يواصل ترامب تفريغ المؤسسات الفيدرالية من موظفيها، بإشراف رجل الأعمال إيلون ماسك، بينما يسيطر على الكونجرس، في حين يُتوقع أن تكون المحكمة العليا خاضعة لتوجهاته.

في ظل هذه التغيرات، تتفاقم التوترات في الشرق الأوسط، خاصة مع هشاشة وقف إطلاق النار في غزة ولبنان، حيث تتهم إسرائيل بانتهاكه. ترامب لم يبدِ أي موقف تجاه هذه الانتهاكات، لكنه أطلق تهديدًا حادًا ضد حركة حماس عندما تأخرت في إطلاق سراح بعض الرهائن بسبب عدم التزام إسرائيل بشروط الهدنة.

 

إحراج القادة العرب

شهدت الساحة السياسية مشهدًا محرجًا خلال لقاء ترامب مع العاهل الأردني الملك عبد الله في البيت الأبيض. لم يتحدث الملك علنًا أثناء حديث ترامب عن رؤيته لمستقبل غزة، والتي تتركز حول "إعادة توطين" الفلسطينيين في دول الجوار، وخاصة مصر والأردن، مما يهدد استقرار البلدين.

على الأرجح، هذا ما دفع عبد الفتاح السيسي إلى تأجيل زيارته إلى واشنطن، خشية التعرض لموقف مشابه من الإهانة العلنية التي تعرض لها العاهل الأردني.

 

دبلوماسية "ما بعد الحقيقة"

عندما يتحدث ترامب، من الصعب معرفة ما إذا كان يعني ما يقوله أم أنه مجرد موقف تفاوضي، خاصة أنه كثيرًا ما يناقض نفسه. ومع ذلك، فإن توجهاته تعكس تأثير مستشاريه الذين يحملون أجندات صهيونية واضحة.

في هذا السياق، لم يتأخر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن تقديم اقتراح صادم، حيث دعا إلى إقامة دولة فلسطينية في السعودية، بحجة وجود "مساحات واسعة غير مستغلة". ردّ المملكة على هذه التصريحات كان حازمًا، إذ أكد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أن السعودية ملتزمة بإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، ولن تُطبع العلاقات مع إسرائيل دون تحقيق هذا الهدف.

 

تحديات أمام الدول العربية

إن استمرار الدول العربية في التنسيق المشترك قد يكون أحد آخر الفرص للتأثير على القرارات الأمريكية والإسرائيلية. ومن المقرر أن تعقد قمة عربية طارئة في 27 فبراير، لكن التجارب السابقة تشير إلى أن هذه القمم غالبًا ما تكون مليئة بالخطب الحماسية دون قرارات حاسمة.

أظهرت دول مثل قطر والإمارات قدرة على التعامل بذكاء مع واشنطن، فيما تجد السعودية نفسها أمام معضلة معقدة: كيف يمكنها دفع أجندتها الإصلاحية التي تحتاج إلى دعم أمريكي، في الوقت الذي يتطلب منها الحفاظ على شرعيتها كحامية للحرمين الشريفين؟

إضافة إلى ذلك، تواجه مصر والأردن ضغوطًا متزايدة، فبينما تعتمد الدولتان على الدعم الغربي، تزداد المخاوف من أن تؤدي السياسات الإسرائيلية إلى تقويض استقرارهما الداخلي، خاصة إذا استمرت واشنطن وتل أبيب في فرض حلول غير واقعية على الفلسطينيين.

 

هل يتعلم ترامب ونتنياهو من الفشل؟

يبدو أن ترامب ونتنياهو يسعيان إلى إشعال جولة جديدة من الحرب في غزة، متجاهلين إخفاقات الـ 15 شهرًا الماضية. ومن غير المستبعد أن تتجه الإدارة الأمريكية الجديدة إلى الاعتراف بمزيد من عمليات الضم الإسرائيلية في الضفة الغربية، إضافة إلى إمكانية ضم أراضٍ سورية جديدة.

في ظل هذه التطورات، تساءلت السعودية علنًا عن نوايا الولايات المتحدة وإسرائيل، مشددة على أن السياسات الإسرائيلية تهدف إلى طمس الهوية الفلسطينية من خلال التطهير العرقي. فهل ستظل الدول العربية متمسكة باتفاقيات التطبيع؟ وهل ستستمر مصر والأردن في الالتزام بمعاهدات السلام مع إسرائيل رغم تصعيدها المستمر؟

المستقبل وحده كفيل بالإجابة، لكن المؤكد أن سياسات ترامب ونتنياهو تدفع المنطقة نحو مزيد من الفوضى وعدم الاستقرار.

https://www.middleeasteye.net/opinion/trump-arab-leaders-netanyahu-how-much-longer-run-amok