في خضم ضغوط اقتصادية متصاعدة، وتحت وطأة اشتراطات صندوق النقد الدولي، تُسرّع حكومة عبدالفتاح السيسي، من خطواتها لطرح حصص في شركات مملوكة للدولة للبيع، وذلك ضمن المرحلة الجديدة من "برنامج الطروحات الحكومية"، الذي يمثل أحد أبرز البنود  المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي،.

 

تأجيل الشريحة الخامسة يدفع القاهرة لتسريع الخصخصة
تأتي هذه التحركات الحكومية بعد قرار صندوق النقد الدولي تأجيل صرف الشريحة الخامسة من قرضه لمصر، والذي جاء مرتبطًا بعدم تحقيق تقدم ملموس في ملف الخصخصة وتراجع دور الدولة في الاقتصاد. وفي خطوة لطمأنة الصندوق وتسريع استئناف صرف الشريحة، تستعد الحكومة لطرح حصص في أربع شركات قبل نهاية العام الجاري، بحسب ما نقلته مصادر حكومية مطلعة لموقع "إنتربرايز".

وأكد المصدران أن هذه الطروحات تأتي في محاولة للاستجابة للملاحظات التي سجلها الصندوق في إطار المراجعة الخامسة المؤجلة، والمقرر دمجها مع المراجعة السادسة، والمزمع إنجازهما معًا خلال خريف 2025.

 

قائمة الطروحات: شركات سيادية تحت المجهر
تشمل الشركات التي تستعد الحكومة لطرح حصص منها شركات تابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة، في خطوة نادرة تعكس حجم الضغوط المفروضة.

وتضم القائمة:

الشركة الوطنية لبيع وتوزيع المنتجات البترولية (وطنية)

الشركة الوطنية لتعبئة المياه الطبيعية (صافي)

شركة سيلو فودز للمواد الغذائية

شركة تشيل آوت لتشغيل محطات الوقود

الشركة الوطنية للطرق

 

برنامج الخصخصة الموسّع.. بيع حصص في 11 شركة قبل يونيو 2026
تهدف الحكومة من خلال هذه الطروحات إلى جمع ما يتراوح بين 4 و5 مليارات دولار من حصص 11 شركة مملوكة للدولة، وذلك قبل نهاية العام المالي 2025-2026، بحسب ما ورد في التقرير المالي الشهري لوزارة المالية الصادر في مايو الماضي.

وقد تعرض البرنامج إلى عثرات متتالية، نتيجة التوترات الإقليمية والصراعات المستمرة في المنطقة، والتي دفعت الحكومة إلى تجميد بعض الطروحات سابقًا، بحسب المصدرين الحكوميين.

 

شراكات جديدة بقيمة 40 مليار جنيه
بالتوازي مع برنامج الطروحات، تسعى الحكومة إلى تعزيز الاستثمارات عبر نظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP)، حيث بدأت بالفعل في تلقي عروض مشاريع بقيمة 40 مليار جنيه (نحو 800 مليون دولار).

وتشمل هذه المشاريع:

محطات لتحلية المياه

منشآت لمعالجة الصرف الصحي والصناعي

محطات كهرباء فرعية

مشروعات لإعادة تدوير النفايات

وتهدف الدولة إلى توقيع العقود الخاصة بهذه المشروعات خلال الأشهر الأربعة المقبلة، في خطوة ترمي إلى جذب الاستثمارات وتقليل العبء المالي على موازنة الدولة.

 

صندوق النقد: لا صرف للشريحة القادمة دون إصلاحات حقيقية
في تصريحاتها الأخيرة، أكدت جولي كوزاك، المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي، أن المراجعتين الخامسة والسادسة سيتم دمجهما، مع ضرورة "تعميق الإصلاحات الهيكلية"، وعلى رأسها تقليص دور الدولة في الاقتصاد، وتسريع وتيرة خصخصة الشركات الحكومية، بما في ذلك الشركات التابعة للقوات المسلحة.

ويُنظر إلى هذه التصريحات باعتبارها إشارة واضحة من الصندوق بأن تمويله لن يستمر إلا مقابل تنفيذ حقيقي ومُعلن للإصلاحات، بعيدًا عن الوعود والتصريحات السابقة.

 

مخاوف شعبية وانتقادات لسياسات البيع
فيما تدافع الحكومة عن خطتها باعتبارها ضرورة اقتصادية لإنعاش السيولة وتعزيز الثقة في السوق، تزايدت المخاوف داخل الأوساط السياسية والشعبية بشأن استمرار "بيع أصول الدولة"، لا سيما في ظل عدم وجود شفافية كافية بشأن كيفية استثمار عائدات هذه الصفقات.

ويرى معارضون أن طرح شركات استراتيجية، بعضها ذو طابع سيادي أو خدمي، قد يؤدي إلى فقدان الدولة سيطرتها على قطاعات حيوية، خاصة إذا ما تم بيعها إلى مستثمرين أجانب.