شهد ملف المعتقلين السياسيين، تطورًا جديدًا، بعد إعلان النيابة العامة، أمس الثلاثاء، قائمة جديدة تضم عددًا من الأسماء التي تقرر إخلاء سبيلها، في خطوة تأتي وسط استمرار الجدل الحقوقي المحلي والدولي حول أوضاع المحتجزين وقوانين الحبس الاحتياطي والإجراءات الجنائية في البلاد.

وأعلن المحامي الحقوقي خالد علي، أحد أبرز المهتمين بملف المعتقلين، أن قائمة المفرج عنهم شملت عددًا من النشطاء والمحتجزين على ذمة قضايا سياسية، من بينهم:

  • حاتم السيد رشدي عبد اللطيف
  • رضا محمد مبروك
  • مجدي كامل محروس (يحملون رقم قيد 294)
  • محمد مصطفى عبد الغني خميس
  • محمد عبد الله إبراهيم عبد العال
  • محمد أحمد محمد علي حسن
  • محمود سمير عبد الحميد حسن
  • أحمد علي محمد غازي
  • محمود عبد الجواد
  • صبري صلاح محمد
  • فتحي محروس فتحي سراج الدين
  • تامر حسام مصطفى (برقم قيد 3434)
  • أيمن إبراهيم سلامة (برقم قيد 6469).

تأتي هذه الإفراجات ضمن سلسلة قرارات مشابهة أصدرتها السلطات خلال العامين الماضيين، في إطار ما تسميه الحكومة بـ"مراجعات حالة المحتجزين"، بينما تراها منظمات حقوقية محلية ودولية خطوات محدودة لا تعالج جذور الأزمة الحقوقية في البلاد.
 

ملف شائك بين الإفراجات الجزئية واستمرار الحبس الاحتياطي
تقدّر منظمات حقوق الإنسان أعداد السجناء السياسيين، بعشرات الآلاف، على خلفية اتهامات تتعلق بالتعبير عن الرأي أو الانتماء السياسي، وهو ما تنفيه الحكومة مؤكدة أن جميع المحتجزين يحاكمون وفق القانون في قضايا "جنائية بحتة".

ورغم استمرار عمل اللجنة الرئاسية للعفو التي أطلقتها الدولة في السنوات الأخيرة وأسفرت عن إطلاق سراح المئات، إلا أن المنظمات الحقوقية تصف هذه الجهود بأنها "فردية وغير منتظمة"، وتطالب بخطوات مؤسسية تضمن الإفراج الشامل عن جميع سجناء الرأي ومراجعة التشريعات التي تسمح بالحبس الاحتياطي الطويل دون محاكمة.
 

ترحيب حقوقي وتحرك أممي جديد
في السياق ذاته، رحبت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بمذكرة صادرة عن المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، دعت فيها الحكومة إلى تنفيذ مخرجات الاستعراض الدوري الشامل للملف الحقوقي المصري.

وأكدت المفوضية أن مصر تلقت خلال المراجعة الأخيرة 343 توصية دولية، قبلت تنفيذ 265 منها، وهو معدل أقل بنحو 10% عمّا قبلته القاهرة في المراجعة السابقة عام 2019، داعية إلى ترجمة هذا القبول إلى خطة تنفيذ واضحة ومعلنة تشمل جدولًا زمنيًا ومؤشرات أداء قابلة للقياس.

وطالبت المفوضية الحكومة بمراجعة تعريف جريمة التعذيب بما يتوافق مع الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، وتعديل مفهوم الإرهاب في التشريعات المحلية لضمان اتساقه مع المعايير الدولية، وإنهاء ممارسات الاختفاء القسري وسوء المعاملة، مع تمكين الرقابة المستقلة على جميع أماكن الاحتجاز.

كما شددت المذكرة على ضرورة تقليص عدد الجرائم التي يُعاقب عليها بالإعدام، والالتزام بعدم تطبيق هذه العقوبة إلا في "أشد الجرائم خطورة"، مع الدعوة إلى تحرك تدريجي نحو إلغاء العقوبة نهائيًا.
 

قانون الإجراءات الجنائية في دائرة النقد
وأعادت المفوضية التأكيد على مطالبتها بإعادة النظر في مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، الذي أقره مجلس النواب مؤخرًا رغم التحفظات الحقوقية الواسعة عليه. واعتبرت المفوضية أن التعديلات الأخيرة "لم تمس جوهر الأزمة"، إذ لا تزال تتضمن ثغرات تتيح استمرار الحبس الاحتياطي لفترات مطولة، وتحدّ من ضمانات الدفاع، وهو ما وصفته منظمات المجتمع المدني بأنه "التفاف على الضمانات الدستورية الأساسية".
 

تحسن جزئي لا يغيّر الصورة الكاملة
ورغم إشادة المفوضية بإطلاق سراح عدد من المحتجزين ورفع بعض الأسماء من قوائم الإرهاب، إلا أنها أكدت أن تلك الخطوات الجزئية لا تعكس تغييرًا جوهريًا في النهج العام، مشيرة إلى استمرار استخدام تهم الإرهاب على نطاق واسع ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والمحامين.

كما حثت المفوضية الحكومة على ضمان حرية المجتمع المدني والإفراج عن جميع المحتجزين تعسفياً بسبب أنشطتهم السلمية، في حين نوّهت إلى بعض التحسينات في مجال حقوق المرأة، مطالبة بإصدار قانون شامل يجرم كافة أشكال العنف ضد النساء، بما في ذلك العنف الأسري والاغتصاب الزوجي.
 

دعوات محلية لتنفيذ التوصيات الأممية
من جانبها، طالبت "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" الحكومة بوضع خطة تنفيذية شاملة لتوصيات الأمم المتحدة تتضمن جدولًا زمنيًا واضحًا وإجراءات عملية، مؤكدة أن هذا هو السبيل الوحيد لتحقيق تقدم ملموس في ملف الحقوق والحريات.

وأوضحت "المبادرة" أنها شاركت في جميع مراحل الاستعراض الدوري الأممي، وقدمت تقارير مفصلة أبرزت "الفجوة بين الرواية الرسمية والواقع الميداني"، مشيرة إلى أن تحسين الوضع الحقوقي في مصر يتطلب إرادة سياسية حقيقية تتجاوز الإفراجات الرمزية إلى إصلاح تشريعي وهيكلي شامل.