أصدرت 17 منظمة حقوقية مصرية ودولية، بيانًا مشتركًا طالبت فيه الحكومة بوقف ما وصفته بـ“القمع العابر للحدود”، في إشارة إلى ممارسات الملاحقة القضائية والأمنية التي تستهدف المعارضين في الداخل والخارج، وعلى رأسهم الأكاديمي المصري المقيم في ألمانيا الدكتور تقادم الخطيب، الذي تمت إحالته إلى المحاكمة غيابياً ضمن قضية تضم عشرات النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان.

 

المنظمات، وفي مقدمتها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والجبهة المصرية لحقوق الإنسان، وهيومينا لحقوق الإنسان والمشاركة المدنية، أكدت في بيانها أن القضية ضد الخطيب “سياسية بامتياز”، وتأتي ضمن سلسلة ممتدة من الإجراءات الانتقامية ضد الأصوات المستقلة والمعارضين المقيمين خارج البلاد.

 

خلفية القضية: من وثائق "تيران وصنافير" إلى قوائم الإرهاب

 

بدأت معاناة الدكتور تقادم الخطيب منذ عام 2017، عقب مشاركته في توثيق أوراق قضية جزيرتي "تيران وصنافير" التي تنازلت مصر بموجبها عن الجزيرتين لصالح السعودية، وهي القضية التي أثارت جدلاً سياسياً واسعاً في الداخل.

 

ومنذ ذلك الحين، واجه الخطيب سلسلة من الانتهاكات الممنهجة، شملت فصله من جامعة دمياط أثناء وجوده بالخارج، وحرمانه من منحة الدكتوراه، وإلزامه برد قيمتها، إضافة إلى حرمانه من الحصول على أوراقه الثبوتية من السفارة المصرية في برلين، ما اعتبرته المنظمات الحقوقية انتهاكاً صارخاً لحقه في الهوية والجنسية.

 

وقال البيان إن "قضية الخطيب ليست حالة فردية"، مشيرًا إلى المصور الصحافي حمدي الزعيم، المحتجز منذ أكثر من خمس سنوات، والذي يعد مثالاً آخر على اتساع دائرة القمع ضد الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان داخل البلاد وخارجها على حد سواء.

 

ملاحقات تمتد إلى المنفى

 

وأكدت المنظمات الموقعة أن الملاحقات القضائية الغيابية تمثل بعدًا جديدًا في سياسة تكميم الأفواه، موضحة أن السلطات تسعى من خلالها إلى ترهيب الجاليات المصرية في الخارج، خصوصاً المنفيين السياسيين والنشطاء الذين فرّوا من البلاد هرباً من الاعتقال أو التضييق.

 

وأشار البيان إلى سابقة الحكم الغيابي الصادر ضد الناشر والسياسي هشام قاسم في مايو 2025، باعتبارها جزءاً من نمط متصاعد في استخدام القضاء كأداة لتصفية الحسابات السياسية، وسط انتقادات متكررة لاستخدام اتهامات “الانتماء لجماعة إرهابية” كغطاء قانوني لمعاقبة المعارضين.

 

"قمع عابر للحدود": توصيف حقوقي متكرر

 

البيان المشترك وصف مصر بأنها من “أبرز الدول المنخرطة في ممارسات القمع العابر للحدود”، وهي الممارسات التي تشمل – بحسب نص البيان – اعتقال أقارب المعارضين، حجب وسائل الإعلام المستقلة، استخدام برامج التجسس ضد الصحافيين، حرمانهم من الخدمات القنصلية، وحتى الاعتداءات البدنية المباشرة.

 

وتؤكد المنظمات أن هذا النمط يهدف إلى إسكات الأصوات المعارضة أينما وُجدت، وهو ما يجعل الملاحقات القضائية بحق الخطيب وغيره جزءاً من استراتيجية دولة تهدف إلى فرض الصمت العام داخل وخارج الحدود المصرية.

 

مطالب الحقوقيين: إسقاط التهم ورفع الأسماء من القوائم

 

وطالبت المنظمات الحقوقية في ختام بيانها بإسقاط جميع الاتهامات الملفقة ضد تقادم الخطيب، والتوقف الفوري عن استخدام القضاء والأجهزة الأمنية كأدوات للانتقام السياسي، مع إلغاء الأحكام الغيابية الصادرة بحق المعارضين في الخارج.

 

كما دعت إلى ضمان حصول المصريين المقيمين بالخارج على وثائقهم الرسمية وخدماتهم القنصلية دون عراقيل أو تمييز، ورفع أسماء المعارضين من قوائم الإرهاب، وإلغاء ما ترتب عليها من قرارات منع سفر أو تجميد أصول مالية.

 

البيان طالب كذلك بوقف حملات التشويه والتحريض الإعلامي التي تستهدف النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، معتبرًا أن تلك الحملات تُسهم في خلق بيئة عامة تشرعن خطاب الكراهية والوصم ضد المعارضة السلمية.

 

توقيعات دولية واسعة

 

المنظمات الموقعة شملت مزيجًا من الكيانات المصرية والدولية، من بينها:


مؤسسة دعم القانون والديمقراطية، المنبر المصري لحقوق الإنسان، مركز النديم، المفوضية المصرية للحقوق والحريات، ريدوورد لحقوق الإنسان، إيجيبت ووتش، مكتب الطوارئ للعلماء المعرضين للخطر، هيومينا، جمعية تقاطع، جمعية الديمقراطية الرقمية الآن، الاتحاد الفيدرالي للاجئين الفيتناميين بألمانيا، منظمة القلم الأمريكية، جمعية الصحافيين والمحامين من أجل حرية الرأي، منظمة بيبول إن نيد، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، وسكاي لاين الدولية لحقوق الإنسان.