق العسكري وفرضت ضرائب كبيرة على المواطنين، بينما تستمر الحكومة في ترشيد الدعم وزيادة أسعار الوقود والخدمات"،

وأشار إلى أن حكومة السيسي تنفق بسخاء على مشروعات لا تحقق فوائد ملموسة، وتغلق المصانع المتعثرة".

وتساءل: "هل يتطلب تفعيل اقتصاد الحرب اليوم أن يتحمل المواطن المزيد من الأعباء، أم سيطلب من الجيش والصناديق الخفية المساهمة في تلبية احتياجات الدولة؟".

 

وفي تقرير للموقع، أشار إلى رغم غياب الحرب المباشرة في البلاد، إلا أن العديد من المصريين يشعرون وكأن السلطة ما زالت تخوض معركة اقتصادية غير معلنة.

فالتضخم المتسارع، وتدهور القدرة الشرائية، مع فرض أعباء مالية جديدة، مثل: الضرائب والرسوم المتنوعة، يجعل من المشهد الحالي أقرب إلى اقتصاد الحرب، إذ يجد المواطن نفسه مضطرًا للتكيف مع واقع صعب يفرض عليه المزيد من التضحيات، وكأن المعركة لم تنته بعد.

في تلك الفترة، كان الهدف هو النصر العسكري، أما اليوم، فإن الصراع يدور حول البقاء الاقتصادي والاستمرارية في ظل ضغوط داخلية وخارجية تزداد تعقيدًا.