شهد مركز الإصلاح والتأهيل ببدر، يوم الأربعاء 15 أكتوبر 2025، انعقاد جلستين قضائيتين أمام الدائرة الثانية إرهاب بمحكمة جنايات القاهرة، للنظر في قضيتين من قضايا أمن الدولة العليا، وسط جدل واسع بشأن استمرار العمل بما يُعرف بـ"تدوير المتهمين" وتجاوز فترات الحبس الاحتياطي المنصوص عليها قانونًا.
في الجلسة الأولى، قررت المحكمة تأجيل نظر القضية رقم 1935 حصر أمن دولة عليا لسنة 2021، إلى جلسة 27 ديسمبر 2025، للاطلاع واستكمال المرافعات. وتعود القضية إلى نحو أربعة أعوام، حيث تم فتحها بناءً على محضر تحريات أعدّه ضابط بجهاز الأمن الوطني، من دون أن تتضمن وقائع محددة أو أحداثًا ملموسة.
ووفقًا لمصادر حقوقية تابعت سير الجلسة، فقد أُحيلت القضية إلى المحاكمة بتاريخ 22 أكتوبر 2024، أي بعد سنوات من احتجاز المتهمين على ذمة التحقيقات دون صدور حكم قضائي نهائي. وتضم القضية عددًا من أبناء شمال سيناء، الذين وُجهت إليهم اتهامات تتعلق بالانضمام إلى جماعة إرهابية، على الرغم من أن بعضهم تجاوز الحد الأقصى لفترة الحبس الاحتياطي التي حددها القانون بعامين كحد أقصى.
وأكدت منظمات حقوقية أن استمرار تجديد حبس المتهمين في مثل هذه القضايا "من دون وقائع مادية أو أدلة واضحة" يمثل انتهاكًا صارخًا لمبدأ المحاكمة العادلة، مشيرة إلى أن كثيرًا من هذه القضايا "تُبنى على تحريات أمنية فقط، دون وجود دلائل مادية أو شهود إثبات".
وفي الجلسة الثانية، بدأت محكمة جنايات القاهرة أولى جلسات محاكمة المتهمين في القضية رقم 750 حصر أمن دولة عليا لسنة 2019، والتي تعود وقائعها إلى نحو ست سنوات مضت. وقررت المحكمة تأجيلها إلى جلسة 13 يناير 2026 للاطلاع واستكمال الاطراف تقديم المستندات اللازمة.
ووفقًا لمتابعين، فإن القضية 750 تضم أيضًا عددًا من أبناء وبنات سيناء، وتستند هي الأخرى إلى محضر تحريات من إعداد أحد ضباط الأمن الوطني، دون وجود أحداث أو وقائع محددة، حيث وجهت نيابة أمن الدولة العليا للمتهمين تهمًا تتعلق بالانضمام إلى جماعة إرهابية وتمويلها.
المثير للجدل في هذه القضية، كما يؤكد حقوقيون، أن عدداً من المتهمين تم تدويرهم من قضايا أخرى، أي أنهم كانوا محبوسين احتياطًا بالفعل على ذمة قضايا مختلفة وقت إعداد محضر التحريات الجديد، وهو ما يثير تساؤلات حول مشروعية الإجراءات المتبعة ومدى التزامها بالقانون.
ويرى مراقبون أن هذه القضايا تُسلط الضوء على أزمة العدالة الجنائية لا سيما في القضايا ذات الطابع السياسي أو الأمني، حيث يتم حبس المتهمين لفترات طويلة دون محاكمة فعلية، أو يُعاد إدراجهم في قضايا جديدة بعد انتهاء مدة حبسهم في قضايا سابقة.
من جانبها، تكرر منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية دعوتها إلى مراجعة شاملة لملف المحبوسين احتياطيًا، وإلى تطبيق نصوص الدستور والقانون التي تضمن حق كل متهم في محاكمة عادلة خلال فترة زمنية معقولة، مع احترام مبادئ العدالة والإجراءات القانونية الواجبة.
ويأتي انعقاد الجلستين الأخيرتين ليؤكد استمرار النمط المتكرر في قضايا أمن الدولة، حيث تعتمد الاتهامات في الغالب على تحريات أمنية غير مدعومة بأدلة مادية، في ظل غياب الشفافية حول مجريات التحقيقات، ما يجعل مئات المتهمين وأسرهم يعيشون حالة من الترقب والقلق المستمر بين أمل الإفراج وخشية التدوير من جديد.