منذ عشرين عامًا بدأت المهندسة منار حلمي، نشاطها التطوعي لإنقاذ الحيوانات الأليفة من كلاب وقطط ضالة بالشوارع، في معظم محافظات مصر، وعملت على تقديم الطعام والأدوية البيطرية اللازمة لعلاجها. عزز من مهمتها ظهور مواقع التواصل الاجتماعي خلال الـ15 عامًا الأخيرة، من خلال مساعدات المتطوعين و تبرعات المانحين.

أصبح التبرع أكثر صعوبة على مدار السنوات الخمس الأخيرة، بسبب انعكاس الأزمة الاقتصادية وارتفاع نسبة التضخم وخفض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار، على أسعار المواد الغذائية والأدوية البيطرية المخصصة للحيوانات، إذ شهدت تضاعفًا ملحوظًا، كما ألقت أزمة نقص الأدوية في مصر بظلالها على أمصال وأدوية الحيوانات وفتحت الباب أمام استغلال مافيا السوق السوداء.

“منذ خمس سنوات كنا نشتري عبوة الدراي فود الألمانية (طعام مجفف مخصص للقطط والكلاب) الـ18 كيلو جرام، بـ500 جنيه، أما الآن يتجاوز سعرها خمسة آلاف جنيه، وهو نوع متوسط من الدراي فود المستورد. وكانت متوفرة لدى جميع المربيين والمنقذين، ونلجأ إليه لسهولة إطعام الحيوانات به كما لا يخلف ورائه روائح كريهة، والبدائل المحلية ليست آمنة، وأيضًا كنا نشتري الجبن المثلثات لإطعام القطط بالشوارع، كان هناك بديل وهو عبارة عن الجبن المثلثات لكن سعره ارتفع من خمسة جنيهات إلى نحو 50 جنيهًا، لذا لم نعد قادرين على الإيفاء بعملنا”.. تحكي منار لـزاوية ثالثة.

وشهد متوسط أسعار الدراي فود ارتفاعًا ملحوظًا في العام 2024، ليتراوح سعر العبوة البالغ وزنها كيلوين جرام، بين 590 إلى 675 جنيه مصري، ويتراوح سعر عبوة وزن الـ10 كيلو بين 1950 جنيه و 2140 جنيه، في حين يصل سعر عبوة الدراي فود البالغ وزنها 20 كيلو إلى 3125 جنيه.

إضافة إلى تضاعف أسعار الأدوية البيطرية، بشكل ملحوظ؛ فإن منقذي الحيوانات الأليفة ومربيها، ومن بينهم منار، أصبحوا يعانون للعثور على كثير من أصنافها، لاسيما حقن المضادات الحيوية وأدوية نزلات البرد ومضادات الحساسية والالتهاب، وتسبب ارتفاع تكاليف الطعام والعلاج في لجوء كثير من مُربي القطط والكلاب من السلالات الجيدة إلى التخلي عنهم وتركهم بالشارع، ما يتسبب في موتهم أو إصابتهم بإعاقات شديدة وجروح نتيجة هجوم الكلاب الضالة عليهم واصطدام السيارات بهم، إضافة إلى عجزهم عن العثور على طعام أو هضم بقايا الطعام الفاسد الموجود بمكبات وحاويات القمامة؛ ما أدى إلى مضاعفة العبء الملقى على عاتق منقذي الحيوانات.

وارتفعت أسعار الأدوية البيطرية بنسبة 50% منذ بداية العام الجاري، كما ارتفعت أسعار تطعيمات الحيوانات بنسبة 105%، لتسجل سعر الجرعة الواحدة 350 جنيهًا حاليًا مقابل 170 جنيها العام الماضى، ويفترض أن تتراوح أسعار تطعيمات الكلاب بين 200 إلى 250 جنيه، لكن نقصها فتح الباب أمام تلاعب السوق السوداء بالأسعار. ويبلغ السعر الرسمي لـ تطعيم السعار من 105 إلى 175 جنيهًا، وتطعيم داء البريميات من 175 إلى 210 جنيهًا، في حين يفترض أن يتراوح السعر الرسمي لتطعيم القطط ما بين 200 إلى 300 جنيه مصري، ويبلغ سعر التطعيم الرباعي للقطط حوالي 250 جنيه، ويتراوح سعر تطعيم السعار للقطط ما بين 150-200 جنيه مصري، سعر تطعيم الديدان للقطط حوالي 50 جنيه، وذلك للقرص الواحد.

“بالنسبة لي أقوم بإطعام نحو 200 حيوان أليف من كلاب وقطط الشوارع، كنت أطهو لهم الأرز أو المكرونة وأخلطها بالبطاطس وأرجل ورؤوس ومرق الدجاج، وكانت تكلفة الكيلو منها تتراوح ما بين جنيه إلى جنيهين، أما الآن وصل سعرها إلى 30 جنيهًا، كما أهتم بعلاجهم ولكن الآن أصبحت التكلفة مرتفعة، حتى أن بعض ملاجئ الحيوانات الأليفة أفلست واضطرت لترك قططها وكلابها في الشوارع، أو توزيع بعضهم على الملاجئ الكبيرة”، تضيف منقذة الحيوانات.

ويبلغ حجم سوق قطاع طعام الحيوانات الأليفة في مصر 12.0 مليار دولار في عام 2023، بحسب بيانات شركة ستاتيستا لأبحاث السوق، وتستورد مصر وجبات للقطط والكلاب بـ350 مليون دولار سنويًا، ويحتل طعام الكلاب الجزء الأكبر من بين أطعمة الحيوانات الأليفة بنسبة 70 %، ويليه طعام القطط، وقد تراجعت واردات مصر من أطعمة الحيوانات إلى حدود 22.5 مليون دولار خلال الأربعة أشهر الأولى من عام 2023، مقابل 48.1 مليون دولار خلال الأشهر نفسها من العام 2022، بتراجع نسبته 53.2%، وفقًا لتقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.



شبح إغلاق الملاجئ
بسمة أحمد، واحدة من أصحاب ملاجئ الحيوانات الأليفة التي تعاني من آثار الأزمة الاقتصادية والتضخم، وبات شبح الإغلاق يهدد الملجأ الخاص بها الذي يضم نحو 500 كلب و100 قطة، ويعرف باسم “روح”، الواقع في منطقة أبو صير بالجيزة، بعد مرور خمس سنوات على افتتاحه، وذلك نتيجة الغلاء.
تتعامل بسمة مع موردين للطعام يوميًا، تتراوح كمياته ما بين 600 إلى 700 كيلو في اليوم الواحد، وتتضمن الوجبات أرجل وهياكل ورؤوس الدجاج، إضافة إلى الخبز والأرز والمكرونة والبطاطس، وجميعها شهدت ارتفاعًا كبيرًا في الأسعار على مدار العامين الماضيين، إضافة إلى كثير من مستلزمات الحيوانات الأليفة وأدويتها. 

“فيما مضى كنت أشتري بودرة للقضاء على الحشرات عند الحيوانات بسعر يتراوح بين 150 إلى 200 جنيه، والآن وصل سعرها 950 جنيه، ونحتاج منها في الملجأ شهريًا نحو عشرة عبوات، كما تضاعف سعر الدراي فود لأربعة أضعاف، ووصلت زيادات أسعار الطعام والأدوية إلى 300%، واضطررت لزيادة أجور عمال الملجأ لمواكبة الغلاء، ولدينا 12 عامل ينقسمون إلى ورديتين إحداهما صباحية والثانية مسائية، ويقومون بإعداد الطعام للحيوانات والتنظيف وإزالة فضلاتهم ويساعدون في إعطائهم الأدوية، تتراوح أجور الواحد منهم بين ثلاثة إلى أربعة آلاف جنيه”، تقول “بسمة” لـزاوية ثالثة.

تؤكد صاحبة ملجأ “روح” أن كثير من مربي الكلاب والقطط أصبحوا يلقون بها إلى الشارع، بسبب تضاعف تكلفة إطعامها لثلاثة أضعاف، وأن ملجأها يضم الكثير من تلك الحيوانات من التي تخلى عنها أصحابها وتم انقاذها من الشوارع، وهي من مختلف السلالات المعروفة، والتي تكون عرضة للموت جوعًا أو خوفًا في الشوارع، أو بسبب حوادث الطرق وإيذاء الكلاب الضالة لهم.

وتضيف: “لا توجد جهة رسمية أو دولية تدعم الملاجئ، وهي تعتمد على التبرعات وأموالنا الشخصية، وبسبب الغلاء لم يعد لدى معظم المتبرعين فائض مادي يسمح لهم بالتبرع للحيوانات، وبالنسبة لي يتكلف إطعام القطط والكلاب في الملجأ الذي أديره خمسة آلاف جنيه يوميًا، أي 150 ألف جنيه شهريًا، ناهيك عن الأدوية والعيادات البيطرية وتكلفة الإيجار والنقل وأجور العمال والنظافة وأنابيب البوتاجاز اللازمة لطهي الطعام وأدوات ومواد النظافة، ومعظمنا كأصحاب ملاجئ مديونين بمبالغ كبيرة وكثير من الملاجئ أغلقت والمتضرر هو الحيوان”.

وتقدر أعداد الكلاب الضالة في شوارع مصر بنحو 30 مليون كلب، وفقًا لتصريحات إعلامية للأمين العام لنقابة البيطريين محمد سيف. ويوجد نحو ثمانية ملايين حيوان أليف تربيه أسر مصرية في منازلها، بينهم حوالي خمسة ملايين قطة وثلاثة ملايين كلب، وفقًا لبيانات الجمعية المصرية لمنع القسوة على الحيوانات (ESPCA)، وبحسب دراسة إحصائية حديثة أجرتها شركة “يورومونيتور إنترناشونال” في 2023، فإن عدد الأشخاص الذين يربون حيوانات أليفة في مصر يبلغ عددهم 10 ملايين شخص، لتتصدر قائمة مربي الحيوانات الأليفة في الدول العربية، وذلك رغم الظروف الاقتصادية السيئة التي تعاني منها البلاد.

وتعتزم السلطات فرض رسوم على إصدار تراخيص الكلاب لا تقلّ عن ألف جنيه، ولا تجاوز 50 ألف جنيه، وغرامة على من يربّي الكلاب داخل المنزل دون ترخيص، تصل إلى نصف مليون جنيه، بحسب اللائحة التنفيذيّة قانون ترخيص حيازة واقتناء الكلاب والحيوانات الضالّة؛ ووفقًا لمنسّق مجتمع مدنيّ معتمد متطوّع في الرفق بالحيوان، ندى حافظ، وهي أحد حضور اجتماعات لجنة وضع مقترحات اللائحة التنفيذيّة؛ فإنّ قانون ٢٩/٢٠٢٣ قيّد الانتهاء من اللائحة التنفيذيّة لبدء العمل بالقانون وحاليًّا تراجع ولم يتمّ الإعلان بعد عن موعد الانتهاء منها وإصدارها، مؤكّدة أنّ مشروع قانون تراخيص الكلاب الّذي ناقشته لجنة التنمية المحلّيّة بمجلس النوّاب، لم يقرّ أو يفعل حتّى الآن، وأنّ تكلفة ترخيص الكلب المعمول بها حتّى الآن طبقًا لمنشور مديريّة الطبّ البيطريّ بالجيزة تبلغ 104 جنيه وثلاثين قرشًا، ويُضَاف ثمن البطاقة الصحية للحيوان بقيمة ثلاثة جنيهات حال عدم وجود بطاقة مع الكلب.



الغرق في الديون
دينا الشوربجي، تناضل هي الأخرى للحيلولة دون إغلاق ملجأ “حياة للحيوانات الأليفة”، بسبب تراكم الديون عليه نتيجة الغلاء الشديد، وقلة المساعدات وتبرعات المانحين، وكثرة  القطط والكلاب الذين تخلى عنهم أصحابهم، ويحتاجون للإنقاذ والمأوى، أو الذين احضرهم أصحابهم إلى ملجأها وتعهدوا بالتكفل ماديًا باحتياجاتهم، لكنهم توقفوا عن السداد بسبب الظروف الاقتصادية؛ ما أوقع الملجأ في مأزق مادي كبير وجعله يغرق في الديون.

تقول دينا لـزاوية ثالثة، إنه إضافة لارتفاع الأسعار فإن كثير من الأدوية البيطرية غير متوفرة ويتم بيعها بالسوق السوداء، ومنها أقراص علاج الجرب والقراض وأدوية المعدة والكبد والكلى والتطعيمات التي يفترض أن يتراوح سعر الواحد منها بين 200 إلى 300 جنيه، وأصبحت تباع بـ650 جنيه في السوق السوداء.
تصف أنها لم تعد قادرة على شراء الدراي فود المحلي لحيوانات الملجأ، البالغ عددها 300 كلب و180 قطة، بعدما قفز سعره من 300 جنيه إلى 800 جنيه، وأنها صارت تعتمد على ما يصلهم فقط من تبرعات غذائية من المانحين، لأنها لا تجد موارد مالية كافية لإنفاق مبلغ يتراوح بين 2800 إلى 3200 جنيه يوميًا لشراء الدراي فود، إضافة إلى أرجل الدجاج (التي أصبحت طعامًا للمواطنين) واللبن والجبن، وتكاليف الإيجار والطاقة والخدمات البيطرية وإصلاح التلفيات، وعمال الملجأ والذين تبدأ أجورهم من ستة آلاف جنيه شهريًا.

“غالبية القطط في الملجأ تخلى عنها أصحابها، وبعضهم أحضروا قططهم بأنفسهم وهجروها، فكانت بعض القطط تموت حزنًا خلال شهرين من تركها؛ لأنها شديدة الحساسية ويمكن أن تصاب بالاكتئاب والصدمة ويفقد الرغبة في الحياة بعد ترك بيته، وقد يتوقف عن تناول الطعام، ويمكن أن يتعرض لتدمير جهازه المناعي ويلتقط الفيروسات والفطرية بسهولة أو يفقد الوزن نتيجة حزنه، وينجو عدد قليل في الملاجئ من تلك القطط المهجورة بعد تجاوزها للحزن، في حين يعني إلقاءها بالشارع وفاتها الحتمية، وتصمد الكلاب بشكل أفضل وتمتلك فرص نجاة أعلى من القطط عند التخلي عنها”، تضيف “الشوربجي” كاشفة عن إفلاس وإغلاق عدد من الملاجئ المعروفة وتركهم لمئات الحيوانات بالشارع، وتم إنقاذ عدد محدود منها في حين مات البعض الآخر أو تُرك للمجهول.

لا توجد إحصائية محددة تظهر عدد ملاجئ الحيوانات الأليفة في مصر، لكن يوجد عدد من منظمات حماية الحيوانات أبرزها: الجمعية المصرية لحماية حقوق الحيوان، الجمعية المصرية للرحمة بالحيوان، الجمعية المصرية لـ معونة ومساعدة الحيوانات، الجمعية المصرية لأصدقاء الحيوان، جمعية رعاية الحيوان في مصر، ملاذ الحيوان، ملجأ الحيوانات في الجيزة، الجمعية الخيرية “بروك”، جمعية سبير (الجمعية المصرية لحماية حقوق الحيوان)، جمعية أصدقاء الحيوان “إيساف”، وجمعية لمسة الحياة.



التوقف عن السداد
المعاناة التي تشترك فيها كل من ملاجئ الحيوانات الأليفة في مصر والمتطوعون لجهود الإنقاذ، في ظل الأزمة الاقتصادية، امتدت أيضًا لتطال فنادق استضافة الحيوانات، والتي أصبح بعضها مهددًا بالإفلاس والإغلاق، ومنها: فندق الرحمة، رغم كونها بالأساس مشروعات تجارية هادفة للربح، وليست خيرية كالملاجئ.

دانية صفوت، المسؤولة بفندق الرحمة للحيوانات الأليفة، تحكي لـ زاوية ثالثة، كيف بدأت أزمة الفندق الذي يقدم منذ سبع سنوات خدمات استضافة أسبوعية وشهرية للكلاب والقطط التي يحضرها أصحابها إليه، ويبلغ عددها حاليًا 150 قطة و120 كلب، نظير مبالغ مالية صغيرة نسبيًا، لا تتجاوز ألف جنيه شهريًا للكلب الواحد و500 جنيه للقطة، في ظل تداعيات الأزمة الاقتصادية وتضاعف أسعار طعام الحيوانات الأليفة لثلاث أضعاف على الأقل، وغلاء الدواجن، مما خلق أزمة في الميزانية المالية.

“كنا نشتري عبوة الدراي فود بسعر 400 جنيه، ولكن وصل سعرها إلى 1200 جنيه، وكنا نتركه أمام الحيوانات طوال اليوم ليأكلوا منه، والآن نضعه لهم  مرتين في اليوم، ونقدم وجبة طازجة من الدجاج أو هياكل الدجاج مضاف إليها الخبز والبطاطس”، تقول دانية، مشيرة إلى أن الكثير من مربي الحيوانات الأليفة في مصر لم يعودوا قادرين على الإنفاق عليها، لذا تخلوا عنها وتركوها في الشارع أو للملاجئ.

وتتذكر دانية كيف بدأ الفندق كمشروع تجاري بمنطقة سقارة في الهرم بالجيزة، لاستضافة الكلاب، قبل سبع سنوات، لكن القائمين عليه قرروا تحويل جزء منه إلى ملجأ خيري للحيوانات الأليفة؛ بحيث ينفق الفندق عليه، لكن الأمور المادية خرجت عن السيطرة بسبب قيام الكثير من عملاء الفندق بترك كلابهم وقططهم والتوقف عن سداد رسوم إقامتهم بعد اسبوع أو اثنين من تركهم، بسبب تأثير الأزمة الاقتصادية عليهم، في الوقت الذي تضاعفت فيه أسعار طعام الحيوانات الأليفة وأدويتها ومستلزماتها.

وتحت وطأة تلك الظروف التي هددت الفندق بالإفلاس اضطرت إدارة الفندق إلى نشر تنويهات تطالب أصحاب الحيوانات الأليفة المتوقفين عن السداد، بسداد ديونهم، كما فتحت باب التبرعات الرمزية لمحاولة صمود مشروعهم والملجأ التابع له، كي لا يلقى مصير آخرين اضطروا للإغلاق.
هجر الحيوانات الأليفة
ومن خلال عملها تلاحظ ندا حافظ – منسقة مجتمع مدني متطوعة للرفق بالحيوان-، زيادة كبيرة في أعداد القطط والكلاب من السلالات المعروفة والتي يقوم أصحابها بالتخلي عنها وتركها بالشارع أو على أبواب ملاجئ الحيوانات الأليفة أو يذهبون بها إلى العيادات البيطرية ويتركونها هناك دون دفع تكاليف العلاج ويرفضون استلامها، بسبب الارتفاع الكبير في أسعار الدراي فود الذي وصل سعر المحلي منه، إلى نحو 2900 جنيه للشيكارة الواحدة، وتجاوز المستورد منه 5860 جنيه مصري، إضافة إلى ارتفاع أسعار الأدوية البيطرية مثل: الدواء مضاد الديدان الذي تجاوز سعر العلبة منه ثلاثة آلاف جنيه، ودواء علاج مرض الجرب الذي يبلغ سعر النصف قرص منه 900 جنيه، والأمصال واللقاحات، كـ اللقاح المضاد للسعار والذي وصل سعره إلى 750 جنيه، ولقاح الثماني الذي تجاوز سعره الـ500 جنيه.

“وجدت الأسبوع الماضي كلب جريفون صغير، في الشارع بمنطقة حدائق القبة في حالة مزرية وهو يدفن نفسه بالرمال لشدة خوفه، وشعره محلوق بالكامل، بعدما ألقت به صاحبته من سيارتها لإصابته بمرض جلدي، بدلاً من تكبد تكاليف علاجه، وفي منطقة المهندسين وجدت كلب جيرمن شيبرد ألماني ألقاه صاحبه في الشارع بعدما أصيب بالجرب، لأنه لم يرغب في دفع 900 جنيه مقابل شراء نصف قرص من الدواء المضاد للجرب لعلاج كلبه، وتمتلئ الملاجئ بـ كلاب جيرمن وهاسكي وجولدن و قطط شيرازي، تركهم أصحابهم في الشارع وعلى أبواب الملاجئ؛ فمثلاً يوجد بأحد الملاجئ الكبيرة 70 كلب جولدن، كما يمتلئ سوق الجمعة في القاهرة، بـ كلاب وقطط من سلالات معروفة يتم بيعها بأبخس الأثمان تتراوح بين 150 إلى 300 جنيه، ويتلقون معاملة سيئة و يتعرضون للإيذاء”.. تحكي ندا لـ زاوية ثالثة.

وتوضح منسقة المجتمع المدني أن حمى ظاهرة هجر الحيوانات الأليفة بدأت في التزايد بشكل ملحوظ مع جائحة كورونا ومخاوف البعض من أن تنتقل العدوى لهم، ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية وارتفاع أسعار طعام الحيوانات والأدوية البيطرية واللقاحات والتراخيص، ما أدى لوجود أعداد كبيرة منها بالشوارع وفي الملاجئ، في ظل غياب ثقافة حقوق الحيوان والرفق به.

وفي الوقت الذي تكافح فيه كل من “بسمة” و”دينا” و”دانية” لإنقاذ ملاجئهم من الغرق وسط الديون والاضطرار للإغلاق على غرار عدد من الملاجئ الأخرى، مُثقلات بهموم توفير المأوى والغذاء والدواء لحيواناتهم الأليفة؛ فإن أعباء منقذات ومتطوعات مثل: “منار” و”ندا” تتزايد في كل يوم مع زيادة أعداد القطط والكلاب التي يتخلى عنها أصحابها، لعجزهم عن الإنفاق على طعامها ودواءها، وفي النهاية تعاني الحيوانات الأليفة في مصر بصمت آثار الأزمة الاقتصادية، التي أثرت عليها بشكل أو بآخر، وتسببت في تشريد الكثير منها ليواجهوا الموت أو يعيشون بعاهات مستديمة، ويواجهون جميعًا مستقبلًا مجهولًا، كما البشر تمامًا.