العطارة والأعشاب ملاذ المصريين في ظل غلاء الأدوية ونقصها الحاد
الجمعة 14 فبراير 2025 09:00 م
يشهد سوق الدواء في مصر اضطرابات متزايدة، تتمثل في نقص بعض الأصناف الدوائية وارتفاع أسعار الأدوية بشكل ملحوظ، الأمر الذي دفع كثيرًا من المواطنين للبحث عن بدائل طبيعية أقل كلفة وأكثر توافرًا، في هذا السياق، برزت محال العطارة كوجهة رئيسية للراغبين في التداوي بالأعشاب الطبية، مما أدى إلى انتعاش هذا القطاع بشكل غير مسبوق.
انتعاش سوق العطارة في ظل أزمة الدواء
خلال السنوات الماضية، ارتفعت أسعار الأدوية بنسب كبيرة، حيث تم رفع أسعار أكثر من 200 صنف دوائي بنسب تصل إلى 50%، مما زاد من معاناة المرضى، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها معظم المصريين، ومع ازدياد تكلفة العلاج الطبي التقليدي، لجأ العديد من الأفراد إلى الطب البديل، حيث أصبحت الأعشاب والنباتات الطبية خيارًا أساسيًا لكثير من الأسر.
وتشير تقارير وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي إلى أن مصر تزرع ما يقارب 30 نوعًا من النباتات العطرية والطبية على مساحة تصل إلى 130 ألف فدان في مختلف المحافظات، مما يعزز توفر هذه المنتجات بأسعار تنافسية مقارنة بالأدوية التقليدية.
شهادات من الواقع: الأعشاب كبديل للأدوية
تقول أم محمد، ربة منزل: "منذ أن ارتفعت أسعار الأدوية، بدأت باستخدام الأعشاب لعلاج مشكلات الهضم والصداع، وكانت النتائج جيدة. الأعشاب أقل تكلفة وأسهل في التوافر".
أما سيد حسن، موظف حكومي، فيروي تجربته قائلاً: "أعاني من ارتفاع ضغط الدم، وكنت أعتمد على أدوية باهظة الثمن، لكني بدأت في استخدام الأعشاب بناءً على نصيحة صديق، ولاحظت تحسنًا ملموسًا، الآن، أصبحت الأدوية خيارًا ثانويًا بالنسبة لي".
وجهة نظر أصحاب محال العطارة
يؤكد محمد عبد العاطي، صاحب محل عطارة في الإسكندرية، أن الإقبال على شراء الأعشاب الطبية ارتفع بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، حيث بات كثيرون يعتمدون عليها لعلاج نزلات البرد، وضبط ضغط الدم، وحتى دعم الجهاز المناعي. كما أن البعض يستخدمها لأغراض أخرى مثل فقدان الوزن أو زيادة النشاط الحيوي.
الطب البديل بين التأييد والتحفظ الطبي
رغم تزايد الاعتماد على الأعشاب الطبية، يرى أطباء أن الأمر يجب أن يكون تحت رقابة علمية دقيقة، وتقول الدكتورة ريم الخولي، طبيبة أمراض باطنية: "هناك مرضى يطلبون مني وصفات علاجية تعتمد على الأعشاب بسبب غلاء الأدوية، لكن لا يمكن الاعتماد عليها وحدها دون استناد إلى دراسات علمية موثوقة، وبعض الأعشاب لها فوائد مثبتة، مثل الزنجبيل والكركم، لكن المشكلة تكمن في غياب الجرعات الدقيقة والتعليمات الطبية".
أما الدكتور أحمد حمدي، أخصائي الأمراض الباطنية، فيوضح أن "الأعشاب الطبية تحقق أحيانًا نتائج إيجابية في علاج الأمراض البسيطة، لكن لا يمكن الاعتماد عليها في علاج الأمراض المزمنة أو الخطيرة، حيث تفتقر إلى الدقة والفعالية الموجودة في الأدوية الكيميائية".
البعد الاقتصادي لزراعة وتجارة الأعشاب
تشير الإحصاءات إلى أن مصر تعد من الدول الرائدة في زراعة وتصدير الأعشاب الطبية، حيث تُزرع هذه المحاصيل بشكل رئيسي في محافظات المنيا، الفيوم، بني سويف، وأسيوط. وتقول رانيا إبراهيم، مديرة تصدير بإحدى الشركات الزراعية: "هناك طلب متزايد محليًا وعالميًا على النباتات العطرية والطبية، نظرًا للاتجاه العالمي نحو المنتجات الطبيعية، وبعض المحافظات أصبحت مركزًا لإنتاج وتصدير هذه المنتجات".
مستقبل صناعة الأعشاب الطبية
يرى الخبير في الطب البديل أحمد سامي أن ارتفاع أسعار الأدوية أسهم في ازدهار تجارة الأعشاب، ولكن الصناعة بحاجة إلى دعم حكومي لتعزيز زراعة الأعشاب، وتحسين طرق تصنيعها، والتأكد من جودتها لضمان سلامة المستخدمين.
ويؤكد سامي أن "مستقبل الأعشاب الطبية في مصر واعد إذا ما تم استغلال الموارد الطبيعية والبشرية بشكل مستدام، عبر دعم الأبحاث الزراعية، وتوفير التسهيلات المالية للمزارعين".