أثارت وفاة موظف بوزارة التموين داخل حجز قسم شرطة المرج، بعد أيام من احتجازه، موجة غضب واسعة ومطالبات عاجلة بفتح تحقيق نزيه لكشف ملابسات الحادث، وسط اتهامات بالتقصير وإشارات لاحتمال تعرضه لاعتداء داخل الزنزانة.
بداية الواقعة: احتجاز على خلفية حكم غيابي
القصة بدأت يوم الثلاثاء 30 سبتمبر 2025 حين ألقت قوة من قسم شرطة المرج القبض على المواطن مصطفى (36 عامًا) أثناء وجوده أمام ورشته في منطقة عين شمس، بعد إبلاغه بصدور حكم غيابي بالسجن عامًا واحدًا في قضية مشاجرة مرتبطة بخلاف عائلي قديم بينه وبين شقيق طليقته.
ووفقًا لرواية أسرته، فإن القضية لم تقع في دائرة محل إقامته، كما أنها كانت ناتجة عن بلاغ كيدي بحسب وصفهم، إلا أن الضباط اقتادوه إلى قسم المرج لحين استكمال الإجراءات القانونية.
معارضة وتطورات مفاجئة
في اليوم التالي، تقدم مصطفى بمعارضة على الحكم أمام محكمة مصر الجديدة، ليُعاد بعدها إلى قسم المرج بانتظار استكمال أوراق الإفراج.
وخلال تلك الفترة، فوجئ بإبلاغه بوجود قضية قديمة تعود إلى عام 2017 بتهمة قيادة دراجة نارية دون ترخيص.
ورغم تأكيده أنه حصل على البراءة في تلك القضية منذ سنوات، رفض القسم الإفراج عنه قبل ورود الإفادة الرسمية.
مساء السبت 4 أكتوبر وصلت الإفادة التي تؤكد بالفعل حصوله على البراءة، وتم إبلاغه – وفقًا لشهادة زملائه في الحجز – بأنه سيتم الإفراج عنه في صباح اليوم التالي.
فجر الأحد.. خبر الوفاة يهز الأسرة
في صباح الأحد 5 أكتوبر 2025، تلقت أسرة مصطفى اتصالًا من مأمور قسم المرج يفيد بوفاته داخل الحجز.
الصدمة كانت قاسية، خاصة أن الأسرة كانت تنتظر استقباله في المنزل بعد ساعات قليلة.
وقالت شقيقته في تصريحات نقلها مركز الشهاب: “لم نصدق في البداية، كنا على علم أن أمر الإفراج وصل، ثم اتصلوا بنا ليقولوا إنه توفي داخل الحجز فجأة، دون تفسير واضح”.
روايات متضاربة.. وغياب الشفافية
تضاربت الإفادات حول ما جرى داخل الزنزانة. فبينما تشير بعض الروايات إلى مشادة بينه وبين محتجزين آخرين بسبب خلاف مالي بسيط، تتحدث مصادر أخرى عن اعتداء جماعي تعرض له داخل الزنزانة أدى إلى وفاته.
وأكدت الأسرة أنها شاهدت مقاطع فيديو من كاميرات المراقبة، لكنها كانت متقطعة ولا تتضمن لحظة الوفاة.
كما أفاد أقاربه بأنهم لاحظوا على جثمانه آثار زرقة حول الرقبة وكدمات أسفل العينين، ما يعزز الشكوك حول تعرضه للعنف قبل الوفاة.
مطالبات بتحقيق عاجل ومستقل
في بيان رسمي، أدان مركز الشهاب لحقوق الإنسان الواقعة، محملًا وزارة الداخلية المسؤولية القانونية الكاملة عن سلامة المحتجزين.
ودعا المركز إلى: فتح تحقيق جنائي عاجل ومستقل لكشف ملابسات الوفاة، واستدعاء الضباط المسؤولين داخل القسم لسماع أقوالهم، ومراجعة تسجيلات كاميرات المراقبة كاملة دون حذف أو تعديل، وعرض التقرير الطبي الشرعي على الأسرة ومحاميها بشفافية.
وأكد المركز أن وفاة مواطن داخل مكان احتجاز رسمي تمثل انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان وخرقًا للمادة 55 من الدستور التي تنص على “حظر إيذاء المحتجز أو تعريضه لأي شكل من أشكال التعذيب”.
تكرار الظاهرة.. ومخاوف من غياب المساءلة
الواقعة أعادت إلى الأذهان سلسلة حوادث مشابهة لوفاة محتجزين داخل أقسام الشرطة خلال السنوات الأخيرة، وسط غياب للشفافية وتأخر نتائج التحقيقات الرسمية.
ويرى حقوقيون أن هذه الحوادث “تؤشر إلى خلل هيكلي في منظومة الاحتجاز، وتستدعي رقابة قضائية حقيقية على أماكن الحبس الاحتياطي”.
وقال أحد المحامين الحقوقيين إن “مسؤولية الداخلية لا تتوقف عند تأمين المحتجزين، بل تمتد إلى ضمان سلامتهم الجسدية والنفسية، وأي وفاة داخل الحجز يجب أن تُعامل كجريمة حتى تثبت التحقيقات العكس”.
https://www.facebook.com/elshehab.ngo/posts/1226853166155795?ref=embed_post

