بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، تعود قضية الاختفاء القسري إلى الواجهة مجددًا، كواحدة من أخطر الانتهاكات التي تطال الحق في الحياة والحرية والأمان الشخصي.

 

ومن بين هذه القضايا التي لا تزال عالقة دون إجابة، تبرز مأساة الطبيب عبدالعظيم يسري محمد فوده، طبيب الأسنان البالغ من العمر 33 عامًا، الذي اختفى قسرًا منذ الأول من مارس 2018، دون أن يُكشف حتى اليوم عن مكان احتجازه أو مصيره.

 

بداية الاختفاء

 

في صباح الأول من مارس 2018، انقطعت أخبار عبدالعظيم بشكل مفاجئ، ولم يتمكن أهله أو أصدقاؤه من التواصل معه.

 

ومنذ تلك اللحظة، دخلت الأسرة في دوامة من القلق والبحث المستمر، في محاولة يائسة لمعرفة ما إذا كان ابنهم محتجزًا لدى أي جهة أمنية أو محتجزًا في أحد السجون أو مقار الاحتجاز الرسمية.

 

ورغم مرور السنوات، لم يتم عرض عبدالعظيم على أي جهة تحقيق، ولم تصدر أي بيانات رسمية توضح ملابسات اختفائه أو الأسباب التي أدت إلى احتجازه، ما يجعله – وفق التعريفات القانونية والحقوقية – حالة اختفاء قسري مكتملة الأركان.

 

رحلة البحث والطرق المسدودة

 

أسرة عبدالعظيم لم تدخر جهدًا في البحث عنه، حيث توجهت إلى أقسام الشرطة والسجون المختلفة، وقدمت بلاغات رسمية، وحررت محاضر، ورفعت شكاوى متكررة إلى الجهات المعنية، إلا أن جميع هذه المحاولات قوبلت بالصمت أو النفي، دون تقديم أي معلومة حقيقية عن مكان وجوده.

 

ومع كل باب يُغلق، كانت معاناة الأسرة تتفاقم، خاصة في ظل غياب أي دليل يطمئنهم على سلامته أو يؤكد أنه لا يزال على قيد الحياة.

 

معاناة إنسانية ممتدة

 

غياب عبدالعظيم لم يكن مجرد غياب جسدي، بل ترك فراغًا إنسانيًا ونفسيًا عميقًا داخل أسرته. سنوات طويلة مرت وهم يعيشون بين الأمل واليأس، ينتظرون مكالمة هاتفية، أو خبرًا عابرًا، أو معلومة قد تقودهم إلى حقيقة مصير ابنهم.

 

تتحول المناسبات والأعياد إلى لحظات ألم مضاعف، ويصبح مرور الوقت عبئًا ثقيلًا على أسرة لا تعرف إن كان ابنها يعاني خلف جدران مغلقة أم أن مصيره لا يزال معلقًا في المجهول.

 

أمل يتجدد رغم القسوة

 

ورغم قسوة السنوات السبع الماضية، فإن ظهور عدد من المختفين قسرًا خلال الفترة الأخيرة، بعد فترات طويلة من الاختفاء، أعاد بصيص أمل لعشرات الأسر، من بينها أسرة عبدالعظيم.

 

هذه الوقائع تؤكد أن الاستمرار في تسليط الضوء على قضايا الاختفاء القسري، وعدم السماح بنسيانها، قد يكون الطريق الوحيد لكشف الحقيقة ولمّ شمل الأسر المكلومة.

 

قضية لا يجب أن تُنسى

 

في اليوم العالمي لحقوق الإنسان، يتجدد التأكيد على أن الاختفاء القسري ليس مجرد انتهاك عابر، بل جريمة جسيمة وفقًا للقوانين الدولية، وأن معرفة مصير المختفين حق أصيل لأسرهم لا يسقط بمرور الزمن.

 

وتظل قضية الطبيب عبدالعظيم يسري محمد فوده شاهدًا حيًا على معاناة ممتدة، ورسالة واضحة بأن الصمت لا يجب أن يكون خيارًا، وأن كشف الحقيقة واجب إنساني وقانوني.