شهدت مصر خلال الفترة الأخيرة تصاعدًا في حدة أزمة مستحقات شركات الكهرباء لدى الجهات الحكومية، ما دفع رئيس حكومة الانقلاب المصري، مصطفى مدبولي، إلى إصدار تصريحات حادة تطالب الوزارات والجهات الحكومية بالالتزام الفوري بسداد مستحقات شركات الكهرباء.

جاءت هذه التصريحات خلال اجتماع وزاري رفيع المستوى في 13 يوليو 2025، حيث أكد مدبولي أن عدم السداد يعرقل قدرة هذه الشركات على تقديم الخدمة للمواطنين.

أثارت هذه التصريحات جدلاً واسعًا في الأوساط الاقتصادية والسياسية، خاصة مع تزايد الضغوط على قطاع الطاقة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.

جاءت تصريحات مدبولي يوم الأحد 13 يوليو 2025، خلال اجتماع وزاري حضره وزراء الكهرباء والطاقة المتجددة، والمالية، والبترول والثروة المعدنية، كان الهدف الأساسي من الاجتماع هو متابعة إجراءات توفير الاعتمادات المالية اللازمة لتشغيل محطات الكهرباء، ومناقشة موقف مديونيات الجهات الحكومية لصالح شركات الكهرباء، بالإضافة إلى آليات السداد الممكنة، بما في ذلك إجراء تسويات مالية لتحسين كفاءة تقديم الخدمات.

استعرض الاجتماع حجم المديونيات المستحقة على الوزارات والجهات الحكومية لشركات الكهرباء (الشركة القابضة لكهرباء مصر)، دون ذكر رقم دقيق في المصادر، كما جرى بحث آليات تسوية هذه الأموال، بما فيها الاتفاق على تسويات وجدولة الديون المؤجلة

في سياق مشابه عام 2019، تمت جدولة مستحقات المياه للكهرباء عن الفترة من 1/11/2004 حتى 31/10/2018 على 60 شهرًا، وتم الالتزام بسداد نحو 70% من قيمة الإصدارات الشهرية، مع تحقيق 76% من إجمالي الإصدارات حتى 30/6/2019

شدد مدبولي خلال الاجتماع على أن الحكومة تولي أهمية قصوى لتأمين التمويل اللازم لتوفير الوقود المطلوب لضمان استمرار خدمات الكهرباء لجميع القطاعات، رغم التحديات والضغوط العالمية الراهنة.

وأكد أن عدم التزام الجهات الحكومية بسداد مستحقات شركات الكهرباء يؤدي إلى تراكم المديونيات، ما يهدد استدامة الخدمة ويعرقل قدرة الشركات على أداء دورها الحيوي في المجتمع.

 

تصريحات المتحدث الرسمي باسك حكومة الانقلاب، تشمل الإجراءات المتخذة:

  • مراجعة مهنية للمديونيات لتحديد حجمها بدقة.
  • عرض مقترحات جدولة السداد والتسويات الممكنة أمام مجلس الوزراء.
  • ضرورة التنسيق بين وزارة الكهرباء والمالية والإسكان لتحريك الملف.
  • دعوة الجهات الحكومية صاحبة المديونية لتحديد آليات سداد عاجلة دون تراكم جديد

 

خلفيات الأزمة..

  • حجم المديونيات: لم تعلن الحكومة بشكل رسمي عن حجم المديونيات المتراكمة على الجهات الحكومية لصالح شركات الكهرباء، إلا أن مصادر مطلعة أشارت إلى أن المبالغ تقدر بمليارات الجنيهات، ما يشكل عبئًا كبيرًا على الشركات ويؤثر على قدرتها في شراء الوقود وصيانة الشبكات.
  • الضغوط على قطاع الطاقة: شهدت مصر خلال السنوات الأخيرة ارتفاعًا في استهلاك الكهرباء، خاصة في فصل الصيف، ما زاد من الضغوط على محطات التوليد ورفع فاتورة استيراد الوقود اللازم لتشغيلها.
  • الاستثمارات في الطاقة المتجددة: أعلنت وزارة الكهرباء عن إضافة 2000 ميجاوات من الطاقة الجديدة والمتجددة إلى الشبكة القومية قبل صيف 2025، في محاولة لتقليل الاعتماد على الوقود التقليدي وتحسين كفاءة التشغيل.

 

أسباب التصعيد الحكومي

  • استدامة الخدمة: تراكم المديونيات يهدد قدرة شركات الكهرباء على شراء الوقود اللازم وصيانة المحطات، ما قد يؤدي إلى انقطاع الخدمة أو تراجع جودتها، خاصة في أوقات الذروة.
  • ترشيد الإنفاق: تأتي هذه الإجراءات ضمن خطة حكومية أوسع لترشيد الإنفاق العام وتحسين كفاءة إدارة الموارد المالية، في ظل ضغوط اقتصادية متزايدة وتحديات تمويلية تواجه الدولة.

 

تداعيات الأزمة على الاقتصاد والمجتمع

  • تهديد استقرار الخدمة: استمرار تراكم المديونيات قد يؤدي إلى تراجع قدرة شركات الكهرباء على الاستمرار في تقديم الخدمة، ما ينعكس سلبًا على جميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية.
  • زيادة الأعباء المالية: قد تضطر الحكومة إلى زيادة أسعار الكهرباء أو فرض رسوم إضافية لتعويض العجز، ما يزيد من الأعباء على المواطنين والصناعة.
  • فرص الاستثمار: انتظام سداد المستحقات وتحسين كفاءة قطاع الكهرباء يعززان مناخ الاستثمار في مصر، خاصة مع توجه الدولة نحو التوسع في مشاريع الطاقة المتجددة والربط الكهربائي مع دول الجوار.

 

رؤية الخبراء والمحللين

يرى خبراء الاقتصاد والطاقة أن تصريحات رئيس الوزراء تعكس إدراك الحكومة لخطورة استمرار أزمة المديونيات على استقرار قطاع الكهرباء والاقتصاد الوطني بشكل عام، ويؤكدون أن الحل يكمن في تطبيق سياسات صارمة لتحصيل المستحقات، إلى جانب تعزيز الشفافية في إدارة الموارد المالية، وتوسيع الاستثمار في الطاقة المتجددة لتقليل الاعتماد على الوقود المستورد وتقلبات أسعاره.

تعكس تصريحات مصطفى مدبولي الأخيرة حجم التحديات التي يواجهها قطاع الكهرباء في مصر، في ظل تراكم المديونيات وتزايد الضغوط الاقتصادية، وبينما تسعى الحكومة إلى ضمان استدامة الخدمة وتحسين كفاءة القطاع، يبقى التزام الجهات الحكومية بسداد مستحقات شركات الكهرباء خطوة محورية لضمان استقرار المنظومة الكهربائية، وتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.