منذ سقوط نظام القذافي عام 2011، شهدت ليبيا انهياراً في الدولة وتوسعًا سريعًا في شبكات تهريب المهاجرين، حيث ارتفع عدد المهاجرين القادمين إلى إيطاليا عبر البحر المتوسط من 28500 في 2011 إلى 163000 مهاجرًا في 2016.
وأدى غياب الحكم الفاعل إلى ازدهار الاقتصاد غير المشروع، بما في ذلك التهريب، والذي أصبح مصدرًا رئيسيًا للإيرادات.
في النيجر، وخاصة في مدينة أغاديز، تحول التهريب إلى صناعة شبه رسمية مع تزايد تدفقات المهاجرين عبر الحدود الليبية.
ونتيجة لذلك، شهدت المنطقة ازدهارًا اقتصاديًا، حيث استفاد السكان المحليون من خدمات النقل والإقامة والتجارة المرتبطة بالمهاجرين.
أما في نيجيريا، وتحديدًا في ولاية إيدو، فقد أدى التدهور الاقتصادي إلى اعتماد كثير من العائلات على الهجرة غير النظامية كمصدر للدخل.
وارتفعت أعداد المهاجرين بشكل كبير، حيث انخفضت تكاليف العبور إلى أوروبا من 1000 دولار عام 2013 إلى أقل من 100 دولار عام 2017، ما زاد من تعرض المهاجرين للاستغلال والاتجار بالبشر، خصوصًا النساء.
مع تصاعد الهجرة غير النظامية، ضغطت الحكومات الأوروبية على النيجر لتجريم تهريب المهاجرين، مما أدى إلى إصدار قانون "36" في 2015، والذي فرض عقوبات مشددة على المتورطين في التهريب.
لكن هذا أدى إلى عواقب غير مقصودة، مثل زيادة وفيات المهاجرين في الصحراء، حيث اضطر المهربون إلى اتخاذ طرق أكثر خطورة لتجنب السلطات.
وفي البحر المتوسط، وقعت إيطاليا اتفاقًا مع حكومة الوفاق الليبية في 2017، تلاه إعلان مالطا، مما أدى إلى تقليل عمليات الإنقاذ الأوروبية وتكليف خفر السواحل الليبي بمهمة الإنقاذ.
لكن هذا سمح للجماعات المسلحة الليبية باستغلال الوضع لتحقيق مكاسب مالية، حيث بدأت في التحكم بعمليات التهريب بدلاً من منعها.
وعلى الرغم من تراجع أعداد المهاجرين الوافدين إلى أوروبا في البداية، إلا أن الأعداد بدأت في الارتفاع مجددًا، حيث وصلت إلى 49740 مهاجرًا في 2023، لكنها لا تزال أقل من ذروتها في 2016.
ومع ذلك، لم يؤدِ التعاون الأوروبي مع ليبيا إلى حل جذري للمشكلة، بل عزز من هيمنة الجماعات المسلحة على مؤسسات الدولة الليبية.
في الواقع، استفادت هذه الجماعات من منع وتهريب المهاجرين، حيث وفرت "تنظيمًا غير رسمي" لهذه التجارة غير الشرعية، مما زاد من استغلال المهاجرين في مراكز الاحتجاز والابتزاز والاعتداءات الجنسية.
رغم أن سياسات أوروبا قللت من تدفقات الهجرة إلى حد ما، إلا أنها لم تعالج الأسباب الجذرية للمشكلة، مثل الفقر والصراعات في بلدان المصدر والعبور.
لا تزال الأموال تُدفع للحكومات والمليشيات لوقف الهجرة، دون الاستثمار في تنمية المجتمعات المحلية أو دعم السلام والاستقرار.