في حادث أثار الهلع وأعاد المخاوف الأمنية إلى الواجهة، أصيب عشرات الأشخاص، معظمهم من الطلاب والمعلمين، جراء انفجار وقع داخل مسجد يقع ضمن مجمع مدرسي في العاصمة الإندونيسية جاكرتا، وذلك في أثناء أداء صلاة الجمعة.

الحادث الذي وقع في وقت الذروة الدينية الأسبوعية دفع السلطات إلى استنفار أمني واسع وبدء تحقيقات مكثفة لتحديد طبيعة الانفجار وأسبابه، فيما تتأرجح الشكوك بين كونه ناتجاً عن خلل فني أو عملاً مدبراً.

 

تفاصيل الحادث وردود الفعل الأولية

وقع الانفجار حوالي الساعة 12:30 ظهراً بالتوقيت المحلي (05:30 بتوقيت غرينتش) في مسجد مدرسة "سما نيغري 72" الحكومية الثانوية، الواقعة في منطقة كيلابا جادينج بشمال جاكرتا. ووفقاً لشهود عيان، سُمع دوي انفجارين متتاليين قبيل بدء خطبة الجمعة مباشرة، مما تسبب في حالة من الذعر الشديد بين المصلين.

وقال بودي لاكسونو، وهو مدرس رياضيات كان حاضراً وقت وقوع الحادث، إن الخطبة كانت قد بدأت للتو عندما سمع الجميع دوي انفجار قوي ملأ المكان بالدخان، مما دفع الطلاب والمصلين إلى الهروب في حالة من الفزع، بينما سقط بعضهم أرضاً من شدة الخوف.

على الفور، فرضت قوات الشرطة طوقاً أمنياً حول المجمع المدرسي، بينما هرعت سيارات الإسعاف لنقل المصابين إلى المستشفيات القريبة. وأظهرت مشاهد بثتها قنوات تلفزيونية محلية حالة الاستنفار الأمني، دون أن تُظهر الصور أضراراً جسيمة في هيكل المسجد الخارجي.

 

حصيلة الضحايا والتحقيقات الجارية

أعلن قائد شرطة العاصمة جاكرتا، أسيب إيدي سوهيري، في مؤتمر صحفي، أن الحصيلة الأولية للحادث بلغت 54 مصاباً.
وأوضح أن الإصابات تنوعت بين حروق وجروح ناجمة عن تطاير شظايا الزجاج وتأثير موجة الانفجار، وتراوحت شدتها بين الطفيفة والخطيرة. وأكد سوهيري أن 20 من المصابين ما زالوا يتلقون العلاج في المستشفيات، من بينهم ثلاثة في حالة خطيرة، بينما غادر الآخرون بعد تلقي الإسعافات اللازمة.
وفيما يتعلق بالتحقيقات، ذكرت صحيفة "جاكرتا جلوب" نقلاً عن مصادر شرطية أن التحقيقات الأولية لا تزال مفتوحة على جميع الاحتمالات. وتشمل السيناريوهات المحتملة حدوث ماس كهربائي، أو خللاً في أحد الأجهزة الإلكترونية داخل المسجد، أو انفجار عبوة ناسفة بدائية الصنع.

وقد عززت الأدلة التي عُثر عليها في الموقع من فرضية العمل المدبر، حيث قامت فرقة متخصصة في تفكيك القنابل بتفتيش شامل للمسجد والمناطق المحيطة به.

وأسفر التفتيش عن العثور على أغراض مشبوهة، من بينها مكونات يُعتقد أنها تعود لعبوة ناسفة يدوية الصنع، بالإضافة إلى جهاز تحكم عن بعد وبنادق هوائية ومسدسات لعبة.

وأكد قائد الشرطة أن جميع هذه الأدلة ستخضع للفحص الدقيق من قبل خبراء الأدلة الجنائية ووحدة تفكيك المتفجرات لتحديد طبيعتها ودورها في الحادث.

 

سياق أمني متوتر وتاريخ من الهجمات

يأتي هذا الانفجار في وقت تواجه فيه إندونيسيا تحديات أمنية مرتبطة بالجماعات المتطرفة، على الرغم من الجهود الحكومية لمكافحتها.

وعلى الرغم من أن السلطات لم تصدر أي بيان رسمي يرجح فرضية العمل الإرهابي حتى الآن، فإن طبيعة الحادث المتمثلة في استهداف مسجد أثناء صلاة الجمعة، والعثور على مكونات قد تكون مرتبطة بعبوة ناسفة، تثير قلقاً بالغاً.
تاريخياً، شهدت إندونيسيا، أكبر دولة من حيث عدد السكان المسلمين في العالم، سلسلة من الهجمات التي نفذتها جماعات متطرفة استهدفت مدنيين وقوات أمن وأماكن عبادة.

هذه الهجمات دفعت السلطات إلى تعزيز إجراءاتها الأمنية وتكثيف عملياتها ضد الخلايا الإرهابية. الحادث الأخير، بغض النظر عن نتائجه النهائية، يسلط الضوء مجدداً على مدى ضعف الأهداف المدنية، مثل المدارس وأماكن العبادة، أمام التهديدات الأمنية المحتملة.

كما يعيد إلى الأذهان حوادث انهيارات المباني المدرسية التي شهدتها البلاد مؤخراً وأسفرت عن سقوط عشرات الضحايا، مما يبرز وجود تحديات تتعلق بمعايير السلامة في البنية التحتية التعليمية أيضاً.

في الختام، لا تزال جاكرتا تترقب نتائج التحقيقات الرسمية لكشف لغز هذا الانفجار. وبينما تتعامل الفرق الطبية مع المصابين وتعمل الأجهزة الأمنية على جمع الأدلة، يبقى السؤال الأهم معلقاً حول ما إذا كان هذا الحادث المأساوي مجرد حادث عرضي أم أنه يمثل حلقة جديدة في مسلسل العنف الذي تسعى إندونيسيا جاهدة لوضع حد له