كشفت التقارير الأخيرة أن السياسة الأمريكية تجاه غزة لم تتغير جذريًا مع تناوب الإدارات، بل تعود إلى عام 2007، عندما بدأت واشنطن دعم خطط إسرائيل لطرد الفلسطينيين من القطاع. واليوم، يعيد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إحياء هذه الخطة، مستغلًا الوضع الحالي لتحقيق مشروع استثماري يحمل طابعًا استعماريًا.

 

من الإبادة إلى التطهير العرقي

منذ بدء الحرب على غزة قبل 16 شهرًا، وضع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هدفين رئيسيين: إبادة المقاومة الفلسطينية أو تهجير سكان القطاع. وخلال تلك الفترة، حصل على دعم متواصل من الرؤساء الأمريكيين المتعاقبين، حيث وفر الرئيس السابق جو بايدن القنابل التي دمرت البنية التحتية، بينما يوفر ترامب اليوم سلاحًا أكثر تدميرًا – قنبلة MOAB الضخمة – لدفع الفلسطينيين إلى الهروب من القطاع.

ترامب، على غرار سلفه، يدعي أنه يسعى لتحقيق السلام، لكنه في الواقع يمهد الطريق لعملية تهجير جماعي، حيث صرح علنًا بأنه يسعى إلى "تطهير" غزة وتحويلها إلى "مشروع عقاري مربح". وبحسب تقارير إسرائيلية، فإن نتنياهو كان منذ البداية يسعى إلى إفشال أي اتفاق لوقف إطلاق النار، وعرقلة أي جهود لإعادة إعمار غزة، لأن الهدف الحقيقي كان دائمًا "إفراغ" القطاع من سكانه.
 

خطة "غزة الكبرى" والضغط على مصر

لم يكن الحديث عن ترحيل الفلسطينيين من غزة إلى سيناء جديدًا، بل يعود إلى عام 2007، حين بدأ الضغط الأمريكي على مصر لقبول تهجير الفلسطينيين. الفكرة كانت أن الحصار والضربات الجوية المتكررة ستجعل سكان غزة يائسين إلى درجة القبول بالرحيل إلى صحراء سيناء، حيث يمكن إنشاء "مخيمات مؤقتة" تتحول لاحقًا إلى مستوطنات دائمة.

لكن كل الرؤساء المصريين – من حسني مبارك إلى عبد الفتاح السيسي – رفضوا هذه الخطة، رغم محاولات الرشوة والضغط الأمريكي المستمر. واليوم، مع تسارع الأحداث، يواجه السيسي ضغوطًا جديدة من إدارة ترامب، التي تسعى إلى "إقناع" مصر بالسماح بنقل سكان غزة إلى أراضيها.

 

ردود أفعال عربية ودولية متباينة

بينما يتحدث الإعلام الغربي عن "خطة إعادة توطين" الفلسطينيين، فإن الحقيقة الواضحة هي أن هذا ليس إلا تطهيرًا عرقيًا ممنهجًا. لكن هذه المرة، يبدو أن الدول العربية ليست على استعداد للقبول بسهولة. فقد ألغى السيسي اجتماعًا كان مقررًا مع ترامب، بينما أظهر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني توترًا واضحًا خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن، حيث يخشى من أن يؤدي نجاح خطة تهجير الفلسطينيين إلى زعزعة استقرار الأردن نفسه.

حتى بعض الدول الأوروبية بدأت تشعر بالحرج من تصريحات ترامب الصريحة حول المشروع، ما دفع بعض وسائل الإعلام الغربية إلى التخفيف من حدة الخطاب، متحدثة عن "إعادة التوطين" بدلًا من "الطرد القسري".

 

ما التالي لغزة؟

رغم تراجع التصعيد خلال الأيام الأخيرة، إلا أن ذلك لا يعني أن الخطة قد أُلغيت. بل يبدو أن كلًا من إسرائيل والولايات المتحدة تسعيان إلى اختيار التوقيت الأنسب لاستئناف العملية، سواء عبر الضغوط الاقتصادية أو عبر استئناف الهجمات العسكرية.

في النهاية، كشف ترامب عن الوجه الحقيقي للسياسة الأمريكية تجاه غزة، حيث لم تكن القضية يومًا قضية "سلام" أو "أمن"، بل كانت دائمًا مشروعًا استعماريًا للسيطرة على الأرض وطرد سكانها، وهي سياسة استمرت لعقود، بغض النظر عن اسم الرئيس الذي ينفذها.

https://www.middleeasteye.net/opinion/gaza-ethnic-cleansing-not-trumps-plan-every-us-president-bush-embraced-it