تتوالى الحوادث في مصر، وآخرها حادث تصادم قطارين في محافظة المنيا بصعيد مصر، والذي أسفر عن إصابة 20 راكبًا وفقًا لما أعلنته وزارة الصحة المصرية. هذا الحادث هو حلقة جديدة في سلسلة لا تنتهي من الكوارث المرتبطة بقطاع السكك الحديدية تحت إشراف وزير النقل، الفريق كامل الوزير، والذي أصبح عنوانًا للفشل والإهمال المتكرر.

فساد وإهدار المليارات
على الرغم من الوعود الحكومية المتكررة بتطوير البنية التحتية للسكك الحديدية، لا تزال الحوادث المميتة تتكرر بشكل يثير الغضب الشعبي. منذ تولي كامل الوزير منصبه، تم الإعلان عن مشاريع بمليارات الجنيهات لتطوير السكك الحديدية، ولكن النتيجة الملموسة كانت المزيد من الحوادث والضحايا.

يتهم كثيرون الوزير بإهدار الأموال العامة على مشاريع لا تحقق تحسينات جوهرية للمواطن البسيط. من بين هذه المشاريع الفاشلة، نجد مشروعات النقل الفاخر مثل القطار الكهربائي والمونوريل، التي يُنظر إليها على أنها تخدم فئات محدودة من المواطنين وتأتي على حساب تحسين البنية الأساسية للسكك الحديدية القديمة التي يعتمد عليها ملايين المصريين يوميًا.

المواطن البسيط هو الضحية
في ظل هذه المشاريع الضخمة والمكلفة، يعاني المواطن المصري البسيط من تدهور الخدمات الأساسية التي تمس حياته اليومية. السكك الحديدية التي كانت تمثل شريان الحياة لكثير من الأسر المصرية، أصبحت اليوم مصدرًا للقلق والخوف. وبدلاً من توجيه الاستثمارات نحو تحسين أمان القطارات وتدريب العاملين على السلامة، تُهدر الأموال في مشاريع لا تخدم سوى فئة قليلة وتستنزف الاقتصاد الوطني.

من المفارقات المأساوية أن المواطن المصري، الذي يعاني من ارتفاع تكاليف المعيشة وتدهور الخدمات العامة، يجد نفسه اليوم ضحية لهذه السياسات الفاشلة. كل حادث قطار يذهب ضحيته عشرات من الأبرياء، بينما يتعامل الإعلام الموالي للنظام مع هذه الحوادث وكأنها قضاء وقدر، دون تحميل المسؤولين أي مسؤولية تُذكر.

إلى متى سيستمر التستر على الفساد؟
السؤال الذي يطرح نفسه هو: إلى متى سيظل النظام يتستر على فساد كامل الوزير؟ لماذا لا يتم محاسبته على هذه الكوارث التي لا تتوقف؟ في كل حادث جديد، تتكرر نفس الحجج القديمة: الإهمال الفردي، التقادم في البنية التحتية، أو الظروف الخارجة عن السيطرة. لكن الواقع أن هناك غيابًا كاملًا للمساءلة والشفافية.

في بلد يعاني من أزمة اقتصادية خانقة، يصبح إهدار المليارات على مشاريع غير ذات جدوى رفاهية لا يحتملها المواطن. ومع ذلك، يستمر النظام في دعم كامل الوزير، متجاهلًا الفشل المتكرر الذي تسببت فيه سياساته.

غياب الرقابة والمحاسبة
يُعد غياب الرقابة والمحاسبة أحد أكبر المشكلات التي تواجهها مصر اليوم. في ظل نظام يهيمن فيه الجيش على العديد من القطاعات الحيوية، بما في ذلك قطاع النقل، تصبح المحاسبة شبه مستحيلة. كامل الوزير، كونه شخصية عسكرية سابقة ومقربة من السيسي، يتمتع بحصانة سياسية تجعله بمنأى عن الانتقاد والمساءلة، حتى في ظل وقوع الكوارث التي تهدد حياة المصريين.
هذا الوضع يعكس أزمة أعمق في النظام السياسي بمصر، حيث أصبحت المناصب العليا محصنة ضد أي مساءلة، وحيث يتم التعامل مع الفشل بإنكار أو تبريرات غير مقبولة.

الإعلام الموالي ودوره في التعتيم
الإعلام الموالي للنظام يلعب دورًا كبيرًا في التعتيم على هذه الكوارث. في الوقت الذي كان الإعلام يهاجم الرئيس السابق محمد مرسي وحكومته عند أي حادث بسيط، نجد اليوم نفس الوسائل الإعلامية تتعامل مع حوادث القطارات المتكررة ببرود وصمت مريب. هذا التناقض الواضح بين التعامل مع الكوارث في عهدي مرسي والسيسي يكشف عن مدى تحول الإعلام إلى أداة لتلميع النظام وتبرير فشله.

هل هناك أمل في التغيير؟
في ظل هذا الوضع المتردي، يظل السؤال المطروح: هل هناك أمل في التغيير؟ ما الذي يمكن أن يدفع النظام لمحاسبة المسؤولين عن هذه الكوارث، وعلى رأسهم كامل الوزير؟ الحقيقة أن النظام الحالي يعتمد بشكل كبير على بقاء الأمور كما هي، حيث تظل الحصانة السياسية والفساد المستشري عائقًا أمام أي إصلاح حقيقي.

لكن الضغط الشعبي يتزايد مع كل حادث جديد، ومع تزايد الأزمات الاقتصادية التي تضغط على المواطن البسيط. قد يأتي اليوم الذي يصبح فيه من المستحيل على النظام تجاهل هذه الكوارث المتكررة، وقد يجبر على اتخاذ إجراءات حقيقية لمحاسبة المسؤولين، لكن حتى يحدث ذلك، سيظل المواطن البسيط هو الضحية الأكبر لهذه السياسات الفاشلة.
في نهاية المطاف، تبقى حياة المواطن المصري في خطر مستمر بسبب الفساد والإهمال المتكرر في قطاع السكك الحديدية، وهو القطاع الذي يعاني من تدهور شديد رغم الوعود الحكومية المتكررة. إهدار المليارات على مشاريع فاشلة بينما يظل قطاع النقل الجماعي في حالة يرثى لها، هو جريمة لا تغتفر بحق الشعب المصري. ومن المؤسف أن النظام لا يزال يتستر على هذه الجرائم ويدعم شخصيات مثل كامل الوزير، رغم الفشل المتكرر والضحايا الذين يسقطون مع كل حادث جديد.