تحت عنوان “لا تسامح مع منافسي السيسي” قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن سلطات الانقلاب في مصر سجنت المعارض السياسي البارز، أحمد الطنطاوي، “لتحديه السيسي”.

وبينما يرى معارضون أن الحكم الأخير الصادر ضده يأتي في إطار محاولة لإزاحة الطريق أمام أي معارضة للسيسي المصري على غرار تجارب سابقة.

وأيدت محكمة الاستئناف، مؤخرا، حكما بسجن الطنطاوي سنة، مع نحو 20 من مؤيديه. كما أيدت المحكمة قرار منع الطنطاوي من الترشح للانتخابات الوطنية 5 سنوات.

واعتقل المعارض الذي حاول خوض السباق الرئاسي داخل قاعة المحكمة بعد صدور القرار.

وقال آدم كوغل، نائب مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “معاقبة الطنطاوي ومؤيديه لتحديهم السيسي، تكشف مجددا غياب أي تسامح من السلطات مع النشاط السلمي. على السلطات المصرية على أعلى المستويات أن تراجع فورا قضية الطنطاوي وتطلق سراحه هو ومؤيديه”.

وقبل أيام، قالت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، مارتا هورتادو، في بيان: “نشعر بقلق بالغ إزاء القرار الذي أصدرته محكمة استئناف القاهرة في 27 مايو بتأييد حكم السجن لمدة عام مع الشغل ضد النائب السابق في البرلمان الذي كان يرغب في الترشح للرئاسة أحمد الطنطاوي و22 من أنصاره”.

وأضافت: “ندعو السلطات المصرية إلى الإفراج الفوري عن الطنطاوي وجميع المحتجزين الآخرين بدون موجب بسبب ممارستهم لحقوقهم الأساسية، وخصوصا حرية الرأي والتعبير والانتظام”.

وعن حالة الطنطاوي، قالت  هيومن رايتس ووتش إن حكم المحكمة بالكامل يعود إلى “نشاط الطنطاوي السياسي السلمي وجهود حملته لجمع التوكيلات قبل الانتخابات الرئاسية في ديسمبر 2023”.

وفي مقابلة مع موقع الحرة، اعتبر المحلل السياسي، مجدي حمدان، أن القرار “سياسي” وهو يشبه حالة الرئيس السابق لحزب الغد السابق، أيمن النور، الذي ترشح لانتخابات الرئاسة أمام الرئيس السابق، حسني مبارك، وكذلك رئيس الأركان في عهد مبارك، سامي عنان، لكن عنان فقط أعلن نيته الترشح ولم يترشح رسميا.

وقال حمدان، العضو المؤسس للجمعية الوطنية للتغيير التي عارضت مبارك، والقيادي بحزب المحافظين، أن أحد أسباب “التنكيل” بالطنطاوي هو أنه تحدث “بحدة وندية” في خطابه السياسي قبل الانتخابات، رغم أن هذا “حقه الدستوري 

وكانت مصر أصدرت في 2021 “الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان”، بعد أعوام من الانتقادات الداخلية والدولية لوضع الحريات.

وتضمنت الوثيقة التي جاءت في 78 صفحة، خطة حكومية لحماية الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها من حقوق الإنسان على مدى السنوات الخمس المقبلة.

لكن طالما تعرضت القاهرة لانتقادات بسبب سجلها في مجال حقوق الإنسان، وقدرت منظمات حقوقية أن عشرات الآلاف من السجناء السياسيين مازالوا خلف القضبان، العديد منهم في ظروف قاسية.

ووثقت هيومن رايتس ووتش عشرات حالات الاعتقال غير القانوني، والترهيب، والملاحقات القضائية بحق المرشحين المحتملين ومؤيديهم قبل الانتخابات، “وكلها حالت فعليا دون أي منافسة حقيقية”.

ومنذ أوائل 2023 وحتى منتصف سبتمبر، اعتقلت قوات الأمن نحو 2028 شخصا “على خلفية الممارسة السلمية لحرية التعبير والتجمع”، وفقا لحملة حقوق الإنسان المستقلة “حتى آخر سجين”.

وقالت الحملة إنه لاحقا أطلِق سراح 627 منهم فقط.

وقبل الانتخابات الرئاسية عام 2018، اعتقلت السلطات عبد المنعم أبو الفتوح، المرشح الرئاسي لعام 2012، رئيس حزب “مصر القوية”.

 وبعد اعتقاله، وضعت محكمة أبو الفتوح و15 عضوا من حزبه على قائمة الإرهاب في البلاد واتهمته بالعمل مع جماعة “الإخوان المسلمين”.

وفي ذلك العام، أوقفت السلطات رئيس أركان الجيش الأسبق سامي عنان بتهمة “مخالفة القانون” وارتكاب جرائم تستدعي مثوله أمام جهات التحقيق بينها “التزوير” في أوراق رسمية، عندما أعلن ترشحه للرئاسة.

وقال بيان القيادة العامة للجيش حينها إن عنان أعلن “الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية دون الحصول على موافقة القوات المسلحة أو اتخاذ ما يلزم من إجراءات لإنهاء استدعائها له”، في إشارة إلى أنه كان لايزال منتسبا للجيش كضابط احتياط.

وكان عنان رئيسا للأركان من عام 2005 حتى أحاله الرئيس الأسبق محمد مرسي إلى التقاعد عام 2012. وعندما تنحي مبارك بعد احتجاجات “الربيع العربي” عام 2011، تسلم السلطة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وكان عنان  وقتها الرجل الثاني فيه.

وفي 13 فبراير 2018، أمرت النيابة العسكرية بحبس رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، هشام جنينة، بعد إجرائه مقابلة قال فيها إن عنان لديه أدلة على تورط قادة الجيش في أحداث العنف التي أعقبت أحداث مصر عام 2011.

وفي واقعة أخرى أثارت وقتها ضجة إعلامية، أعلن رئيس الوزراء الأسبق، أحمد شفيق، اعتزامه الترشح لانتخابات الرئاسة 2018.
لكن شفيق الذي غادر مصر في 2012 ليقيم في دولة الإمارات بعد خسارته جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة المصرية لصالح مرشح الإخوان المسلمين الشهيد الدكتور محمد مرسي، عاد إلى القاهرة بعد هذا الإعلان، وابتعد لأسباب غير محددة عن المشهد السياسي العام.