اضطرت أكثر من 300 مدرسة مجتمعية سودانية تعمل في مصر إلى الإغلاق، بعد حملة قامت بها السلطات، حيث أغلقت عددًا منها وأمرت أخرى بالمثل، وطالبتهم بتقنين أوضاعها والخضوع الكامل لإشراف السلطات المصرية حتى يُسمح لها بالعمل مرة أخرى.    

المدارس المجتمعية السودانية هي مراكز تعليم تُنشئها مجتمعات المهاجرين واللاجئين بجهودهم الذاتية، وأحيانًا بدعم من مؤسسات خدمات اللاجئين، وتهدف للاستجابة للاحتياجات الدراسية لأطفالهم في ظل محدودية السُبل لهم داخل مصر.

العديد من هذه المدارس كانت تعمل لسنوات في إطار قانوني غامض، عبر تفاهمات مع السفارة السودانية في القاهرة وسلطات الأحياء السكنية لتدريس المناهج السودانية للأطفال السودانيين المقيمين في مصر، كما ينضم لها أحيانًا طلاب من جنسيات أخرى من شرق إفريقيا.

ومع ازدياد عدد المدارس والطلاب المُلتحقين بها، خلال الأشهر الأخيرة، إثر اندلاع الحرب في السودان، في أبريل من العام الماضي، والتي دفعت العديد من السودانيين للفرار من بلادهم، أبدى المعلمون وأولياء الأمور السودانيون في مصر ممن تحدثوا إلى «مدى مصر» تأييدهم  لخطوات تنظيم عمل المدارس السودانية، مشيرين إلى المشكلات المتكررة  في نظام المدارس المجتمعية مثل غياب الرقابة، والانقطاعات المتكررة، مما يؤثر على استمرارية العملية التعليمية، فضلًا عن الرسوم الباهظة لبعض الأهالي.

لكنهم أعربوا كذلك عن قلقهم من الغموض الذي يكتنف القرارات الأخيرة، تاركًا أصحاب ومديري معظم المدارس المجتمعية في حيرة حيال الخطوات التي يجب عليهم اتخاذها للوفاء بمتطلبات التقنين التي أعلنتها الحكومة المصرية. ويخشى المعلمون وأولياء الأمور أن يؤدي هذا الغموض إلى إغلاق العديد من مدارسهم لأجل غير مسمى.

تعمل المدارس المجتمعية السودانية في مصر على تلبية احتياجات العديد من أفراد المجتمع السوداني ممن يرغبون في استئناف تعليم أطفالهم من حيث انتهى في السودان، كما يوضح سامي الباقر، متحدث لجنة المعلمين السودانيين، وهي نقابة مستقلة للمعلمين على مستوى السودان. يقول الباقر لـ«مدى مصر» إن بعض الأسر تختار دمج أطفالها في النظام التعليمي المصري، بينما تخشى أخرى من صعوبة انضمام أطفالها إلى المدارس المصرية نظرًا لأنهم لم يلتحقوا بها من البداية، ولذلك تفضل خيار المدارس المجتمعية السودانية.

يشير مصدر يعمل في مجال تعليم اللاجئين بقطاع العمل الإنساني، في حديثه لـ«مدى مصر»، إلى أن بعض الطلاب اللاجئين من جنسيات أخرى، مثل جنوب السودان وإريتريا، يلتحقون هم أيضًا بالمدارس المجتمعية السودانية، نظرًا لتشابه المناهج الدراسية السودانية مع مناهج بلادهم. ويوضح المصدر أن بعضهم يفضل المدارس السودانية تجنبًا للصعوبات التي قد يواجهونها في المدارس المصرية، والتي تتراوح بين العقبات القانونية في عملية التسجيل والتي تعتمد على الوضع القانوني للطالب في مصر، وصعوبات التعامل مع المعلمين والطلاب المصريين باعتبارهم أفارقة، في ظل موجة علنية معادية للمهاجرين واللاجئين في مصر.

وفقًا للباقر، فإن المتطلبات القانونية للمدارس المجتمعية السودانية قائمة نظريًا منذ فترة طويلة، وتشمل الحصول على موافقة مبدئية من وزارتي التربية والتعليم والخارجية السودانية، بالإضافة إلى موافقة  نظيرتيها المصريتين، وسجل ضريبي، ورقم تسجيل تجاري، وتعداد كامل للطلاب والمعلمين المسجلين في المدرسة.

لكن الحكومة المصرية، حتى بدء الحملة، سمحت  لمعظم المدارس بالعمل دون الوفاء بتلك المتطلبات.  يقول الباقر إن معظم المدارس كانت تحصل فقط على الموافقة المبدئية من وزارة التعليم السودانية، وحتى تلك كانوا أحيانًا يتجاهلونها. بخلاف ذلك، كانت المدارس تعمل -وبعضها لسنوات عدة- من خلال تفاهمات مع سلطة الحي في المنطقة التي تقع فيها المدرسة.

يعتمد تمويل المدارس المجتمعية بشكل رئيسي على الرسوم التي يدفعها الطلاب، سواء من يحملون صفة اللجوء الرسمي من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وفي هذه الحالة تسجلهم منظمات مثل هيئة الإغاثة الكاثوليكية في المدارس وتدفع الرسوم نيابة عنهم، أو غيرهم من الطلاب ممن يتكلف أولياء أمورهم بدفع رسومهم، حسبما يشير المصدر من قطاع تعليم اللاجئين. 

يقول معلم في مدرسة مجتمعية سودانية غير هادفة للربح تقع بالقرب من وسط القاهرة لـ«مدى مصر»، إن غالبية طلابها البالغ عددهم 300 طالب هم لاجئون مسجلون، تتكفل هيئة الإغاثة بمصاريفهم، وهذا هو النموذج الذي اتبعته المدرسة، منذ تسع سنوات، بفضل التنسيق مع السفارة السودانية في القاهرة وسلطات الحي، مشيرًا إلى أنهم أيضًا على علاقة جيدة مع وزارة التربية والتعليم المصرية.
يمكن لمدارس مثل تلك، والتي تحمل موافقة مبدئية من وزارة التعليم السودانية، استضافة الطلاب لأداء امتحانات الشهادات الرئيسية -امتحانات المرحلة الإعدادية والثانوية- من خلال السفارة السودانية. عادةً ما يتم دفع رسوم الامتحانات من خلال مدرسة الصداقة في الجيزة، وهي المدرسة المجتمعية السودانية الوحيدة المُقننة في مصر، وفقًا لبيان صدر عن الملحق الثقافي بالسفارة السودانية، في يونيو، حصل «مدى مصر» على نسخة منه.

يدفع الوضع القانوني الهش للمدارس إلى حالة من عدم التنظيم في بعض الأحيان، وفقًا للباقر والمعلمين وأولياء الأمور الذين تحدثوا إلى «مدى مصر»، حيث لاحظ العديد منهم تردي الأوضاع منذ الارتفاع الكبير في أعداد المدارس المجتمعية بسبب الحرب في السودان. وبينما لا توجد إحصاءات رسمية عن عدد المدارس أو المعلمين أو الطلاب المسجلين حاليًا في المدارس المجتمعية السودانية في مصر، يقول المعلم إن المدارس كانت تستضيف حوالي 3000 طالب قبل الحرب، بينما يقدر الباقر أن أكثر من 7000 طالب تقدموا لامتحانات المرحلة الابتدائية هذا العام، ومثلهم لامتحانات المرحلة الإعدادية، ما يعني استضافة ما يزيد عن 14 ألف طالب في نظام المدارس المجتمعية.

تشير معلمة أخرى، عملت في عدة مدارس مجتمعية، على مدار السنوات السبع الماضية، إلى أن تعليم الأطفال في هذه المدارس غالبًا ما يتقطَّع، مما يجعل من الصعب ضمان تأهلهم لامتحانات السفارة. تقول المعلمة لـ«مدى مصر» إن جزءًا من هذه المعضلة يعود إلى الوضع غير النظامي لعدد من المدارس. توضح المعلمة أن بعض تلك المدارس هي في واقعها مجرد أشخاص استأجروا شقة أو شقتين، وجمعوا عددًا من الطلاب كافٍ لاعتباره صف مدرسي، وحصلوا على دعم مبدئي للطلاب ممن يحملون وضع اللجوء من المفوضية وهيئة الإغاثة الكاثوليكية، مطالبين باقي أولياء الأمور بدفع رسوم التسجيل. قد لا تكون الرسوم كافية لاستمرار عمل المدرسة، تقول المعلمة، أو قد يقرر المعلمون فجأة ترك عملهم، أو حتى يغادرون لفتح مدرسة أخرى على مقربة منها بسبب عدم رضاهم عن ظروف ومسار العمل.

وأشارت إلى أن هيئة الإغاثة حاولت فرض المزيد من المعايير على المدارس التي تتكفل الهيئة بدفع رسوم طلابها، وسحبت على إثر ذلك الدعم من المدارس التي قررت عدم استيفائها المعايير التعليمية.

تقول المعلمة إن الشكل الرسمي الوحيد للرقابة الذي يتعين على معظم المدارس التعامل معه هو سلطات الحي. تقوم سلطات الحي بين الحين والآخر بزيارات للمدارس  للسؤال عن وضعها القانوني، عادة بعد تلقي شكاوى عن الضوضاء الصادرة من المدارس المقامة في المباني السكنية، مضيفة أن العاملين بهذه السلطات عادة ما يتلقون رشاوى لإسقاط الشكوى ومن ثم يغادرون دون تبعات أخرى.

ومع الحرب التي دفعت بعض السودانيين ميسوري الحال لترك أحيائهم الراقية في السودان حيث المدارس ذات الجودة العالية، أنشئت كذلك مدارس مجتمعية سودانية أكثر فخامة في مصر في مبانٍ أكبر وأكثر ملاءمة، حسبما تشير المعلمة. تضيف أن الطابع غير الرسمي لنظام التعليم ذلك يجعل الأمور أشد صعوبة للطلاب في هذه المدارس الأكثر طموحًا، التي تقر رسومًا باهظة تضاهي رسوم المدارس «الناشونال» في مصر. تقول علوية، وهي أم سودانية جاءت مع أسرتها إلى مصر في يناير الماضي هربًا من الحرب، لـ«مدى مصر»، إنها تدفع رسومًا تصل إلى 18 ألف جنيه مصري سنويًا في إحدى المدارس السودانية، مؤكدةً أن بعض المدارس الأخرى تقر رسومًا تصل إلى 22 ألف جنيه.

كما تصف علوية بعض المدارس التي تقدم ما يسمى بـ«العام الدراسي الممتد»، حيث يدرس الطلاب بشكل مستمر دون عطلة صيفية لتجاوز أكثر من صف دراسي واحد في السنة. المنطق وراء ذلك، وفقًا للمعلمة، هو أن الطلاب الذين وصلوا إلى مصر مؤخرًا يسعون إلى تعويض تأخرهم الدراسي بسبب الحرب. لكن المعلمة تشير إلى أن ذلك يترتب عليه المزيد من الرسوم للأولياء ويغير من مسار خطة المناهج التي وضعتها وزارة التعليم السودانية.

انكشفت بعض هذه المشاكل في يونيو الماضي، عندما نشرت المواقع الإخبارية أن سلطات محافظة الجيزة ومديرية شرطة مرافق الجيزة أغلقت ثلاث مدارس مجتمعية سودانية في مدينة 6 أكتوبر واثنتين أخريين في منطقة فيصل بسبب العمل بدون ترخيص. أضافت التقارير أن مديري المدارس يخضعون للتحقيق بتهم تشمل «تحويل الوحدات السكنية إلى أنشطة تعليمية يزورها أعداد كبيرة يوميًا دون مراعاة شروط السلامة العامة، وتسبب إزعاج للمواطنين».

لاجئ سوداني تحدث سابقًا إلى «مدى مصر» ذكر أن شقيقتيه، اللتين كانتا تعملان كمعلمتين في مدرسة سودانية، تلقتا مكالمة من ضابط شرطة، في أواخر يونيو، يخبرهما بعدم الذهاب إلى العمل. وفي وقت لاحق من نفس اليوم، أبلغهما مديرهما أن المدرسة تم إغلاقها.
يقول مصدر يعمل في ديوان محافظة الجيزة، رفض ذكر اسمه لأنه غير مخول بالحديث نيابة عن المحافظة، إنه قبل اتخاذ أي إجراءات قانونية لإغلاق المدارس في الجيزة، أخطرت المحافظة المدارس بضرورة الإغلاق حتى تقديم المستندات المطلوبة للمراجعة. «أصدرت المدارس السودانية قرارًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي يمنح الطلاب السودانيين إجازة مفتوحة اعتبارًا من 26 يونيو لكي تتمكن المدارس من توفيق أوضاعها بسرعة واستئناف العمل»، يضيف المصدر.

في أعقاب ذلك، قررت جميع المدارس السودانية العاملة في مصر، بما في ذلك مدرسة الصداقة، الإغلاق حتى حل الوضع، وفقًا لتأكيدات الباقر والمعلم. ومع ذلك، لاحظ كلاهما أن عددًا من المدارس سُمح لها بإعادة فتح أبوابها في الفترة من السادس إلى 11 يونيو فقط للسماح للطلاب بأداء امتحانات المرحلة الإعدادية في موعدها.

مسؤولو محافظة الجيزة رفضوا الرد على أسئلة «مدى مصر» حول إغلاق المدارس المجتمعية.

يقول المصدر من المحافظة إن اتخاذ خطوة حاسمة نحو تقنين وضع المدارس المجتمعية السودانية كان على جدول أعمال محافظ الجيزة السابق، أحمد راشد، منذ شهور، وهو أحد أول القضايا التي تسلمها المحافظ الجديد عادل النجار بعد تعيينه في بداية يوليو.

وتشكّلت في الفترة الأخيرة لجان في المحافظة لدراسة الوضع القانوني للمدارس قبل إصدار الأوامر بإغلاق جميع المنشآت التعليمية غير المرخصة، وفقًا للمصدر.

يشير المصدر إلى أن الخطوة تأتي بشكل خاص لمواجهة «المدارس التي تم إنشاؤها مؤخرًا لغرض التربح» دون استيفاء متطلبات الترخيص الرسمية. لم تواجه هذه المدارس بعد أي عواقب قانونية من المحافظة أو سلطات الأحياء، يقول المصدر، مشيرًا إلى أن سلطات الحي من المفترض أن تكون مسؤولة عن متابعة تراخيص المدارس السودانية ولكنها وغيرها من السلطات المعنية مليئة بالرشوة والفساد.

وعرض البيان الصادر عن السفارة، والذي حصل «مدى مصر» على نسخة منه، قائمة جديدة من المتطلبات لتقنين الوضع المدارس، وتشمل موافقة وزارتي الخارجية والتعليم في كل من مصر والسودان، بالإضافة إلى إلزام المدارس المتقدمة بتقديم دليل على وجود مبنى ملائم، وسجلات مهنية لصاحب ومدير المدرسة، وسجلات مفصلة لمراحل التعليم التي تضمنها المدرسة وعدد الطلاب المسجلين في كل منها، ومخطط تفصيلي لهياكل التنظيم في المدرسة.

لم يكن الباقر، وكذلك المعلمون وأولياء الأمور، الذين تحدثوا إلى «مدى مصر»، يعارضون فكرة التقنين والرقابة المناسبة لتنظيم عمل المدارس وحل بعض المشاكل، ولكنهم أعربوا عن التشكك في عملية التقنين الحالية، مشيرين إلى عدم وضوح المسار المستقبلي لتعليم السودانيين في مصر، وغرابة توقيت الإغلاقات الجماعية، وتأثيرها المحتمل على مستقبل الطلاب والمعلمين العاملين بالمدارس.

يعتقد الباقر أن «خطوة تقنين وضع المدارس المجتمعية مهمة للغاية لكي تتمكن من العمل وفق الضوابط والنظم التي وضعتها وزارة التعليم المصرية». ومع ذلك، أشار هو والمعلم إلى أن المدارس لم تُزود بخطوات واضحة يجب اتباعها لاستيفاء متطلبات الحكومة المصرية للتقنين، ما يتركهم دون علم بموعد لاستئناف العمل واستقبال طلابهم. «ما المشكلة الآن؟ من المفترض أن تكون هناك عملية محددة للحصول على الموافقة النهائية وفتح المدرسة. ولكن هذا لم يُوضَّح. المتطلبات الحالية تفتقر إلى تسلسل واضح. نحتاج إلى خطوات ذات بداية ونهاية محددة وواضحة»، يقول الباقر.

يؤكد المصدر من المحافظة كذلك إن المدارس لم تتمكن بعد من استكمال أوراقها. ويضيف الباقر أن المسؤولية تقع على السفارة السودانية، وتحديدًا الملحق الثقافي بها. «كان ينبغي عليهم مخاطبة المدارس حول الإجراءات المطلوبة للحصول على الموافقة النهائية، والتواصل مع السلطات المصرية للوصول إلى صيغة لفتح المدارس أثناء توفيق أوضاعها، لأن إيقاف المدارس الآن حتمًا سيؤثر على الطلاب»، يقول المصدر.

تتساءل المعلمة كذلك عن سبب تجاهل الحكومة المصرية للوضع لفترة طويلة، وعن الدافع وراء إغلاق جميع المدارس في هذه اللحظة.

جاءت خطوة مطالبة المدارس المجتمعية السودانية بالتقنين، أواخر يونيو، في نفس الوقت تقريبًا الذي دفعت فيه الحكومة المصرية جميع المهاجرين غير الموثقين وطالبي اللجوء واللاجئين في البلاد إلى «تقنين أوضاعهم»، وسط موجة من الترحيلات وتفاقم النزعة المعادية للمهاجرين في الخطاب السياسي والرأي العام المصري. أضيف ذلك إلى الظروف الأخيرة التي طالت المدارس المجتمعية، حيث إن تقنين أوضاع الطلاب والمعلمين هو جزء من المتطلبات الجديدة، حسبما يقول الباقر. وكما يشير المعلم، فإنه إذا أعيد فتح المدارس، سيتعين عليهم التأكد من عدم توظيف أي معلمين لا يحملون تصريح إقامة، لئلا يتسببوا في مشاكل لأولياء الأمور والطلاب أو تعطل العام الدراسي.
يقول المصدر من المحافظة أيضًا، إنه لا يستبعد احتمال أن تكون تحركات محافظة الجيزة بخصوص المدارس السودانية هي بتوجيهات حكومية عليا، لافتًا إلى تدخل الشرطة في عمليات الإغلاق الأخيرة.

تشير المعلمة إلى أن إغلاق المدارس صاحبه استهداف مباشر لاثنين من مديري المدارس المجتمعية السودانية، أحدهما يدير مركز الرؤية الإفريقية التعليمي في مدينة 6 أكتوبر، والآخر يدير فرع مدارس النخبة السودانية الشاملة في فيصل. تقول المعلمة إنه على الرغم من حيازتهما بطاقات لجوء سارية من المفوضية، إلا أن الشرطة اعتقلتهما وهددتهما بالترحيل إلى السودان بسبب تدريسهما لمنهجي التاريخ والجغرافيا السودانية دون موافقة السلطات المصرية.

وأصدرت المفوضية المصرية للحقوق والحريات بيانًا بشأن اعتقال الأول، عثمان حسين يعقوب، نقلًا عن أسرته التي أفادت باعتقاله من المدرسة على خلفية تدريسه المنهج السوداني واختفائه قسريًا لفترة دون عرضه على النيابة. ورغم أن وضعه كلاجئ رسميًا من شأنه أن يحول دون ترحيله وفقًا لاتفاقية دولية وقعت عليها مصر، تقول أسرته إن السفارة السودانية وافقت لاحقًا على إصدار جواز سفر طارئ له، وفقًا للمفوضية المصرية. 

وطالبت 29 منظمة حقوقية بالإفراج عن يعقوب، الأسبوع الماضي، مشيرين إلى تعرضه للتعذيب لإجباره على توقيع وثيقة عودة طوعية.

ومع إغلاق المدارس دون تاريخ واضح لاستئناف عملها، يفقد المعلمون مصادر دخلهم، حسبما تشير المعلمة، ولكن يبقى الأطفال وأولياء الأمور هم الأكثر تضررًا.

ورغم أن المدارس أُغلقت قبيل العطلة الصيفية، يقول الباقر إن العديد من الطلاب ممن جاءوا إلى مصر أثناء حرب السودان وبدأوا العام الدراسي متأخرًا، يتوجب عليهم تعويض ما فاتهم خلال العطلة، ولذا ستتسبب القرارات في تعطيل تقدمهم الدراسي.

في استطلاع رأي لأولياء الأمور، قامت به «مدى مصر»، في مجموعة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، تباينت الردود مرة أخرى بين الوعي بالمشاكل في نظام التعليم القائم والقلق حيال المستقبل التعليمي لأطفالهم في مصر.

تساءلت إحدى التعليقات، «هل يلام مالك المدرسة السودانية؟ أم يلام مسؤولو المحافظة الذين سمحوا له بفتح المدرسة؟ أم قانون الإيجار الذي سمح للمالك المصري بتأجير عقار سكني كمدرسة؟ أم وزارة التعليم المصرية التي سمحت بفتح هذا العدد الكبير من المدارس من البداية؟ أم القانون المصري الذي حكم بإغلاقها لمخالفتها بعد أن فتحت وعملت بالفعل؟».

يؤيد عدة أولياء أمور، ومنهم علوية، تقنين المدارس السودانية وتنظيم هيكلها الدراسي والرسوم المفروضة والشهادات التي تقدمها بصورة أفضل، بينما يعبر العديد من الآخرين عن تخوفهم من أن أطفالهم سيلزمون منازلهم، حتى استئناف عمل المدارس، بلا سبيل لاستكمال تعليمهم.