يتأخر الرد التركي على لقاء الجنرال الأمريكي مايكل كوريلا، قائد المنطقة الوسطى (السينتكوم)، يوم الأربعاء بقائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المرتبطة بحزب العمال الكردستاني (PKK)، إذ التقى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان ومدير المخابرات التركي إبراهيم قالن؛ رئيس الوزراء السوري الجديد محمد البشير، وقائد إدارة العمليات أحمد الشرع، في العاصمة السورية دمشق يوم الخميس.

الأهم من ذلك، أن الطائرات التركية شنت هجمات مميتة على القوات الانفصالية صباح الخميس في القامشلي، حيث التقى الجنرال الأمريكي المتورط بمجزرة النصيرات في قطاع غزة بقائد قسد مظلوم عبدي. هجمات تركية دمرت معدات نُهبت من الجيش السوري، كما أسقطت تركيا طائرة أمريكية مسيرة من طراز "MQ-9 Reaper" في محافظة الحسكة، في تحدّ للولايات المتحدة وحليفتها "إسرائيل" التي تواصلت مع التنظيم الانفصالي للتنسيق معه، في حين أشارت مصادر أخرى إلى أن قوات قسد الانفصالية أسقطت الطائرة خطأ، ورفض مسؤولو وزارة الدفاع الأمريكية التعليق على الحادثة، رغم اعترافهم بإسقاط المسيرة.

لقاء الجنرال كوريلا المسؤول عن قتل 300 فلسطيني وإصابة 700 آخرين في النصيرات؛ بمظلوم عبدي، جاء لرسم خطوط حمراء أمام قوات الشرعية السورية، التي أطاحت بنظام الأسد وبخطوط كوريلا الحمراء بتقدمها في منبج ودير الزور والبوكمال ومدينة الرقة، مهددة بإضعاف قسد المقربة من أمريكا، وإفقادها أوراقها التفاوضية ممثلة بمحافظة الرقة ودير الزور والحسكة، التي تمثل 27 في المنطقة من الأراضي السورية، التي تعطي ثقلا ووزنا لقوات قسد لفرض شروط المرحلة الانتقالية، وتحديد هوية الدولة السورية الجديدة عبر إشراكها في العملية الانتقالية والدستورية.

الضغوط العسكرية والسياسية والاجتماعية التي تتعرض لها قسد، وخشيتها من فقدان المحافظات الثلاث لم تنجح في تجاوزها رغم الدعم الكبير، الذي تتلقاه من غرفة العمليات الإسرائيلية والأمريكية، ما دفعها إلى توجيه رسائل إلى القيادة السورية في دمشق برفع أعلام الدولة السورية الجديدة، بدلا من علم التنظيم الانفصالي، في محاولة الالتحاق بالعملية السياسية وتشكيل الحكومة ولجان إعداد الدستور السوري الجديد، قبيل انهيار قوته في الحسكة ودير الزور والرقة.

رغم ذلك، فإن المحافظات الثلاث باتت على وشك التحرر بتأثير من انشقاق المكون العربي من قوات قسد، والانهيارات العسكرية في صفوفها الناجمة عن الضغط التركي، وضغط العشائر العربية وقوات الحكومة السورية الشرعية (قوات إدارة العمليات في دمشق)، التي قابلها الإعلان بتنسيق قسد مع الجانب الإسرائيلي، علما أن الكيان الإسرائيلي لن يتمكن أسوة بقوات قسد من الاشتراك في الحكومة الانتقالية، أو وضع الدستور، فحراك الكيان سيبقى محصورا في استنزاف الدولة السورية عبر تدمير البنى التحتية والعسكرية، وعبر تقويض شرعيتها باحتلال المزيد من أراضي القنيطرة.

الضغوط العسكرية والسياسية والاجتماعية التي تتعرض لها قسد، وخشيتها من فقدان المحافظات الثلاث لم تنجح في تجاوزها رغم الدعم الكبير، الذي تتلقاه من غرفة العمليات الإسرائيلية والأمريكية، ما دفعها إلى توجيه رسائل إلى القيادة السورية في دمشق برفع أعلام الدولة السورية الجديدة، بدلا من علم التنظيم الانفصالي، في محاولة الالتحاق بالعملية السياسية وتشكيل الحكومة ولجان إعداد الدستور السوري الجديد، قبيل انهيار قوته في الحسكة ودير الزور والرقة.

التنظيم الانفصالي حصان طروادة أمريكي تحاول من خلاله واشنطن تحديد ملامح النظام السياسي الجديد في سوريا، فرهان واشنطن على أن إقامة نظام فيدرالي أو كونفدرالي، يعتمد على التنظيم الانفصالي لخلق دولة ضعيفة ممزقة دون هوية حضارية واضحة، مدخلا لتمزيق الجغرافيا السياسية للإقليم واستنزافه.

ختاما.. ترنح قوات قسد وتفكك إطارها السياسي والعسكري وتهالكها هو تحدّ كبير للولايات المتحدة التي استثمرت فيه الكثير إلى جانب "إسرائيل"، فالتنظيم الانفصالي لا يحظى بقبول قسم كبير الأكراد في سوريا والعراق وتركيا، كما أن جزءا كبيرا من الحاضنة الاجتماعية للأكراد السوريين منضوية تحت إطار "المجلس الوطني الكردي السوري" الرافض لقوات قسد، التي تعد امتدادا لحزب العمال الكردستاني (PKK)، الذي قمع المكون الكردي الأصيل صاحب الأرض، واضطهده على مدى سنوات الثورة السورية.