تُعد تصفية أصول الدولة أحد الأدوات الاقتصادية التي تلجأ إليها الحكومات لتحقيق أهداف مالية معينة؛ وتصفية الأصول تعني عملية تحويل الأصول المملوكة للدولة، مثل العقارات، والشركات، والبنى التحتية، إلى سيولة نقدية من خلال بيعها أو خصخصتها. تستخدم الحكومات هذه العملية لتحقيق عدة أهداف اقتصادية ومالية، منها تقليص الدين العام، أو تحسين الكفاءة الاقتصادية لجذب الاستثمارات؛ وغيرها. في اليونان مثلًا، لجأت الحكومة إلى بيع بعض الأصول العامة كجزء من برنامج الإنقاذ المالي الذي قدمه الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي خلال أزمة الديون التي واجهتها البلاد في العقد الماضي. وفي الهند؛ قامت الحكومة الهندية بخصخصة العديد من الشركات العامة، بما في ذلك شركات الطيران والمصافي النفطية، في محاولة لتعزيز الكفاءة المالية وجذب الاستثمارات وفق  Financial Times.

وفي حالة مصر، أعلنت الحكومة  منتصف يوليو الجاري – ضمن برنامج عملها المُقدم لمجلس النواب-، مشروعًا لإنشاء لجنة تصفية الأصول تتبع وزارة المالية بهدف تحقيق 20 – 25 مليار جنيه سنويًا للخزينة من عائدات التخارج خلال الأعوام المقبلة. وتحويل نسبة 1% من الناتج المحلي الإجمالي من عائدات التخارج إلى الموازنة لخفض دين أجهزة الموازنة.  

لكن ما يثير تساؤلات وردود فعل واسعة في مصر، أن هذه الخطوة جاءت في  ظل التدفقات المالية الكبيرة التي تلقتها مصر مؤخرًا، ومنها 60 مليار دولار بعد صفقة رأس الحكمة والتمويلات الدولية، واتفاقيات استثمارية بقيمة 70 مليار يورو مع الاتحاد الأوروبي مطلع الشهر الجاري.

وأثار ذلك حالة واسعة من الجدل والتساؤلات حول طبيعة عمل اللجنة، وأحقية الحكومة بالتصرف في الممتلكات العامة للدولة، والتداعيات الاقتصادية والسياسية المترتبة على قرارات اللجنة المحتملة، خاصة على مستقبل الأجيال القادمة، في ظل غياب التوضيحات الرسمية بخصوص الأمر.

وقبل أيام من الإعلان الرسمي، كشف صندوق النقد الدولي أن مصر تستهدف في العام المالي 2024-2025 بيع أربعة أصول على الأقل في قطاعي الطاقة والتصنيع، من المتوقع أن تدر عوائد بقيمة 3.6 مليار دولار في شكل تدفقات أجنبية، وأوضح تقرير الخبراء بشأن المراجعة الأولى والثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي، أنه يتم توجيه هذه التدفقات إلى موازنة السنة المالية الجديدة 2024/2025 بهدف تقليص الدين العام.

سددت مصر ثلاثة مليارات دولار لصندوق النقد الدولي في النصف الأول من العام الجاري 2024، وتعتزم سداد 257 مليون دولار أخرى حتى نهاية الشهر الجاري، وقد أعاد الصندوق إدراج مصر على جدول اجتماعات مجلسه التنفيذي اليوم، بعد أن رفعها من الجدول عدة أيام قبل أن يضعها من جديد في الموعد نفسه.

وجاء تشكيل اللجنة ضمن برنامج يهدف إلى تخفيض الدين العام في مسارات قابلة للاستدامة، وذلك باستمرار توجيه الفائض الأوّلي واستخدام جزء من حصيلة التخارج وبرنامج الأطروحات الحكومية لزيادة إيرادات الموازنة لخفض حجم الاقتراض الحكومي، ويستهدف ذلك خفض فاتورة خدمة دين أجهزة الموازنة ليصل إلى (42.6%) من المصروفات العامة في عام 2026/ 2027 ضمن استراتيجية متكاملة، لوضع معدل الدين في مسار نزولي، وفق برنامج الحكومة.

ما الدوافع؟ 
يقول وائل جمال – الباحث الاقتصادي ورئيس وحدة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية- إن الهدف الرئيس يرتكز على حاجة الدولة لتوفير سيولة دولارية، كما هو متفق عليه مع صندوق النقد الدولي، وأيضًا لسداد الدفعات المتأخرة من الديون.

بحسب “جمال” يفتقد القرار الراهن كافة المبررات التاريخية لقرارات الخصخصة. يقول: “القطاع الخاص أقدر على الإدارة، لديه ملكات ترتبط بالتنافسية والتطوير والابتكار أعلى من القطاع العام، خاصة في ضوء وجود مستثمر أجنبي لديه قدرات على استقدام طرق أفضل في الإنتاج، هذه المبررات باتت غير موجودة ومعلنة فقط والواضح أن هناك حاجة مُلّحة لسداد الديون”. 

على مدار السنوات الماضية كان الصندوق السيادي للدولة يختص بشكل أساسي بمسألة إدارة الأصول والاستثمار بها، اليوم انتقلت إدارة الأمر برمته للجنة، والغرض سد عجز الموازنة ولكن بالدولار، لذلك ربما يعتمد الأمر بشكل كبير على مستثمرين أجانب، حسب تحليل خبراء تحدثنا معهم.

وحول التداعيات السلبية لقرارات اللجنة يقول “جمال” إنها تتعلق بمحورين؛ الأول أن الأصول القابلة للبيع عادة تكون أصولًا رابحة، وبالتالي تحرم عملية بيعها الدولة من الأرباح. الأمر الثاني هو أن حصيلة البيع تدخل خزينة الدولة مرة واحدة فقط نظير صفقة البيع، وبعد ذلك تكون الدولة ملزمة بتوفير سيولة دولارية للمستثمر، لجني أرباحه بالدولار وليس بالعملة المحلية، وهذا يمثل عبئًا إضافيًّا.
“لا توجد شروط في عملية تضمن الاحتفاظ بالأرباح لمدة محددة وإعادة استثمارها داخل مصر، لم توقع الدولة أي شروط من هذا النوع، وبالتالي تستفيد الدولة من ثمن البيع مرة واحدة، غالبًا تذهب لسداد الديون، ثم يصبح المستثمر جزءاً من أزمة جديدة؛ لأنه يضغط على الحكومة لتوفير دولار، مثلما حدث في الشركة الشرقية للدخان، على سبيل المثال”. يقول رئيس وحدة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، فيما يصف اعتماد الدولة على تصفية الأصول لحل الأزمة الاقتصادية الراهنة بأنها مسكن مؤقت فقط، وبعد ذلك تتحول إلى مصدر ضغط إضافي وأزمة جديدة للدولة.

 هناك أزمة أخرى وفق “جمال” تتعلق بمستقبل آلية عمل الشركات والأصول التي يتم بيعها، ولا توجد معلومات حول قيمة أو حجم امتلاك الأجانب للشركات منها شركات الأسمدة، وكيف سيؤثر ذلك على السوق المحلية والأسعار، وفي شركة الشرقية للدخان ما حدث أن النسبة الأكبر بالشركة أصبحت للمستثمر الأجنبي (الخليجي) وهي في الأصل شركة محتكرة للسوق، وبالتالي نُقِل الاحتكار من الدولة – حيث يخضع للعديد من الأدوات الرقابية- إلى المستثمر الأجنبي دون أي رقابة، ما يمثل خطرًا فادحًا.

يتساءل مستنكرًا عن الفائدة من بيع شركات وأصول مملوكة للدولة رابحة، وتدر دخلاً على الموازنة العامة، وموجودة بالبورصة وتخضع للرقابة بالفعل؟ وتتحمل بالمقابل توفير عملة أجنبية لأرباح المستثمر، فضلًا عن منح أحقية احتكار السلع داخل الدولة لغير المصريين. يذكر على سبيل ذلك أزمة شركات الدواء، التي تراجعت حصة الإنتاج الرسمي بها إلى أقل من 10%، الأمر الذي تسبب في أزمة كبرى في الوقت الراهن وعدم توفير أي بدائل للعلاج.

يتفق معه أستاذ الاقتصاد السياسي كريم العمدة، ويقول إن مشروع تصفية الأصول منذ عام 2023، والهدف منه تحقيق استثمارات لرفع السيولة الدولارية، لخفض الدين العام ومعالجة عجز الموازنة العامة للدولة، وتعني تخارُج الدولة أو شركات القطاع العام من بعض المشروعات خاصة الشركات والأصول غير المستغلة. 

ويضيف في حديثه معنا: “في ضوء اضطرار الحكومة المصرية للتعامل مع صندوق النقد، يجب الالتزام بالشروط، منها إعادة النظر في الدعم وتخفيض تدخل الدولة في الاقتصاد، وبناء عليه، وفي ظل الظروف الصعبة التي تمر بها مصر لا يوجد مصدر دخل سريع سوى التصرف في الأصول، وتقليل التكاليف على الدولة”.

رغم ذلك هناك بعض القطاعات الاستراتيجية ذات الحساسية مثل المنتجات البترولية والأسمدة يتم أيضًا طرحها للاستثمار الخاص، رغم أنها صناعات واعدة ومهمة، وقد استحوذت الإمارات العربية المتحدة على جزء كبير من هذه الاستثمارات، لكن ليس جميعها تم بيعه، بحسب العمدة: “هناك جزء منها استثمارات مشتركة، مثل قطاع الألمنيوم الذي يُدَار بشكل مشترك”.

ووفقًا لوصفه، يعاني القطاع العام من الفساد والبيروقراطية، وكلما تمكنت الدولة من التخلص من أعباء القطاع العام كلما تمكنت من دفع وتيرة الاقتصاد بشكل أسرع، بالرغم من ذلك قد يتضرر عدد من الموظفين في هذه القطاعات. 

يضيف: أعلنت الحكومة في برنامجها شروعها في رفع كفاءة استغلال الإدارة المحلية الأصول المملوكة لها أو مملوكة للدولة، وتقع في نطاق المحافظة، وصيانتها والتخطيط السليم لتشغيلها، ومن أجل ذلك سيُدَشَّن نظامًا إلكترونيًّا يتضمن حصر تلك الأصول وتكويدها، ثم وضع وصف دقيق لحالة تلك الأصول العامة عن طريق قاعدة بيانات جغرافية؛ بما يضمن استغلال تلك الأصول وتشغيلها والاستفادة من عوائدها، وكذلك عدم تكرار عملية الشراء لذات الأصول، لمنع هدر الموارد المالية. أيضًا- سوف يُضاف كل أصول المشروعات الجديدة التي اُنْتُهِي من تنفيذها، وإدخالها كذلك في خطط الصيانة، بحيث يُوضَع خطط لمدة عشر سنوات لصيانة تلك الأصول، وتحديد تكلفة صيانتها، ومصادر تمويلها. ويوضح البرنامج أن الحكومة قد انتهت من المرحلتين الأولى والثانية من جدول الطروحات المعلن بمعدل تنفيذ 100%، وبلغ إجمالي قيمة ما طرح من الشركات والأصول منذ الإعلان عن البرنامج وحتى الآن نحو 5.8 مليارات دولار.

يتزامن المشروع الحكومي كذلك مع تحركات لنقل كافة المرافق الحيوية؛ بما فيها الوزارات ومجلسي الوزراء والنواب من القاهرة العتيقة إلى العاصمة الإدارية الجديدة؛ ما يفتح الباب واسعًا أمام احتمالات استغلال مرافق وأصول حكومية تقدر بمليارات؛ بما في ذلك أصول استراتيجية مثل قناة السويس، التي نفت الحكومة لاحقًا بيعها مقابل تريليون دولار. 

وفي عام 2023 أعلنت الحكومة المصرية بيع أصول حكومية لشركات قطاع خاص، بقيمة 1.9 مليار دولار حتى الآن ضمن برنامج الطروحات الحكومية، وخلال مؤتمر صحفي، قال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي: “حققنا عقودا مع القطاع الخاص بإجمالي 1.9 مليار، الحكومة تتخارج من عدد من الشركات بإجمالي 1.9 مليار دولار”، مشيرًا إلى أن صافي ما سيؤول للحكومة المصرية من هذه العقود بالدولار هو 1.65 مليار دولار والباقي بالجنيه.
من جانبها، قالت وزيرة التخطيط المصرية السابقة، هالة السعيد، إن الصفقات تضمنت بيع حصص أقلية في ثلاث شركات بـ قطاع النفط والبتروكيماويات لصندوق أبوظبي للثروة السيادية (القابضة إيه.دي.كيو) مقابل 800 مليون دولار، وصفقة لجمع 700 مليون دولار عن طريق زيادة رأس مال شركة تمتلك مجموعة فنادق في مصر، وصفقة بيع حصة 31 % في شركة عز الدخيلة للصلب مقابل 241 مليون دولار.

قبل ذلك، وفي عام 2022 أعلنت الحكومة عن استحواذ صندوق الاستثمارات السعودي على حصص أقلية مملوكة للدولة المصرية في أربع شركات رائدة مدرجة بالبورصة بقيمة 1.3 مليار دولار، وأتى ذلك بعد أربعة أشهر من إعلان القاهرة بيع حصص في خمس شركات للصندوق السيادي الإماراتي مقابل 1.8 مليار دولار، وسبقها بيع حصة مصر في شركتين أخريين للصندوق الإماراتي. علق الرئيس السابق لجمعيتي الاستثمار المصرية والعربية، هاني توفيق، على الأمر قائلًا إن”البيع كان اضطراريًا للسعودية والإمارات لحاجة مصر إلى تسديد أقساط وفوائد ديونها المستحقة”.

وتبدو اللجنة الجديدة مختلفة تمامًا عن برنامج “الطروحات الحكومية” الذي تعهدت فيه الحكومة بطرح حصص في 32 شركة (حكومية) للبيع وتشمل عمليات البيع 18 قطاعا ونشاطا اقتصاديًا.

هل يحق للحكومة بيع أصول الدولة؟ 
أجرت مصر منذ عام 2014 تعديلات قانونية تسمح للحكومة ببيع الأصول، ويحظر قانون تنظيم الطعن على عقود الدولة رفع الدعاوى القضائية من أطراف ثالثة ضد العقود التي تبرم مع الدولة، ويعني هذا أن الأطراف المشاركة في عقود الدولة فقط هي التي يمكنها رفع دعوى قضائية بشأنه ما لم يدان أي من أطراف تلك العقود بجريمة التعدي على المال العام.

كان الرئيس المؤقت السابق عدلي منصور أقر مشروع القانون المثير للجدل في عام 2014، وجاء مشروع القانون عقب ثورة يناير من عام 2011، وهدف عدم التدخل في عقود الدولة (أو تعرُّض أعضاء مجلس الوزراء والموظفين الحكوميين للمقاضاة من آخرين)، لكونهم يعملون للصالح العام.

كانت المحكمة الإدارية قد أحالت القانون إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستوريته، وذلك في إطار دعوى قضائية رفعها قبل سنوات موظفو شركة النوبارية لإنتاج البذور (نوباسيد) ضد قرار الحكومة بخصخصة الشركة. لكن الدستور المصري يلزم الحكومة بحماية ممتلكات الدولة ومقدراتها، وتنص المادة 32 من الدستور على “الثروات المعدنية، والموارد الطبيعية للدولة ملك الشعب، وعوائدها حق له تلتزم الدولة بالحفاظ عليها، وحسن استغلالها، ومراعاة حقوق الأجيال فيها. ولا يجوز التصرف في أملاك الدولة العامة، ويكون منح امتياز باستغلالها، أو التزام مرفق عام بقانون، ولمدة محددة. ويحدد القانون أحكام التصرف في أملاك الدولة الخاصة، والقواعد والإجراءات المنظمة لذلك”.

معلقًا، يصف السياسي والخبير الاقتصادي إلهامي الميرغني، بيع أصول الدولة بأنها جريمة يحاسب عليها القانون، وتعدي على حقوق الأجيال القادمة. يقول في منشور عبر فيسبوك: “أعلنت الحكومة عن توجهها لإنشاء لجنة لتصفية الأصول تتبع وزارة المالية بهدف تحقيق عوائد مالية تتراوح بين 20 و25 مليار جنيه سنويًّا للخزينة العامة للدولة، وذلك من عائدات التخارج خلال الأعوام المقبلة”.

ويضيف: “اسم اللجنة تصفية الأصول، جريمة في حق المال العام ومُلاّك المال العام، ومبلغ 25 مليار جنيه يعني 500 مليون دولار، بينما كانت تصريحات محمد معيط وزير المالية السابق أنه سيتم بيع أصول في حدود 6.5 مليار دولار سنويًا وبيان الحكومة تحدث عن نحو 25 مليار جنيه، ولا نعلم أي الأرقام نصدق؟”.

يتابع: “الحديث عن بيع الأصول أو تصفيتها بهدف تخفيض ديون أجهزة الموازنة العامة، والأرقام جميعها متضاربة، تحدثوا عن تخصيص 1% من الناتج المحلي الإجمالي وبيع الأصول لتخفيض الدين العام، وهذا العام الناتج 17100 مليار جنيه، إذن ما نسبته 1% تساوي 171 مليار جنيه. وإذا كانت الديون المحلية لأجهزة الموازنة العامة في 30/6/2023 من واقع الحساب الختامي بلغت 7119.5 مليار جنيه والديون الخارجية 2545.5 مليار جنيه يعني أننا نتحدث عن 9.6 تريليون جنيه ديون، فكم تمثل الـ 25 مليار جنيه منها؟”. 

ويشرح “الميرغني” عبر تحليله أن موازنة العام الجديد تفيد أن على القاهرة سداد فوائد ديون بقيمة 1834.5 مليار جنيه؛ ما يعني أن قيمة الـ25 مليار المشار إليها تمثل نحو 1.4% من فوائد الدين، لكنه يضيف 1606.1 مليار أقساط مستحقة على القاهرة؛ بما يعني أن إجمالي الأقساط والفوائد سيمثل نحو 3440.6 مليار جنيه، وعليه فإن قيمة تصفية الأصول المزمعة 25 مليار جنيه سوف تمثل نحو 0.7% من الفوائد وأقساط الدين فقط.
في هذا السياق يذكر الباحث الاقتصادي وائل جمال في حديثه معنا أن “مثل هذه القرارات قديمًا كانت تتم من خلال لجان تُقَدّر قيمة الممتلكات والأصول قبل البيع، لا يحدث ذلك في الوقت الراهن، أو لا توجد أي بيانات معلنة عن مثل هذه التفاصيل بمعنى أدق؛ لذلك لا تتسم عملية البيع بأي نوع من الشفافية”.  

غضب واسع
لاقى قرار الحكومة غضب واسع على المستوى الشعبي، إذ شارك عشرات الآلاف منشورات ومطالبات بوقف بيع أصول الدولة عبر منصات التواصل الاجتماعي، وكتب السياسي والكاتب المصري المهندس حسين عبد الهادي: “خَلَعَت السلطة وريقةَ التوت التي كانت تُداري بها تَفريطها في أصول الدولة تحت مُسَّمياتٍ كاذبة مخادعة، وأعلنَتْها صريحةً أخيرًا أنها بصدد تصفية الأصول، يُصبح من العَبث مخاطبة البائع الفاقد للأهلية والمصداقية”.

وأضاف: “أُعلن أنا المواطن المصري/ يحيى حسين عبد الهادي محمد لكل من يتعامل على هذه الأصول، إعلانًا نافيًا للجهالة، أنني لم أفوض أحدًا أَيًا كان لبيع حِصتي في الملكية العامة، وأن الأوكازيون المقام على أصول مصر هو أقرب للتجارة في المسروقات منه إلى البيوعات القانونية السليمة، فهذه البيوعات باطلة وفقًا لكل القوانين المحلية والدولية العادلة، لأنها ممن لا يملك لمن لا يستحق، وأحتفظ بحقي في استرداد أملاكي بمجرد زوال هذا البائع الجاثم على أنفاس الملاك الحقيقيين، فالبيع بلا توكيل، والتوكيل مُزور”.

كذلك كتبت منى مينا، الأمين العام السابق لنقابة الأطباء: “بوصفي مواطنة مصرية لم أفوض أحدًا، ولم أمنح الموافقة ولم تتم استشارتي في بيع حصتي وحصة أبنائي وأحفادي في الملكية العامة، وأخلي مسؤوليتي والتزامي بأي عقود غير دستورية وغير قانونية لبيع الملكية العامة المصرية أملاك الشعب التي يبرمها أي طرف أحادي دون توكيل أو تفويض؛ فهي أملاك الشعب ولا يجوز بيعها دون وجه حق، وتعتبر بيوع خارجة عن القانون المحلي والدولي”.

ومن جهته، قال السفير فرغلي طه، إنه كان من أوائل من كتب ونبّه إلى خطورة بيع أصول مصر، من قصور ووزارات ومبان أثرية وحدائق وأشجار تاريخية، مشيرًا إلى أنه رفض ذلك في حينه، مضيفًا أن البيع تم دون رغبة ودون معرفة ودون رقابة شعب مصر، بأبخس الأثمان، وهو بيع سيؤول معظمه في النهاية إلى أعداء مصر الذين احتلوا أرضها وقتلوا أبناءها، وهم من يريدون تملكها والعودة إليها وفقا لمزاعم دينية بأنها أرضهم.

وفي حين قوبلت قضية بيع الأصول المصرية باحتجاجات على وسائل التواصل الاجتماعي في مصر، تعتزم السلطات المضي قدمًا في خطتها، من دون التفات إلى اعتراضات من مواطنين أو خبراء.