يعيش الشاب أحمد عايد أمين السيد عطا الله، المولود في 15 مارس 1998، على مدى تسع سنوات كاملة، مأساة مستمرة بين جدران الزنازين، في رحلة من "التدوير" المتواصل داخل السجون، تبدأ مع كل قرار إخلاء سبيل وتنتهي بفتح قضية جديدة. ما بدأ عام 2016 باعتقال لشاب في الثامنة عشرة من عمره، تحوّل إلى قصة معاناة طويلة تكشف عن نمطٍ من الانتهاكات القانونية والإنسانية التي طالت مئات الشباب.
 
اعتقال في الثامنة عشرة وبداية المأساة
في 5 أبريل 2016، ألقت قوات الأمن القبض على أحمد عطا الله، الذي لم يكن قد بلغ بعد العشرين من عمره. وبعد شهر واحد، أُدرج اسمه في القضية رقم 502 أمن دولة عليا، التي أحيلت لاحقًا إلى القضاء العسكري تحت رقم 148 عسكري، والمتعلقة باتهامات وُصفت بأنها "خطيرة"، من بينها محاولة اغتيال عبدالفتاح السيسي، وولي عهد السعودية آنذاك، محمد بن نايف.
صدر بحقه حكم بالسجن لمدة ثلاث سنوات، ليقضي شبابه خلف القضبان. ومع ذلك، لم تكن تلك نهاية رحلته مع الاعتقال، بل بداية لسلسلة من التدوير المتواصل.
 
بين الزنازين والتعذيب: فصول من الألم
بعد انتهاء مدة العقوبة، نُقل أحمد بين مراكز احتجاز مختلفة، أبرزها مركز الخانكة وسجن بنها بمحافظة القليوبية، ووفقًا لشهادات أسرته، تعرض لأنواع متعددة من التعذيب القاسي والإهانة الممنهجة، شملت الضرب والصعق الكهربائي، والإجبار على الخضوع لممارسات مهينة وصلت إلى التعذيب بالبول والبراز، خلال الفترة ما بين أواخر عام 2019 وبداية عام 2020.
ورغم حصوله على قرار إخلاء سبيل بكفالة مالية قدرها خمسة آلاف جنيه، لم تطأ قدماه الحرية إلا لأيام معدودة، إذ أعيد إدراجه مجددًا في قضية جديدة.
 
تدوير بلا نهاية: أكثر من 15 قضية في 9 سنوات
في 7 سبتمبر 2020، أُعيد اعتقال أحمد على ذمة القضية رقم 810، ليبدأ فصلاً جديدًا من الاحتجاز. ثم أُخلي سبيله مرة أخرى في 10 يناير 2022، ولكن سرعان ما تمت إعادة تدويره في قضايا جديدة، تجاوز عددها خمس عشرة قضية، توزعت بين مركزي الخانكة وشبرا الخيمة بمحافظة القليوبية.
كانت الفترات الفاصلة بين كل قضية وأخرى لا تتجاوز شهرًا أو شهرًا ونصف، في حين دفعت أسرته كفالات مالية تجاوزت عشرين ألف جنيه في محاولات يائسة لإنهاء معاناته القانونية.
 
فقد الأب وحرمان الزيارة
لم تقتصر المأساة على أحمد وحده، بل امتدت إلى أسرته. ففي 30 أبريل 2019، توفي والده بعد ثلاث سنوات من اعتقاله، دون أن يتمكن الابن من وداعه، إذ كان ممنوعًا من الزيارة لأكثر من عامين ونصف. تقول والدته، التي تبلغ من العمر ستين عامًا وتعاني من أمراض مزمنة، إنها لم ترَ ابنها إلا مرات محدودة جدًا منذ اعتقاله الأول، وإنها تخشى أن تفقد حياتها قبل أن تراه حرًا.
 
إهمال طبي ومعاناة إنسانية متصاعدة
تشير روايات مقربين منه إلى أن أحمد يعاني حاليًا من تدهور في حالته الصحية نتيجة الإهمال الطبي المتواصل داخل مركز احتجازه في الخانكة، حيث يُحرم من الرعاية الطبية الأساسية ومن تلقي العلاج اللازم.
 
مطالبات حقوقية بالإفراج والعلاج
طالبت منظمة هيومن رايتس إيجيبت السلطات، بتمكين أحمد عطا الله من حقه في الزيارة والعلاج، ومراعاة حالته الإنسانية، والإفراج عنه بعد ما يقارب تسع سنوات من التدوير المتواصل في قضايا لم يُفصل في معظمها بعد.
وأكدت المنظمة في بيانها أن استمرار حبس أحمد رغم انتهاء الأحكام الصادرة بحقه يمثل انتهاكًا صارخًا لمبادئ العدالة وحقوق الإنسان، داعية النيابة العامة إلى مراجعة ملفه وإطلاق سراحه فورًا.
https://www.facebook.com/humanrightsegypt1/posts/1178605994370331?ref=embed_post

