الثلاثاء 2 يوليو 2024 10:01 م

تأتي الذكرى الحادية عشرة للانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013 م لتبرهن على ما أكدته جماعة "الإخوان المسلمون" منذ اللحظة الأولى وحتى يومنا هذا بأنه انقلاب عسكري متكامل الأركان على إرادة الشعب وعلى أول تجربة ديمقراطية شهدتها مصر، وأنه كان تدشينًا لمسار مُمنهج استهدف تخلف مصر وتقزيم دورها التاريخي الكبير، وأفضى إلى التفريط في سيادة الوطن وأمنه القومي، وأن الخلاص من هذا الانقلاب هو الخطوة الأولى نحو عودة الروح إلى مصر من جديد.

لقد كانت البداية بمحاولة كسر إرادة الشعب وانتهاك كرامة المواطنين وتقييد حريتهم، وإشاعة مناخ الخوف والإرهاب بينهم؛ عبر جرائم الاعتقال التي طالت عشرات الآلاف، والإفراط في أحكام الإعدام المسيَّسة، والقتل البطيء بالإهمال الطبي المتعمد داخل المعتقلات، فضلًا عن القتل المباشر للمتظاهرين السلميين في الشوارع والميادين، مع إغلاق كامل للمجال العام ومصادرة للعمل السياسي التنافسي؛ لتتراجع مصر في مؤشر الديمقراطية إلى فئة الدول غير الحرة وفق تصنيف منظمة "فريدوم هاوس"، مما أفرز مناخًا من اليأس بين الشباب ورغبة جامحة لدى الكثيرين منهم إلى خوض غمار البحار والهجرة إلى المجهول بطرق غير شرعية أُزهقت فيها الأرواح غرقًا وكمدًا على وطن ضائع وأمل مفقود.

وما إنْ بلغ الانقلاب مبتغاه في صناعة الخوف وزراعة اليأس حتى أقدم على جرائمه المنكرة في بيع مقدرات الوطن والتفريط في مقوماته وممتلكاته بما يصل إلى حد الخيانة؛ فتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، وفرَّط في مياه النيل، وباع بطريقة محمومة أصول الدولة الثمينة، وأضعف دور مصر الإقليمي والدولي ، وأغرق الأجيال القادمة بالديون؛ ليرتفع الدين الخارجي على مصر بنسبة 74%، وليقترب من 170 مليار دولار، بخلاف الدين الداخلي، رغم الأموال الطائلة التي قدمها الداعم الإقليمي والدولي؛ ليقوم بتجريف المستقبل كما قام بتجريف الماضي والحاضر.

وأخيرًا امتدت يد الانقلاب الآثمة إلى قلب المجتمع المصري لتفكك نسيجه الاجتماعي وتقطع الأواصر بين مكوناته وتثير الخلافات المفتعلة وتستهدف الأسرة ومنظومة القيم المصرية، وتحمي عناصر ومظاهر الفساد والابتذال، في ظل انهيار كامل لمنظومة التعليم؛ الأمر الذي أفرز خلال السنوات الماضية ارتفاعًا هائلًا في معدلات الجريمة وظهور جرائم غريبة على المجتمع المصري!

وفي المُجمل فقد أفضت هذه السياسات الممنهجة إلى إضعاف مؤسسات الدولة؛ من خلال توظيفها لخدمة الانقلاب وترسيخ قبضته على السلطة وعلى المواطنين، وهو ما حاد بهذه المؤسسات عن مهامها الرئيسية من تحقيق العدالة والمحاسبة وضمان حرية الرأي.

وتؤكد جماعة "الإخوان المسلمون" أنه على الرغم من هذا الفساد المتنامي والإجراءات القمعية التي طالت في البداية طيفًا سياسيًّا رافضًا للانقلاب ثم امتدت بعد ذلك لجميع مكوِّنات المجتمع بلا تمييز؛ فإن الانقلاب لن ينجح مرة أخرى في خديعة الشعب؛ حيث تتزايد - مع الأيام - مساحة الوعي بين المواطنين بخطورة نكبة 3 يوليو 2013! وأصبح الشعب المصري على شفا حالة من الرفض الجمعي لاستمرار هذا الانقلاب، وبدت المؤشرات تؤكد أن الشعب يقترب من ثورة كبرى لن تُبقي على الطغيان والفساد ساعةً من نهار.

إننا نؤكد على أن ساعة الخلاص من هذه الحقبة السوداء من تاريخ مصر مرهونةٌ بمزيد من التماسك بين مكونات المجتمع المصري وقواه الوطنية الحرة؛ كما هي مرهونة في الوقت نفسه بانتقال الشعب من حالة الوعي المتنامي إلى حالة الفعل ورفض الطغيان والسعي حثيثًا لاستعادة الإرادة الوطنية وكسر حاجز الخوف؛ تمهيدًا لانتزاع حقوقه واسترداد كرامته والحفاظ على مكتسباته، والانطلاق نحو مسارٍ جديد يستعيد فيه حقه في اختيار من يحكمه، وامتلاك مقدراته، واستعادة المكانة التي أرادها الله لمصر الكبيرة.

﴿وَاللَّـهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (يوسف:٢١).

أ.د. محمود حسين

القائم بأعمال فضيلة المرشد العام لجماعة "الإخوان المسلمون"

الثلاثاء ٢٦ ذو الحجة ١٤٤٥ هـ الموافق 2 يوليو 2024 م

 

 رابط البيان على موقع  الجماعة الرسمي ( إخوان أونلاين )

https://ikhwanonline.com/article/263550