أثارت مشاركة رئيس الانقلاب المصري عبد الفتاح السيسي في قمة البريكس الأخيرة جدلاً كبيرًا، حيث وجه انتقادات لعدم تركيزه على دعم القضية الفلسطينية وتجاهله للوضع المأساوي في غزة، في حين كان اهتمامه منصبًا على طلب الدعم والمساعدات الاقتصادية. وجاءت تصريحات رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا كرسالة صريحة حول أهمية دعم القضايا العربية العادلة، خصوصًا القضية الفلسطينية، مما أعطى انطباعًا بأن العالم يتابع عن كثب المواقف المصرية والعربية في المحافل الدولية تجاه قضايا حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية.

تجاهل السيسي لغزة وتركيزه على المعونات
خلال كلمته في قمة البريكس، ركز السيسي على المطالب الاقتصادية، مشيرًا إلى التحديات الاقتصادية الكبيرة التي تواجهها مصر ودعا دول البريكس لتقديم الدعم المالي والاستثمارات لمساعدة الاقتصاد المصري المتعثر. ومع ذلك، لم يتطرق إلى معاناة الشعب الفلسطيني في غزة، رغم التصعيد العسكري والتدمير الذي تتعرض له المنطقة.

أثار هذا التجاهل استياء واسعًا، خاصة بين النشطاء والمؤيدين للقضية الفلسطينية، حيث اعتُبر تجاهل غزة بمثابة تخلي عن المسؤولية الأخلاقية والسياسية تجاه الفلسطينيين، في وقت يتوقع فيه من القادة العرب لعب دور بارز في دعم القضية الفلسطينية في الساحة الدولية. ويرى كثيرون أن اهتمام السيسي يتركز على محاولات كسب الدعم المالي وتهيئة الظروف الاقتصادية لبلاده، دون التطرق إلى التزامات مصر تجاه جيرانها.

موقف رئيس جنوب أفريقيا ونقده للسيسي
بالمقابل، ألقى رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا كلمة حماسية خلال القمة أكد فيها على أهمية الدعم الدولي للقضية الفلسطينية، وضرورة الوقوف ضد الانتهاكات الإسرائيلية في غزة، وخصّ فلسطين بجزء كبير من كلمته، مما أبرز التزام بلاده بالمبادئ الإنسانية والعدالة الاجتماعية.
وبشكل غير مباشر، بدا وكأن رامافوزا يوجه انتقادًا لموقف السيسي وغيره من القادة العرب الذين لم يُبدوا ذات الحماس للقضية الفلسطينية. دعا رامافوزا إلى ضرورة التزام دول العالم بمساندة فلسطين والدفاع عن حقوقها المشروعة، وركز على أن دعم القضية الفلسطينية هو واجب إنساني وسياسي لا يمكن تجاهله، مما جعل خطابه يبدو وكأنه رسالة تذكير بالمسؤولية التاريخية لمصر ودورها الإقليمي المفترض.

ردود فعل وانتقادات
أثارت تصريحات رامافوزا موجة من الانتقادات للسيسي عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبر النشطاء عن استيائهم من غياب موقف مصري قوي يعبر عن التضامن مع الشعب الفلسطيني في محنته، خاصة في ظل القرب الجغرافي والتاريخي بين مصر وغزة.

ووصفت بعض التقارير الخطاب بأنه "درس في الدبلوماسية" حول كيفية اتخاذ موقف قوي ومتوازن تجاه القضايا الدولية العادلة، خاصة من دولة مثل جنوب أفريقيا التي لها تاريخ في مكافحة الظلم والتمييز العنصري، ولديها تضامن طويل الأمد مع قضايا التحرر في العالم. وأبدى كثيرون أسفهم على ما وصفوه بتراجع الدور المصري الذي كان، في السابق، رائدًا في الدفاع عن فلسطين وحقوقها أمام المجتمع الدولي.

التحديات أمام السياسة المصرية
يرى المحللون أن سياسة السيسي المتمثلة في التركيز على تحسين الوضع الاقتصادي قد جعلته يغض الطرف عن العديد من القضايا السياسية التي تتطلب موقفًا واضحًا، وخصوصًا تجاه غزة. كما يُشير البعض إلى أن هناك ضغوطًا دولية على مصر للحد من موقفها العلني تجاه القضية الفلسطينية، ما يجعلها تقف في موقف صعب بين التزاماتها الإقليمية وتطلعاتها لتحسين الأوضاع الاقتصادية.

من جهة أخرى، تؤكد بعض الآراء أن النظام المصري بات يسعى لتعزيز علاقاته الدولية عبر التركيز على القضايا الاقتصادية فقط، متجاهلًا القضايا العربية، وذلك بهدف الحصول على مساعدات واستثمارات لتحسين الوضع الداخلي في مصر، والذي يعاني من تحديات اقتصادية كبيرة. ومع ذلك، تبقى هذه السياسة محل انتقاد، حيث يُعتبر دعم القضية الفلسطينية واجبًا أخلاقيًا لا يمكن التغاضي عنه.

دعوة إلى إعادة النظر في الموقف المصري
بات واضحًا أن غياب موقف مصري قوي تجاه غزة والقضية الفلسطينية قد يؤدي إلى تراجع مكانة مصر في الساحة الدولية. هناك دعوات متزايدة للنظام المصري لإعادة النظر في موقفه وإظهار تضامن حقيقي مع الشعب الفلسطيني. فمثل هذه المحافل الدولية تُعتبر فرصة ذهبية لإيصال صوت الفلسطينيين وتسليط الضوء على معاناتهم في ظل الظروف الصعبة التي يعيشونها.

إن استعادة الدور المصري الريادي في دعم القضية الفلسطينية سيعود بالفائدة على مصر أيضًا، حيث سيعزز من صورتها الدولية ويعيد الثقة بين الشعوب العربية ومصر كدولة قائدة في المنطقة. أما مواصلة التركيز على الجانب الاقتصادي فقط فقد يفقد مصر مكانتها التاريخية، ويجعلها تبدو وكأنها تفضل المصالح الاقتصادية على المبادئ الإنسانية والأخلاقية.
أن تجاهل  السيسى للقضية الفلسطينية أثار خيبة أمل واسعة. ويُتوقع أن يضعف هذا الموقف من دور مصر على الصعيد الإقليمي والدولي، خاصة في نظر شعوب المنطقة التي طالما اعتبرت مصر راعية للحقوق العربية، وخصوصًا القضية الفلسطينية. باتت الحاجة ملحة لأن يعيد النظام المصري النظر في أولوياته، وأن يدرك أن المواقف السياسية الراسخة هي التي تمنح الدول احترامًا دائمًا بين الأمم.