أعلنت مبادرة حوض النيل عن دخول الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل (عنتيبي) حيز التنفيذ بشكل رسمي، وهو ما أثار ردود فعل متباينة بين الدول المعنية. في حين رحبت إثيوبيا بهذه الخطوة، وأكدت كل من مصر والسودان أن الاتفاقية غير ملزمة لهما، مشيرتين إلى مخالفتها لمبادئ القانون الدولي.

نجاح تاريخي لإثيوبيا
وصف وزير المياه والطاقة الإثيوبي، هبتامو إتافا، هذا اليوم بأنه "نجاح تاريخي" لدول حوض النيل، مشيرًا إلى أن دخول الاتفاقية حيز التنفيذ يمثل خطوة نحو تعزيز التعاون بين هذه الدول. وأوضح إتافا أن هذه الاتفاقية ستؤدي إلى إنشاء مفوضية حوض نهر النيل، التي ستتولى إدارة الموارد المائية بشكل مستدام وتوزيعها بشكل عادل بين جميع الدول.

مصر والسودان: الاتفاقية غير ملزمة
في بيان مشترك نشرته وزارة الموارد المائية والري المصرية، شددت مصر والسودان على أن المفوضية الناتجة عن الاتفاق الإطاري لا تعكس تمثيل حوض النيل. وجددت الدولتان التزامهما بالتعاون مع الدول الأخرى في إطار المبادئ المتعارف عليها دوليًا، محذرتين من اتخاذ أي إجراءات أحادية قد تسهم في تفكيك العلاقات بين دول المنابع ودول المصب.

وأضاف البيان: "نحن نؤمن بأن استعادة مبادرة حوض النيل لشموليتها هو الطريق الأمثل لتحقيق توافق دائم بشأن إطار وآلية تعاون دائمين لحوض النيل."

السيسي والفشل في إدارة الأزمة
في تصريحاته اليوم، أكد قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي أن "نهر النيل يشكل مصدراً رئيسياً للمياه، والحفاظ على هذا المورد الحيوي هو مسألة وجود". ورغم تأكيده على أهمية المياه واعتبارها قضية حيوية، فإن الجهود التي بذلها السيسي لحل أزمة سد النهضة الإثيوبي خلال السنوات الماضية لم تحقق نتائج ملموسة.

منذ بدء بناء السد في عام 2011، أخفق السيسي في التوصل إلى اتفاق ملزم يضمن حقوق مصر المائية، حيث واصلت إثيوبيا استكمال مشروعها دون الوصول إلى تسوية. وقد أظهرت تقارير أن السد يمكن أن يؤثر على تدفق 55.5 مليار متر مكعب من المياه، وهو ما يمثل نسبة 98% من احتياجات مصر المائية.

في سبتمبر الماضي، وجهت مصر خطابًا إلى مجلس الأمن الدولي، محذرة من أن سياسات أديس أبابا قد تؤدي إلى "آثار سلبية" على دولتي المصب، حيث تشير التقديرات إلى أن 42% من سكان مصر يعتمدون بشكل كامل على نهر النيل.

الخلافات المستمرة حول سد النهضة
تستمر أعمال ملء السد بشكل سنوي، حيث يُقدر أن إثيوبيا قد أتمت عملية الملء للمرة الرابعة في صيف 2024. مما يزيد من التوترات، حيث تطالب مصر بحماية حقوقها المائية. وفي ديسمبر 2023، عادت الأطراف الثلاثة لعقد الجولة الرابعة من المفاوضات في أديس أبابا، لكن دون تحقيق نتائج ملموسة، حيث اتهمت القاهرة إثيوبيا برفض الحلول الوسط.

تعتبر أزمة سد النهضة واحدة من أبرز التحديات التي تواجه حكم قائد الانقلاب السيسي، حيث يواجه انتقادات من معارضيه لفشله في تحقيق أي تقدم على هذا الصعيد. ومنذ عام 2020، شهدت العلاقات المصرية الإثيوبية توترًا متزايدًا، مما زاد من المخاوف بشأن مستقبل المياه في مصر.

توجهات المستقبل
مع دخول اتفاقية عنتيبي حيز التنفيذ، يبقى مستقبل التعاون بين دول حوض النيل محاطًا بالتحديات، في وقت يتطلع فيه الجميع إلى إيجاد حلول مستدامة تلبي احتياجاتهم المائية. إلا أن فشل السيسي في حل الأزمة، وتزايد التوترات بين مصر وإثيوبيا، يعكسان أزمة ثقة عميقة تتطلب جهودًا دبلوماسية قوية ومستمرة لتفادي المزيد من التصعيد.