تقترب حكومة السيسي من إقرار قانون جديد يعيد ترتيب منظومة الدعم النقدي والضمان الاجتماعي في أكبر دولة عربية من حيث التعداد السكاني، في وقت يعاني فيه الاقتصاد المصري من أزمات طاحنة.
ورغم التطلعات إلى تحسين الأوضاع الاجتماعية للفئات الأقل دخلًا، إلا أن هذا القانون يواجه انتقادات حادة من خبراء ومختصين في الشأن الاجتماعي، الذين يرون أن بنوده قد لا تساهم في تحسين الأوضاع المعيشية للفقراء بل قد تزيد من معاناتهم.
انتقادات حادة من المعارضين
وصف طلعت خليل، منسق عام الحركة المدنية الديمقراطية، مشروع القانون في صورته الحالية بأنه "خنجر في ظهر الفقراء".
وأوضح خليل في تصريحات له أن "تعريف الفقر في القانون لا يتماشى مع الواقع، ولا يوجد تحديد واضح لخط الفقر"، مشيرًا إلى أن هذا الأمر قد يؤدي إلى تقليص دعم الفقراء ويُعد تخليًا عن دور الدولة في حماية الطبقات الأكثر حاجة.
وتعاظمت مخاوف خليل من أن يكون هذا القانون بمثابة مقدمة لإلغاء الدعم التمويني ومنظومة الخبز، خاصة في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية وزيادة أعداد الفقراء، بما فيهم شريحة واسعة من الموظفين الذين يعانون من تأثيرات الغلاء والتضخم.
وأضاف أن القانون قد يُستخدم أيضًا كأداة لتنفيذ السياسات السكانية للدولة، مما قد يزيد من القلق حول حقوق الفئات الاجتماعية الأكثر تضررًا.
حجج قوية ضد تقييد الدعم
من جانبه، أشار وائل جمال، رئيس وحدة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إلى أن المشروع لا يوفر الحد الأدنى من الدخل للفئات الأكثر فقرًا ولا يضمن تغطية شاملة لجميع الفقراء، ورأى جمال أن الهدف من القانون كان يجب أن يكون توسيع نطاق الدعم، لا تقليصه، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعاني منه المواطنون.
وقال جمال إن “المعايير الأساسية التي يعتمد عليها مشروع القانون لا تعكس واقع الفقر في مصر”، لافتًا إلى أن “الدعم لا يشمل جميع الفئات المتضررة من الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، بل يقتصر على فئات محدودة فقط، مما يعكس غياب خطة شاملة للتعامل مع هذه الأزمة”.
قانون الدعم النقدي وتحديات الواقع الاقتصادي
أحد أبرز الانتقادات التي وُجهت لهذا القانون كانت في ما يتعلق بآلية تقديم الدعم، حيث لم يتم ربط الدعم بتقلبات الأسعار والتضخم، بل يتم مراجعته كل ثلاث سنوات بدلاً من عامين كما كان الحال سابقًا، مما يجعل الدعم لا يتماشى مع التغيرات الاقتصادية السريعة.
كما أن القانون يحدد الدعم على أساس عدد أطفال محدود (طفلين فقط)، مما يزيد من تعقيد الأمور بالنسبة للأسر التي تحتوي على أكثر من طفلين.
وأكد جمال أن المشكلة الأساسية هي أن قيمة الدعم النقدي تبدو مرتبطة بالقدرة المالية للدولة أكثر من كونها تعكس احتياجات الفقراء الفعلية، وهو ما يجعل الدعم غير قادر على التكيف مع الارتفاع المستمر في الأسعار، وأضاف أنه في ظل هذه التحديات الاقتصادية الكبرى، يجب أن يكون الدعم الاجتماعي مرنًا وواسع النطاق ليشمل جميع الفئات التي تعاني من الفقر والحرمان.