بقلم - د/إبراهيم كامل محمد :
الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد ، يا من إليه المستند، وعليه المعتمد
عالياً على العلا فوق العلا فرد صمد منزه في ملكه ليس له شريك ولا ولد
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، ونشهد أن حبيبنا ورسولنا وزعيمنا محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، القائل " إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ شَيْئَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا : كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّتِي وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ " صححه الحاكم وابن حزم والألباني
بينما كنت أُعِد خطبة الجمعة بعنوان " كيف نفهم العزة " ، وبينما كنت مشغولا بترتيب العناصر لها ، اتصل بي أخ كريم من القائمين على مسئوليات الجامعة الإسلامية الأمريكية بولاية متشجن ، والتي أشرُفُ بتدريس العلوم الشرعية فيها منذ سنوات ، وأخبرني بمقالة الدكتور السرجاني ، فقلت له في الحقيقة لم أقرأْه ولم يبلِّغنِ به أحد ، المهم قرأت المقالة لكني لم أستغربها – خاصة في ظل هذا الصمت الرهيب الذي لم أعهده على أخينا الدكتور السرجاني من قبل ، ولي بعض الوقفات الحديثية وليست الفقهية وإلا سيطول الشرح وتتعدد الأدلة
أولا : عنوان المقالة " والله أعلم بالظالمين "
حيث استشهد بهذه الآية داخل المقالة وقال بأن الظالمين أنواع ، وهذه الآية هو قوله تعالى " قل لو أن عندي ما تستعجلون به لقضي الأمر بيني وبينكم والله أعلم بالظالمين " الأنعام 58 .
والحقيقة أن الآية لم تأت لتبين أنواع الظالمين ولكنها جاءت لفضحهم ، حيث يقول صاحب التحريروالتنوير " وجملة والله أعلم بالظالمين تذييل ، أي الله أعلم مني ومن كل أحد بحكمة تأخير العذاب وبوقت نزوله ، لأنه العليم الخبير الذي عنده ما تستعجلون به . والتعبير بالظالمين إظهار في مقام ضمير الخطاب لإشعارهم بأنهم ظالمون في شركهم إذ اعتدوا على حق الله ، وظالمون في تكذيبهم إذ اعتدوا على حق الله ورسوله ، وظالمون في معاملتهم الرسول صلى الله عليه وسلم " وفي تفسير الجلالين " «قل» لهم «لو أن عندي ما تستعجلون به لقُضي الأمر بيني وبينكم» بأن أعجله لكم وأستريح ولكنه عند الله «والله أعلم بالظالمين» متى يعاقبهم " وفي التفسير الميسر " قل - أيها الرسول-: لو أنني أملك إنزال العذاب الذي تستحجلونه لأنزلته بكم، وقضي الأمر بيني وبينكم، ولكن ذلك إلى الله تعالى، وهو أعلم بالظالمين الذين تجاوزوا حدَّهم فأشركوا معه غيره "
ثانيا : لم يبين فضيلته أنواع الظالمين ، وتحت أي صنف يمكن أن نصنف به هؤلاء الانقلابيين المارقين من الدين
هل لأنهم منعوا المسلمين عن المساجد وغلَّقوها والله يقول " وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ " البقرة 114 .
أم لأنهم منعوا الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والله تعالى أمرنا بها " إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيا الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " الأحزاب 56 ، ويقول سهل بن عبدالله " الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم أفضل العبادات؛ لأن الله تعالى تولاها هو وملائكته ثم أمر بها المؤمنين وسائر العبادات ليس كذلك "
أم لأنهم قتلوا المسلمين بغير ذنب اقترفوه غير أنهم يقولون ربي الله ، وقاموا بحرقهم وتجريفهم بالجرافات ، والله يقول " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما " النساء 93
ويقول الإمام ابن كثير في تفسير هذه الآية " وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد لمن تعاطى هذا الذنب العظيم الذي هو مقرون بالشرك باللّه في غير ما آية في كتاب اللّه، حيث يقول سبحانه في سورة الفرقان: " والذين لا يدعون من اللّه إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم اللّه إلا بالحق " الآية، وقال تعالى: " قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا " الآية. والآيات والأحاديث في تحريم القتل كثيرة جداً فمن ذلك ما ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : (أول ما يقضي بين الناس يوم القيامة في الدماء)، وفي حديث آخر: (لزوال الدنيا أهون عند اللّه من قتل رجل مسلم)، وفي الحديث الآخر: (لو اجتمع أهل السموات والأرض على قتل رجل مسلم لأكبهم اللّه في النار)، وفي الحديث الآخر: (من أعان على قتل المسلم ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة اللّه )، وقد كان ابن عباس يرى أنه لا توبة لقاتل المؤمن عمداً "
أم لأنهم هتكوا أعراض بناتنا وأخواتنا بعد تغييبهن في السجون ، وقال صلى الله عليه وسلم " فإن الله تبارك وتعالى قد حرم عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم إلا بحقها، كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا، ألا هل بلغت؟ " متفق عليه
وقال قائل :
يـا هاتكًا حرم الرجـال وقاطعًـا سبل الْمودة عشت غيْر مكرم
لو كنـت حرًا من سلالة مـاجد ما كنت هتاكًا لِحرمة مسلـم
إن الزنـا ديـن إذا أقـرضتـه كان الوفا من أهل بيتك فاعلم
مـن يـزن يُزن بـه ولو بجداره إن كنـت يا هذا لبيبًا فافهم
ثالثا : كان من الواجب على فضيلته أن يستشهد بالكتاب والسنة أولا بدلا من الإحالة مباشرة للسيرة النبوية وهناك قرق بين السنة والسيرة
حيث قال فضيلته نصا " ولكن ينبغي عند الرجوع إلى السيرة النبوية أوإلى أقواله وأفعاله صلى الله عليه وسلم ... "
ولقد فاته الترتيب حيث أن الأصل مقدم على الفرع ، وإذا أردتَّ أقواله وأفعاله فإليك بعضها وأنت أعلم ببقيتها ، ففي الحديث " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يبعث معاذا إلى اليمن قال: كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال: أقضى بكتاب الله، قال فإن لم تجد في كتاب الله؟ قال فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم " ضعفه بعض العلماء وصححه البعض ومنهم ابن عبدالبر وابن القيم ، ويكفينا الترتيب النبوي في الحديث الذي ذكرته في الافتتاحية " إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ شَيْئَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا : كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّتِي وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ " سبق تخريجه .
رابعا : الأخطاء الشرعية - التي أكيد لم يقصدها فضيلته - حيث قال " وللأسف الشديد ننسى كل المعايير ونأخذ من القرآن والسنة كل ماجاء عن الظلم فنستخدمه دون فقه ولادراية فنقع في مخالفات جسيمة ونحن نتخيل أننا متوافقون مع السنة النبوية " ولاأدري لماذا تركيزه على الظلم رغم أن الانقلابيين قد تعدَّوْا الظلم الذي يقصده فضيلته – حسن نية الصحابة – وهو قوله تعالى " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " الأنعام 82 إلى الظلم المقصود في قوله تعالى " إن الشرك لظلم عظيم " لقمان ، حيث سعوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد وأهلكوا الحرث والنسل ، وماتركوا حرمة من حرمات الله إلا وانتهكوها ، وعلى كل حال فإن أمامنا :
1 – المعايير النبوية عند انتهاك حرمات الله هو حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها " ما خُيِّرَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بين أمريْن قطُّ إلا أخذَ أيْسرَهما ما لم يكن إثماً، فإن كان إثماً كان أبعدَ الناسِ منه، وما انتقمَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لنفسِه في شيءٍ قطُّ إلا أن تُنْتَهَكَ حُرْمةُ اللهِ، فينتقمَ بها لله " صحيح البخاري ، وفي رواية " ما ضرب خادما قط و لا أمراة ، و لا ضرب رسول الله بيده شيا قط ، إلا أن يجاهد في سبيل الله ، و لا خير بين أمرين إلا كان أحبهما إليه أيسرهما حتى يكون إثما ، فإذا كان إثما كان أبعد الناس من الإثم ، و لا انتقم لنفسه من شيء يؤتى إليه حتى تنتهك حرمات الله عز وجل ، فيكون هو ينتقم لله عز وجل " صححه الألباني على شرط الشيخين
وفي رواية " وما رأَيْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم انتَقَم لنفسِه من شيءٍ إلَّا إن انتُهِكَت للهِ حرمةٌ فإن انتُهِكَت للهِ حرمةٌ كان أشدَّ النَّاسِ غضبًا للهِ " الهيثمي في مجمع الزوائد . فهل هناك أحد أغْيَر من رسول الله على دين الله ، وعلى حرمات المسلمين التي حرك من أجلها الجيوش – هذا ماتعلمناه من فضيلتك في سلسلة السيرة النبوية – والتي ستكون حجة على فضيلتكم ( رغم أنني أَسَن منكم )
وأذكرك بحديث سعد بن عباده " قال سعد بن عبادة : قال لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح عنه فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أتعجبون من غيرة سعد فوالله لأنا أغير منه والله أغير مني من أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن " البخاري
2 – إنه من المستحيل أن يتضارب كتاب الله مع سنة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لأن السنة موضحة له ومفسرة ومفصلة لمجمله كأوقات الصلاة وعدد الركعات وأنصبة الزكوات وللحديث النبوي " وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ " وقال صلى الله عليه وسلم " ألا هلْ عسى رجلٌ يبلغُه الحديثَ عنِّي وهوَ متكئٌ على أريكتِهِ ، فيقولُ : بيننا وبينكم كتابُ اللهِ ، فما وجدنَا فيهِ حلالا استحللنَاهُ ، وما وجدنا فيهِ حرامًا حرمناهُ ، وإنْ ما حرَّمَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ كمَّا حرَّمَ اللهُ " الترمذي وصححه الألباني .
3 – مع احترامي الشديد لعلم فضيلته – في التواريخ الإسلامية والسَّيَر – إلا أنه يجب عليه أن يترك باب الفقه لأصحابه من أهل الفتوى .
خامسا : استشهاده بحديث حذيفة رضي الله عنه " قلتُ : يا رسولَ اللهِ ، إنا كنا بشرٌ ، فجاء اللهُ بخيرٍ ، فنحن فيه ، فهل من وراءِ هذا الخيرِ شرٌّ ؟ قال ( نعم ) قلتُ : هل من وراءِ ذلك الشرِّ خيرٌ ؟ قال ( نعم ) قلتُ : فهل من وراءِ ذلك الخيرِ شرٌّ ؟ قال ( نعم ) قلتُ : كيف ؟ قال : يكون بعدي أئمةٌ لا يهتدون بهدايَ ، ولا يستنُّون بسُنَّتي . وسيقوم فيهم رجالٌ قلوبُهم قلوبُ الشياطينِ في جُثمانِ إنسٍ . قال قلتُ : كيف أصنعُ يا رسولَ اللهِ ؟ إن أدركت ذلك ؟ قال ( تسمعُ وتطيع للأميرِ ، وإن ضَرَب ظهرَك ، وأخذ مالَك ، فاسمعْ وأطعْ ) مسلم
ورأيت من باب الأمانة أنني أشعر بأن أخي الدكتور السرجاني يلوي عنق النصوص ، لغرض ما – والله العليم – وإن شاء الله يكون حسنَ النية كما عهدناه ، فمن هو الأمير الذي له حق السمع والطاعة وإن ضرب ظهري وأخذ مالي ، هل هو فخامة الرئيس الشرعي للبلاد الأستاذ الدكتور محمد مرسي الذي يطلق عليه الإمام ، أم هو الخائن المنقلب على الحاكم المسلم ، وباع ضميره في سوق العبيد ولو كان فضيلته منصفا لذكر بقية الروايات حتى يستبين الحق تماما ، لذا أنقل بعضها ، وكل الروايات عن حذيفة رضي الله عنه التي تؤكد عند وجود الخليفة ، أو الإمام الذي اختاره الشعب بكامل الحرية
1 - إن الناس كانوا يسألون رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم عن الخير ، وكنت أسأله عن الشر ، فأحدقه القوم بأبصارهم ، فقال : إني قد أرى الذي تنكرون ، إني قلت : يا رسول اللهِ ، أرأيت هذا الخير الذي أعطانا الله ، أيكون بعده شر ، كما كان قبله ؟ قال : نعم . قلت : فما العصمة من ذلك ؟ قال : السيف . قلت : يا رسول اللهِ ، ثم ماذا ؟ قال : إن كان لله خليفة في الأرض ، فضرب ظهرك ، وأخذ مالك ، فأطعه وإلا فمت وأنت عاض بجذل شجرة . قلت : ثم ماذا ؟ قال : ثم يخرج الدجال معه نهر ، ونار ، فمن وقع في ناره وجب أجره ، وحط وزره ، ومن وقع في نهره وجب وزره وحط أجره . قال : قلت : ثم ماذا ؟ قال : ثم هي قيام الساعة " أبوداود
2 – " فإن كان للهِ يومئذٍ في الأرضِ خليفةٌ جلدَ ظهرَكَ ، وأخذ مالَكَ ، فالْزمْهُ " الألباني في السلسلة الصحيحة بسند حسن
3 – " قلتُ : يا رسولَ اللهِ ، أَيَكونُ بعد هذا الخيرِ شَرٌّ، كما كان قبلَه شَرٌّ ؟ قال : نعم، قلتُ : فما العِصْمَةُ ؟ قال : السَّيْفُ، قلتُ : وهل بعد السيفِ بَقِيَّةٌ ؟ قال : نعم، تكونُ إمارةٌ على أَقْذَاءٍ، وهُدْنَةٌ على دَخَنٍ، قلت : ثم ماذا ؟ ! قال : ثم تَنْشَأُ دُعاةُ الضلالِ، فإن كان للهِ في الأرضِ خليفةٌ جَلَد ظَهْرَكَ، وأخذ مالَكَ ؛ فأَطِعْهُ ؛ وإلا فَمْتُ وأنت عاضٌّ على جِذْلِ شجرةٍ، قلتُ : ثم ماذا ؟ قال : ثم يَخْرُجُ الدَّجَّالُ بعد ذلك معه نهرٌ ونارٌ، فمن وقع في نارِهِ ؛ وجب أَجْرُهُ، وحُطَّ وِزْرُهُ، ومن وقع في نهرِهِ ؛ وجب وِزْرُهُ، وحُطَّ أَجْرُهُ، قال : ثم ماذا ؟ ! قال : ثم يُنْتَجُ المُهْرُ، فلا يُرْكَبُ حتى تقومَ الساعة " الألباني في تخريج مشكاة المصابيح بسند حسن ورجاله ثقات
وقفة مع رواية الدكتور السرجاني :
أولا : رجال الحديث هم محمد بن سهل بن عسكر التميمي ، ويحي بن حسان ، ومعاوية بن سلاَّم . عن أبيه زيد بن سلام ، عن جده أبي سلام عن حذيفة رصي الله عنه "
وأبوسلام هو ممطور الحبشي ، وقال الإمام الدارقطني " هَذَا عِنْدِي مُرْسَلٌ لِأَنَّ أَبَا سَلَّامٍ لَمْ يَسْمَعْ حُذَيْفَةَ " انظر الإلزامات والتتبع ، وأيد هذا الرأي الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم فقال " قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ هَذَا عِنْدِي مُرْسَلٌ لِأَنَّ أَبَا سَلام لَمْ يَسْمَعْ حُذَيْفَةَ وَهُوَ كَمَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ " شرح مسلم ج12 ص237 .
كذلك الفقرة من قوله " وإن ضَرَب ظهرَك ، وأخذ مالَك ، فاسمعْ وأطعْ " فهذه الزيادة ضعيفة لأنها من هذه الطريق المنقطعة ، قال ذلك الوادعي في الإلزامات والتتبع
ثانيا : دعاء حذيفة عند احتضاره أنه لم يشارك غادرا في غدرته ، ويتضح من هذه الرواية " لمَّا احتُضرَ أتاهُ ناسٌ منَ الأعرابِ، قالوا لَهُ: يا حُذَيْفةُ، ما نَراكَ إلَّا مقبوضًا، فقالَ لَهُم: عَبٌّ مَسرورٌ، وحَبيبٌ جاءَ على فاقةٍ لا أفلَحَ مَن ندِمَ، اللَّهمَّ إنِّي لم أشارِكْ غادِرًا في غَدرتِهِ، فأعوذُ بِكَ اليومَ من صاحبِ السُّوءِ . كانَ النَّاسُ يسألونَ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عنِ الخيرِ، وَكُنتُ أسألُهُ عنِ الشَّرِّ، فقلتُ: يا رسولَ اللَّهِ إنَّا كنَّا في شرٍّ فجاءَنا اللَّهُ بالخيرِ فَهَل بعدَ ذلِكَ الخيرِ شرٌّ ؟ قالَ: فقالَ: نعَم قلتُ: وَهَل وراءَ ذلِكَ الخيرِ من شرٍّ ؟ قالَ: نعَم قلتُ: كيفَ ؟ قالَ: سيَكونُ بعدي أئمَّةٌ لا يَهْتدونَ بِهَديي ولا يستنُّونَ بِسنَّتي، وسَيقومُ رجالٌ قلوبُهُم قلوبُ رجالٍ في جُثمانِ إنسانٍ فقلتُ: كيفَ أصنعُ إن أدركَني ذلِكَ ؟ قالَ: تَسمَعُ للأميرِ الأعظمِ وإن ضربَ ظَهْرَكَ وأخذَ مالَكَ " الحاكم في مستدركه بسند صحيح
ثالثا : لماذا لم يذكر الدكتور السرجاني هذه الرواية للإمام مسلم أيضا ومتصلة السند عن طريق أبي مسلم الخولاني الذي سمع من حذيفة رضي الله عنه " كان الناسُ يسألون رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن الخيرِ . وكنتُ أسأله عن الشرِّ . مخافةَ أن يُدركَني . فقلتُ : يا رسولَ اللهِ ! إنا كنا في جاهليةٍ وشرٍّ . فجاءَنا اللهُ بهذا الخيرِ . فهل بعد هذا الخير شرٌّ ؟ قال ( نعم ) فقلتُ : هل بعد ذلك الشرِّ من خيرٍ ؟ قال ( نعم . وفيه دَخَنٌ ) . قلت : وما دخَنُه ؟ قال ( قومٌ يستنُّون بغيرِ سُنَّتي . ويَهدون بغير هديي . تعرف منهم وتنكرُ ) . فقلتُ : هل بعد ذلك الخيرِ من شرٍّ ؟ قال ( نعم . دُعاةٌ على أبوابِ جهنمَ . من أجابهم إليها قذفوه فيها ) . فقلتُ : يا رسولَ اللهِ صِفْهم لنا ، قال ( نعم . قومٌ من جِلدتِنا . ويتكلمون بألسنتِنا ) قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! فما ترى إن أدركني ذلك ! قال ( تلزمُ جماعةَ المسلمين وإمامَهم ) فقلتُ : فإن لم تكن لهم جماعةٌ ولا إمامٌ ؟ قال ( فاعتزلْ تلك الفرقَ كلَّها . ولو أن تعَضَّ على أصلِ شجرةٍ . حتى يدرككَ الموتُ ، وأنت على ذلك " مسلم وبنحوه عند البخاري
وعلى كلٍّ لاأحب أن أكرر ماقاله أخي الأستاذ حازم سعيد بالأمس ، ومن المؤكد أن الجهابذة سيتصدون لإزالة الأورام الخبيثة في هذا المقال وغيره ، ولكني أقول للدكتور السرجاني : سألتك بالله العظيم هل أنت مقتنع بما كتبته هذه المرة ، وهل ستحل مقالتك جزءا من المشاكل أم ستزيدها تعقيدا وأخشى ماأخشاه أن تخسر البقية الذين يرجون الخير في أستاذهم ؟
يادكتور الموضوع بمنتهى البساطة : واحد دخل عليك مكتبك وعزلك من وظيفتك وانتحل شخصيتك ونهب كل أموالك وقتل من معك وانتهك عرض من وقف معك وداس على القرآن وحارب كل المخلصين وقتل إخوانك في غزة هاشم ومنعك من الصلاة في المسجد
يادكتور الحل واحد ولامساومة عليه وهو عودة الرئيس الشرعي ورد كرامة الملايين وعودة الدستور والمجالس المنتخبة والمحاكم الثورية المتمثلة في القضاء الطاهر – المغضوب عليه من الانقلاب – والشعب الرافض لأي انقلاب على الشرع والشرعية ويتم تنفيذ حكم القصاص في هؤلاء المجرمين جميعا
يادكتور أقسم بالله العظيم أن كفار قريش كانوا أرحم من هذا القزم وزبانيته وأقل مايقال فيهم أنهم أصحاب مروءة عربية وخصال يصعب أن توجد منها خصلة واحدة في هؤلاء الانقلابيين ، وأختار أقل خصال الانقلابيين جُرما ، ألا وهي خصلة الكذب الذي اشتهر بها هذا القزم الذي تذبَّب قبل أن يتحصرم – ويقصد به الزبيب فلن يكون زبيبا إلا بعد أن يكون حصرما وإلا سيخرب سريعا – وكذلك هذا القزم ارتقى مرتقا صعبا ليس هو أهلا له، أتذكر موقف أبي سفيان مع ملك الروم في الحديث الطويل عندما قال أبوسفيان " وايم الله لولا مخافة أن يؤثر علي الكذب لكذبت " صحيح مسلم ، وهذا القزم لايستحيي من الله أبدا ، ويحلف بأغلظ الأَيْمان ، ولم يصدق في واحدة منها .
يادكتور أين هي الحكومة المسلمة الآن أوالحاكم المسلم ، هناك حاكم مسلم واحد ألا وهو فخامة سيادة الرئيس محمد مرسي العياط والحكومة الشرعية بقيادة الدكتور هشام قنديل ومجلس الشعب برئاسة الدكتور الكتاتني ومجلس الشورى بقيادة الدكتور أحمد فهمي هؤلاء هم الشرعيون المختارون من الشعب وإلى الشعب . وليس الانقلابي المجرم القزم الذي تفرعن بطائراته ودباباته وجنوده على المصلين العُزَّل
يادكتور ماذكرته لك هنا لم أتعرض بشيء من الفقه فيه ولكني أُحيلك إلى صحيح الإمام مسلم الذي أصَّلت مقالتك على واحد من أحاديثه ، وكأنك أتيت بحديث لم يقرأه العلماء ، وتركت باب حكم من خرج على الحاكم المسلم أومن كانت في رقبته بيعة .... الخ ، وهناك أبواب كثيرة عن حال من يفسد في الأرض أو من خان المسلمين وباع الأوطان وهتك الأعراض .
وأخيرا يادكتور أوجه لك عدة أسئلة تحتاج منك إلى صراحة في الرد :
1 – لِمَ لم تكتب عن هتك الأعراض في سجون الانقلاب ؟ أم ماكتبته اليوم على الموقع عن فضل سنة الضحى هو الأهم ؟ وكيف تدعو لإحياء سنة وتُميت فريضة الدفاع عن العرض ؟
2 – لمَ لم تكتب عن اللوطيين وزواجهم بمنتهى البجاحة وفي مياه باخرة ترسو في مياه نيلنا الحبيب ؟ هل ستذكر في مثل هذا اليوم وقعت هذه المصيبة لأول مرة في مصر ؟ ضمن أجندة الموقع أم لا .
3 – لم لم تكتب عن ظلم السيسي وتعديه على الله عز وجل – مرَّة حضرتك – ومرة – إذا ماكنشي علشان خاطري ؟ أم ستكتفي بقولك والله أعلم بالظالمين لتزيد قُرَّاءك توهانا وتشتتا ، وقد عهدناك حازما .
4 – لماذا لم تكتب عندما رفعوه إلى درجة الأنبياء وترد على المارق الهلالي الانقلابي ؟
5 – لم لم تكتب عن صحف تواضروس وساويرس الذين وصفوا هذا القزم الأزعر بأنه المسيح المخلِّص ؟
6 – لم لم تكتب عن الذين منعونا من الصلاة على رسول الله وجرَّموا أصحابها ؟
7 – لم لم تكتب عن المقتولين والمحروقين والمشردين والمسجونين والمضطهدين والذين نهبت أموالهم وجُمِّدت أرصدتهم ...الخ ؟
8 – أتذكر دستور الراقصين والعلمانيين يادكتور ؟ أتذكر رئيسك الشرعي النقي السريرة ؟ أتذكر الثكالى والمحروقين على موتاهم ؟
9 – أتذكر ليلة سفرك من عندنا في طريقك لمصر ، قبل الانقلاب المشئوم بخمسة أيام ، عندما أخذت بيدك إلى مكتبي وصارحتك قائلا : أنني غير مرتاح هذه المرة لأنها تختلف عن كل مرة سبقَتها – الاتحادية ، المقطم ، وغيرها – وأشم رائحة خيانة من الجيش فهم يدبرون لانقلاب ، ووقتها كانت رابعة تشتعل اعتصاما ، وقلت لك هل ستنزل على إخوانك في الميدان ؟ وكان جوابك طبعا مباشرة وفرحت عندما رأيتك على المنصة ، وفي آخر دقيقة قبل مفارقتك لنا قلت لك إني خائف على الرئيس على غير كل مرة ، فقلت لي لاتخف إن شاء الله سيحفظه الله .
10 – أنصح أستاذنا الدكتور السرجاني أن المرء بلاإخوانه يصبح لاشيء ويصبح كل شيء بإخوانه
وماذكرته فضيلتكم في آخر المقالة تدعوا فيها آخذي القرار إلى الاهتمام بالعلم الشرعي وإلى العودة إلى السنة النبوية فكلنا بحاجة إلى هذه العلوم ولكن من الفقهاء نأخذ الأحكام ومن علماء السير نأخذ العبر
كذلك ولمرات عديدة تلوي عنق النص بقولك " وإذا حدث ووجد مسلم نفسه غير مقتنع بنصيحة قدمها له رسول الله صلى الله عليه وسلم فليتهم عقله وليصحح عقيدته " ولكني لم أقرأ نصيحة من النصائح النبوية مكتوبة ولكن قرأت نصائحك فقط .
يادكتور اتهام العقل والعين وتصحيح العقيدة شيء يمكن أن يُنال بتوبة صريحة صادقة ، فهل تستطيع ذلك ؟ أم الآن لايجوز الخروج على المجرمين الانقلابيين وبالتالي أنت على الصواب وكل العلماء الصالحين على الخطأ ، ولكني أذكرك بآخر كلمات سيادة الرئيس محمد مرسي ألا وهي قول الله تعالى " والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون "