أفادت وكالة رويترز، نقلاً عن خمسة مصادر مطلعة، بأن الحكومة المصرية وضعت خططاً لتقليل واردات القمح وخفض الإنفاق على دعم الخبز المدعوم من خلال إضافة الذرة أو الذرة الرفيعة إلى مكوناته. تهدف هذه الخطط إلى تحقيق وفورات مالية قد تصل إلى ملايين الدولارات، إلا أنها تواجه مقاومة من أصحاب المخابز والمطاحن الذين يخشون أن تؤثر هذه الخطوة سلباً على جودة الخبز وتؤدي إلى خسائر مالية.

الضغوط الاقتصادية
تتزايد الضغوط الاقتصادية على مصر، التي تعاني من زيادة في الديون والتضخم ونقص في العملات الأجنبية. وقد اعتبرت الحكومة أن برنامج دعم الخبز يشكل عبئًا كبيرًا على الميزانية، حيث تسعى لإلغاء هذا البرنامج تدريجياً. وبحسب مصادر في قطاع المخابز، فإن أحدث خطة لوزارة التموين، التي عُرضت على أصحاب المخابز والمطاحن في نهاية سبتمبر الماضي، تشير إلى خلط دقيق الذرة مع دقيق القمح بنسبة واحدة إلى أربعة، اعتبارًا من أبريل/نيسان المقبل، مما قد يؤدي إلى توفير نحو مليون طن من القمح.

على الرغم من الآمال في تحقيق وفورات، فإن الحكومة ألغت سابقًا خطة لزيادة معدل استخراج الدقيق من القمح المستخدم في الخبز المدعوم، وذلك بعد معارضة جماعات الضغط في القطاع. يتضح أن استبدال القمح بالذرة ليس بالأمر الجديد، فقد جرت محاولات سابقة لتحقيق الاكتفاء الذاتي، حيث استخدمت مصر الذرة كبديل للقمح قبل أن تؤدي ضغوط مجموعات معينة إلى التخلي عنها.

توفير العملة الصعبة
تقدم خطط إدخال دقيق الذرة كبديل للقمح كفرصة لتوفير العملة الصعبة إذا تم استخدام الذرة المزروعة محليًا بدلاً من الاستيراد. حاليًا، تبلغ تكلفة القمح الروسي، الذي يعتمد عليه السوق المصري بشكل كبير، نحو 220 دولارًا للطن، بينما يصل سعر الذرة إلى حوالي 200 دولار للطن. ورغم هذه الفروق السعرية، يؤكد بعض الخبراء مثل هشام سليمان، المتعامل المقيم في القاهرة، أن الفرق في التكلفة قد لا يتجاوز 35-41 دولارًا للطن، مما يجعل الفوائد المالية المحتملة محدودة.

لكن التحول إلى استخدام دقيق الذرة يمكن أن يؤدي إلى تغييرات ملحوظة في جودة الخبز، حيث سيؤدي إلى إنتاج خبز بملمس ورائحة مختلفة. وفقًا لوزارات التموين والزراعة، تحتاج مصر سنويًا إلى حوالي 8.25 مليون طن من القمح لتوفير الخبز المدعوم لأكثر من 70 مليون مواطن، حيث تحصل على نحو 3.5 مليون طن من المزارعين المحليين وتستورد الباقي.

صفقات غير مسبوقة
مصر تُعد واحدة من أكبر مستوردي القمح في العالم، حيث تنفق نحو 104 مليارات جنيه (2.1 مليار دولار) سنويًا على الواردات، معظمها من روسيا. في محاولة لتأمين احتياجاتها، قامت الهيئة العامة للسلع التموينية، التي تشتري الحبوب الحكومية في مصر، بإجراء أكبر ممارسة لها في أغسطس الماضي، لكنها لم تحقق سوى 7% من الكمية المستهدفة التي تبلغ 3.8 مليون طن.

تسعى الحكومة حاليًا لاستكشاف خيارات مختلفة، بما في ذلك القروض المصرفية لشراء القمح وإجراء صفقات مباشرة مع التجار. وقد حصلت الهيئة مؤخرًا على كمية من قمح البحر الأسود بين نوفمبر وأبريل، مما يشير إلى استمرار البحث عن بدائل لتقليل الاعتماد على الاستيراد.

المعارضة من أصحاب المخابز والمطاحن
تواجه خطة إدخال دقيق الذرة مقاومة قوية من أصحاب المخابز والمطاحن. حيث يعارض أصحاب المخابز هذه الفكرة، مشيرين إلى أن الدقيق الذي يحتوي على نسبة أكبر من النخالة يتطلب أوقات خبز أطول، مما يزيد من تكاليف العمالة. في الوقت نفسه، تعارض المطاحن هذه الخطة لأن مدفوعاتها تعتمد على كمية القمح التي تطحنها، مما يعني أنه من المتوقع أن تنخفض إيراداتها.

تشير بيانات وزارة الزراعة الأمريكية إلى أن مصر تستهلك نحو 15.3 مليون طن من الذرة سنويًا، تُستخدم في تغذية الحيوانات بشكل أساسي. على الرغم من أن الإنتاج المحلي من الذرة انخفض إلى حوالي 7 ملايين طن بسبب تغير المناخ والآفات، أعلنت الحكومة عن خطط لتوسيع زراعة الذرة في مشاريع استصلاح جديدة.

ختاما ؛ تحاول الحكومة المصرية مواجهة الضغوط الاقتصادية المتزايدة من خلال تغيير مكونات الخبز المدعوم، مما قد يؤدي إلى خفض الواردات والتكاليف. لكن هذه الخطط تواجه مقاومة قوية من أصحاب المخابز والمطاحن، الذين يخشون تأثيراتها السلبية على الجودة والإيرادات. إذا لم يتم إيجاد حلول توافقية، فإن المواطن المصري قد يجد نفسه في مواجهة تحول يهدد جودة غذائه الأساسي.