حاول أحد المعتقلين في إحدى قضايا الجنايات إنهاء حياته داخل قفص الاتهام، أثناء انعقاد جلسة محاكمته في محكمة جنايات بدر، يوم السبت الماضي، بحسب شهادة المحامي نبيه الجنادي، الذي كان حاضرًا الواقعة، واصفًا الموقف بأنه انعكاس لـ"فقدان الأمل" بعد سنوات طويلة من العزلة وحرمان المتهم من حقوقه الأساسية داخل سجن بدر 3.

 

تفاصيل الواقعة الصادمة داخل قاعة المحكمة
بحسب الجنادي، فإن المتهم المحتجز في سجن بدر 3، أقدم على محاولة انتحار بقطع شرايين يديه أمام هيئة المحكمة، احتجاجًا على احتجازه المستمر دون زيارة منذ نحو خمس سنوات.

قال الجنادي: "لما مشينا من القاعة، ماكانش اتنقل المستشفى، لكن كان فيه جرح وفيه دم ظاهر. معرفش هل تم نقله لاحقًا ولا لا. بس واضح إنه فقد الأمل تمامًا".

انتهت الجلسة بتأجيل المحاكمة، لكن الحدث أشعل من جديد الجدل حول الأوضاع داخل مجمع سجون بدر، خاصة في ظل تصاعد التقارير الحقوقية والشهادات حول الانتهاكات الجسيمة في سجن "بدر 3".

 

وزارة الداخلية تنفي.. لكن الوقائع تتكرر
جاءت الواقعة بعد ساعات قليلة من بيان رسمي صادر عن وزارة الداخلية في 8 يوليو الجاري، نفت فيه وجود انتهاكات أو حالات إضراب أو محاولات انتحار داخل السجون، ووصفت ما يُنشر على المنصات الحقوقية والإعلامية بأنه "ادعاءات زائفة ومتكررة" تقف وراءها "الأبواق الإعلامية لجماعة الإخوان".

وقالت الوزارة إن مراكز الإصلاح والتأهيل تتوافر بها "كافة الإمكانات الصحية للنزلاء وفقًا لأعلى المعايير الدولية".

لكن هذه التصريحات الرسمية قوبلت بتشكيك واسع، خاصة مع تزايد عدد الشهادات والتقارير التي تشير إلى تدهور الحالة النفسية والصحية لعدد كبير من السجناء، وحرمانهم من الزيارات والرعاية الطبية وحتى التهوية الطبيعية.

 

محاولات انتحار وإضرابات بالجملة في بدر 3
تزامنًا مع الحادثة التي شهدتها قاعة المحكمة، أصدرت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان بيانًا كشفت فيه عن محاولة انتحار أخرى داخل سجن بدر 3، أقدم عليها أحد المحتجزين، وهو طبيب يبلغ من العمر 61 عامًا، حاول الانتحار أمام كاميرات المراقبة، احتجاجًا على ظروف احتجازه القاسية، والتي بدأت منذ اعتقاله في أغسطس 2013.

وأضاف بيان الشبكة أن المحتجز نُقل لاحقًا إلى المستشفى، بينما دخل باقي المحتجزين في نفس العنبر في إضراب مفتوح عن الطعام، اعتراضًا على ما وصفوه بـ"الضغوط النفسية القاسية والانتهاكات المستمرة"، وفي مقدمتها الحرمان من الزيارة، ومنع التواصل مع العالم الخارجي، والإهمال الطبي، وظروف الحبس غير الآدمية.

وأكدت الشبكة الحقوقية أن حالات محاولة الانتحار في بدر 3 ليست معزولة، بل تأتي ضمن سلسلة متكررة من الأحداث المشابهة التي تُنذر بكارثة إنسانية صامتة داخل هذا السجن.

 

شهادات أسر المعتقلين: لا زيارات ولا حياة
رغم نفي الداخلية، وثّقت أسر محتجزين في سجن بدر 3، منذ فبراير 2023، العديد من الحالات المشابهة، وتحدثت عن انقطاع كامل للزيارات لفترات طويلة، ومنع دخول الأدوية، وسوء التغذية، وغياب الرعاية الطبية.

وكانت 17 منظمة حقوقية دولية قد أصدرت بيانًا مشتركًا الأسبوع الماضي طالبت فيه بالإفراج الفوري عن الدكتور صلاح سلطان، القيادي السابق بجماعة الإخوان المسلمين، والمحتجز في سجن بدر 1، بسبب تدهور حالته الصحية.

ووصفت المنظمات في بيانها سجن بدر 3 بأنه "سيئ السمعة"، وأشارت إلى أن الأوضاع فيه "قاسية بشكل خاص"، ما يضع علامات استفهام كبرى على مصير المئات من النزلاء الذين يفتقرون لأبسط الحقوق الأساسية.