تواجه "عمالة التراحيل"، التي تعد من الفئات الأكثر هشاشة في سوق العمل المصري، تحديات حادة في إطار محاولات دمجها ضمن العمالة غير المنتظمة. رغم توجيه وزير العمل محمد جبران بضرورة ضم هذه الفئة، يبقى التحدي الأكبر هو إجراء الحصر الدقيق لهذه العمالة، التي تعمل في ظروف غير مستقرة ومؤقتة، مما يعقد من فرص الوصول إليها وإدخالها في منظومة الرعاية الاجتماعية.

أزمة الحصر عوائق ثقافية وبيروقراطية: يعتبر مجدي البدوي، نائب رئيس اتحاد عمال مصر، أن ضم عمالة التراحيل يمثل خطوة هامة لمساعدة هذه الفئة التي تعمل تحت ظروف قاسية. ومع ذلك، يواجه الحصر تحديات ثقافية بالدرجة الأولى؛ حيث يتردد العديد من العمال في إدراج أسمائهم في أي كشوف رسمية بسبب مخاوف من الجهات الحكومية، أو بسبب انعدام الثقة في الاستفادة من تلك الإجراءات. وتبرز تجربة شهادات أمان للعمالة غير المنتظمة كمثال على هذه التحديات، حيث رفض عدد كبير من العمال التسجيل رغم دعم رجال الأعمال حينها.

نقد حكومي من المسؤول؟: على الجانب الآخر، يرى وكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، إيهاب منصور، أن المسؤولية عن أزمة الحصر تقع بشكل مباشر على عاتق وزارة العمل والجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء. يشير منصور إلى أن المشكلة الحقيقية لا تكمن في ثقافة العامل نفسه، بل في غياب الوعي الكافي بحقوقه نتيجة تقصير الحكومة في التوعية. وأكد أن أي تحرك جاد لدعم "عمالة التراحيل" يبدأ من عملية حصر شاملة ودقيقة تضمن توصيل المعلومات بشكل واضح، وتوفير برامج توعية وشراكات مع مؤسسات المجتمع المدني لضمان وصول حقوقهم.

مسؤولية مشتركة وفرص ضائعة يبقى السؤال الأهم حول دور الحكومة والمؤسسات في تحسين عملية الحصر. في الوقت الذي يسعى فيه المسؤولون إلى توسيع نطاق العمالة غير المنتظمة لتشمل الفئات الهشة مثل العاملين بالمعمار والباعة الجائلين، لا تزال هناك فجوة كبيرة في جمع المعلومات وإدارة بيانات العمالة غير المنتظمة. وهو ما يستدعي تضافر الجهود بين وزارة العمل والجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء ومؤسسات المجتمع المدني لضمان توسيع نطاق الرعاية الاجتماعية والوصول إلى كافة العمال المستحقين.