تعيش مصر أزمة حقيقية فيما يتعلق بالأمان على الطرق ووسائل النقل، حيث تحاوط البلاد حوادث مميتة متكررة، سواء على الطرق أو في القطارات، بالإضافة إلى الأوضاع الصحية المتدهورة داخل المستشفيات والسجون. وفي الأيام الأخيرة، أثار حادث مروع وقع لحافلة تابعة لجامعة الجلالة الرأي العام المصري، بعدما أودى بحياة العديد من الأشخاص وأصاب آخرين بجروح خطيرة، ليكون هذا الحادث حلقة جديدة في سلسلة طويلة من الكوارث التي تعصف بحياة المصريين.

تفاصيل حادث حافلة الجلالة
شهدت مصر، وتحديداً في محافظة السويس شرقي القاهرة، حادثًا مروريًا مروعًا عندما انقلبت حافلة تقل طلابًا من جامعة الجلالة، مما أسفر عن مصرع 12 شخصًا وإصابة 33 آخرين. وكشفت التحقيقات الأولية أن الحادث كان نتيجة "السرعة الزائدة"، حيث فقد السائق السيطرة على الحافلة في منحنى خطير على الطريق. ورغم عدم وجود أي مركبات أخرى في المنطقة وقت الحادث، ما يُبعد شبهة تدخل عوامل خارجية، إلا أن سوء تخطيط الطرق والممارسات المرورية غير الآمنة غالبًا ما تكون عوامل مشتركة في وقوع مثل هذه الحوادث.

وزارة الصحة المصرية سارعت إلى إرسال فرق إسعاف إلى موقع الحادث، وتم نقل المصابين إلى المستشفيات لتلقي العلاج. وقد أوضحت الوزارة في بيان رسمي أن 8 مصابين في حالة حرجة يرقدون في غرف العناية المركزة، بينما تتراوح إصابات الآخرين بين كسور وجروح متفرقة في أنحاء الجسم، لكنهم في حالة مستقرة. ويأتي هذا الحادث ليكشف عن ضعف الأنظمة المرورية في مصر وسوء إدارة الطرق، خاصة في الطرق السريعة التي غالبًا ما تكون غير آمنة ويفتقر فيها السائقون إلى الالتزام بقواعد المرور.

حوادث القطارات: مشكلة مزمنة
لم يكن حادث حافلة الجلالة هو الوحيد الذي صدم المصريين في الأيام الأخيرة. ففي اليوم السابق لهذا الحادث، وقع حادث آخر على السكك الحديدية، حيث اصطدم قطار بجرار في محافظة المنيا بصعيد مصر، مما أسفر عن وفاة شخص واحد وإصابة 21 آخرين. ورغم قلة عدد الضحايا مقارنة بحوادث أخرى، إلا أن حوادث القطارات باتت مشكلة مزمنة في مصر، حيث تكررت بشكل مقلق خلال السنوات الأخيرة.

يأتي هذا الحادث بعد أشهر قليلة من وقوع حادث تصادم مروع آخر في مارس الماضي في صعيد مصر بين قطارين، مما أدى إلى وفاة 20 شخصًا. ورغم الوعود الحكومية المتكررة بإصلاح قطاع السكك الحديدية وتطوير بنيتها التحتية، إلا أن هذه الحوادث لا تزال مستمرة، ما يعكس وجود مشكلة بنيوية تتطلب تدخلاً عاجلاً.

وزير النقل، كامل الوزير، أكد في بيان عقب حادث المنيا أن المتسببين في الحادث، سواء كانوا من السائقين أو الفنيين أو المهندسين، سيتم إحالتهم إلى النيابة العامة للتحقيق معهم ومحاسبتهم. ورغم هذا، يبقى السؤال مطروحًا حول ما إذا كانت العقوبات وحدها كافية لوقف هذه الحوادث المتكررة، أم أن الأمر يتطلب إعادة هيكلة شاملة لقطاع السكك الحديدية وتحسين أنظمة السلامة والتشغيل.

حصيلة مأساوية لحوادث الطرق
بحسب تقرير أصدره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في عام 2022، شهدت مصر في عام 2021 زيادة في عدد ضحايا حوادث الطرق بنسبة 15.2% مقارنة بالعام السابق، حيث خلفت هذه الحوادث 7101 قتيل. وهذه الأرقام تعكس حجم الكارثة التي تعاني منها البلاد فيما يتعلق بسلامة الطرق والبنية التحتية المرورية.

تعاني مصر من مشاكل كبيرة في تخطيط الطرق وصيانتها، بالإضافة إلى سوء تدريب السائقين وضعف تطبيق القوانين المرورية. كل هذا يزيد من احتمالية وقوع حوادث مميتة، سواء بسبب السرعة الزائدة أو الحوادث الناتجة عن تصادم السيارات والشاحنات على الطرق السريعة.

الأوضاع الصحية المتدهورة
لا تقتصر مأساة المصريين على حوادث الطرق والقطارات، بل تمتد إلى الأوضاع الصحية المتردية التي تواجهها البلاد. تشهد المستشفيات نقصًا في الإمكانيات الطبية والكفاءات، مما يجعل مواجهة الأزمات الصحية صعبة. كما أن السجون، التي تضم عشرات الآلاف من المعتقلين السياسيين وغيرهم، تعاني من أوضاع غير إنسانية تزيد من حالات الوفاة نتيجة الإهمال الطبي. ويعاني المعتقلون من ظروف صحية قاسية، حيث يتم حرمانهم من العلاج والرعاية الطبية اللازمة، ما يؤدي إلى تدهور حالتهم الصحية.

بات واضحًا أن حياة المصريين أصبحت مهددة في كل مكان، سواء على الطرق أو في القطارات أو حتى داخل المستشفيات والسجون. ورغم الجهود التي تبذلها الحكومة لتطوير البنية التحتية وتحسين الخدمات العامة، إلا أن حجم المشكلة يتطلب حلولًا أكثر شمولية وسرعة. من الضروري أن تتخذ الحكومة خطوات جادة لتحسين الأمان على الطرق والسكك الحديدية، وتشديد الرقابة على تطبيق القوانين المرورية، بالإضافة إلى تحسين الأوضاع الصحية في المستشفيات والمرافق العامة، وتوفير رعاية صحية لائقة لجميع المواطنين، بما في ذلك المحتجزين.
في النهاية، لا يمكن أن يظل المصريون يعيشون في خوف دائم من الموت المفاجئ، سواء كان ذلك على الطرق أو في المستشفيات. يجب على الحكومة أن تتخذ إجراءات عاجلة لإنقاذ حياة مواطنيها وتحسين جودة الحياة في البلاد.