في صباح الأحد 13 يوليو 2025، شهدت منطقة العطارين في وسط الإسكندرية مأساة جديدة تجسد فشل نظام عبد الفتاح السيسي وحكومته الانقلابية في حماية أرواح المواطنين وضمان سلامة البنية التحتية، انهيار عقار سكني مكون من دور أرضي وأربعة طوابق علوية، بالإضافة إلى جزء من الدور الخامس، أسفر عن مصرع شقيقين وإصابة 6 آخرين، إلى جانب تهدم 14 محلاً تجارياً، وسط حالة من الفوضى والهلع بين السكان الذين يعيشون في ظل إهمال رسمي متكرر ومتعمّد.

العقار، الذي يقع في 138 شارع الخديوي ناصية شارع صلاح الدين، كان معروفاً بتدهور حالته الإنشائية، وصدر بشأنه قرار هدم جزئي منذ عام 1993 (قرار رقم 103 لسنة 1993) يقضي بهدم الدور الرابع والجزء الخاص بالدور الخامس مع ترميم باقي العقار، إلا أن هذا القرار لم يُنفذ بشكل جدي أو عاجل، ما يعكس سياسة الإهمال والتسويف التي تتبعها السلطات في التعامل مع ملف العقارات الآيلة للسقوط، رغم تحذيرات متكررة من خطورة الوضع.

https://youtu.be/EOFW5IWPuaA

هذا الحادث ليس سوى حلقة من سلسلة طويلة من الكوارث التي تعكس فشل النظام في إدارة ملف العمران وحماية المواطنين من مخاطر المباني القديمة والمتهالكة.

ففي ظل غياب الرقابة الفعلية وتجاهل تطبيق القوانين، تتكرر هذه المآسي التي تدفع ثمنها الفئات الأكثر هشاشة من السكان، الذين يعيشون في أحياء مكتظة ومهملة.

كما أن تصريحات محافظ الإسكندرية أحمد خالد حسن، الذي زار موقع الحادث وأكد على استمرار المتابعة ورفع الأنقاض وتشكيل لجان هندسية، تبدو كإجراءات شكلية لا تعالج جذور المشكلة ولا تمنع تكرارها.

من الناحية الاقتصادية، يعكس انهيار عقار العطارين أزمة أعمق في قطاع العقارات المصري، حيث تتداخل مشاكل ضعف البنية التحتية مع سياسات اقتصادية فاشلة أدت إلى تراجع ثقة المستثمرين والمواطنين على حد سواء.

الاقتصاديون يشيرون إلى أن هذه الحوادث تؤكد هشاشة الاقتصاد الوطني تحت حكم السيسي، الذي لم يستطع توفير بيئة آمنة ومستقرة للاستثمار أو للسكن، مما يزيد من معاناة المواطنين ويعطل التنمية الاقتصادية.

 

انهيارات سابقة بالعطارين

  • حادث 13 يوليو 2025: انهيار جزئي لعقار مكون من أرضي و4 طوابق بشارع صلاح الدين، أسفر عن وفاة شخصين (عمرهما 71 و65 عامًا)، وإصابة أربعة من بينهم طفلتان (13 و14 سنة)، بحسب ما بثته فيتو من موقع الحادث.
  • انهيارات سابقة في العطارين: في مايو 2024، انهار عقار مكون من 3 طوابق خلف قسم العطارين وكان مأهولًا بالسكان، وتم إنقاذ 3 أفراد كانوا بداخله، إضافةً إلى شخص آخر مرّ بالمكان صدفة في لحظة الانهيار.
  • أيضاً، في يوليو 2024، سقط منزل خالٍ من السكان في العطارين دون وقوع إصابات، وقد كان مهدّدًا منذ فترة طويلة واتخُذت الإجراءات الفورية عقب سقوط واجهته على العقار المقابل.

في جلسة طارئة للبرلمان المصري عقب الحادث، طالب نواب معارضون بوضع خطة عاجلة لإنهاء «كابوس العقارات الآيلة للسقوط»، مؤكدين أن ما يحدث في العطارين وغيره من مناطق الإسكندرية والقاهرة هو نتيجة مباشرة لسياسات الإهمال والتقاعس الحكومي.

هذه المطالب تأتي في ظل غياب رؤية واضحة أو إرادة سياسية حقيقية لدى النظام الانقلابي لمعالجة الأزمة بشكل جذري، حيث تظل الحلول مؤقتة ومحدودة التأثير.

المواطنون أنفسهم عبروا عن غضبهم واستيائهم من تكرار هذه الحوادث التي تهدد حياتهم يومياً، مطالبين الجهات المعنية باتخاذ إجراءات فورية وحاسمة لحماية الأرواح والممتلكات.

في الوقت ذاته، يواجه المواطنون صعوبات كبيرة في الحصول على تعويضات أو دعم حقيقي، في ظل نظام يركز على قمع المعارضة وتكميم الأفواه بدلاً من الإصغاء لمطالب الناس وحل مشاكلهم.

يضاف إلى ذلك أن الإعلام الرسمي، رغم تغطيته للحادث، يميل إلى التهوين من حجم الكارثة، ويركز على تصريحات المسؤولين الذين يقدمون وعوداً متكررة دون تنفيذ ملموس، مما يزيد من حالة الإحباط الشعبي تجاه النظام.

الفيديوهات التي انتشرت على مواقع التواصل تظهر حجم الدمار والدموع التي لا تخفى على عين، وتعكس واقعاً مأساوياً لمواطنين دفعوا حياتهم ثمناً لإهمال السلطة.

إن انهيار عقار العطارين هو حقيقية سياسة «القتل البطيء» التي يمارسها نظام الانقلاب بحق المصريين، حيث تُترك الأحياء القديمة تنهار، وتُهمل حقوق المواطنين في السكن الآمن، بينما تُصرف الأموال الطائلة على مشاريع فخمة لا تعود بالنفع على الشعب، كما أن غياب الشفافية والمحاسبة يفتح الباب أمام الفساد والمحسوبية التي تعمق الأزمة وتزيد من معاناة الناس.

ختاماً، مأساة العطارين تضع النظام الانقلابي في مواجهة مباشرة مع مسؤولياته تجاه شعبه، وتكشف عن هشاشة دعائم حكمه الذي يفتقر إلى الكفاءة والجدية في إدارة الشأن العام. هذه الحادثة ليست مجرد انهيار عقار، بل هي انهيار شامل في منظومة الحكم التي ترفض الاعتراف بأخطائها، وتصر على تجاهل معاناة المواطنين، مما يهدد استقرار المجتمع ومستقبل مصر بأكملها.