في صباح الجمعة 17 أكتوبر 2025، استيقظ المصريون على خبر زيادة جديدة في أسعار البنزين والسولار، بعد قرار لجنة التسعير التلقائي للمواد البترولية برفع الأسعار اعتبارًا من اليوم، في مسلسل الغلاء المستمر منذ أكثر من عقد.
وجاءت الأسعار الجديدة كالتالي:
بنزين 80 من 15.75 إلى 17.75 جنيه، بنزين 92 من 17.25 إلى 19.25 جنيه، بنزين 95 من 19 إلى 21 جنيهًا، والسولار من 15.5 إلى 17.5 جنيه للتر الواحد.
وشهدت محطات الوقود منذ فجر اليوم ازدحامًا ملحوظًا من السائقين الذين سارعوا للتزود بالوقود قبل بدء تطبيق الأسعار الجديدة، في مشهد بات يتكرر مع كل زيادة خلال السنوات الأخيرة.
خريطة أسعار البنزين في عهد السيسي: من 2014 إلى 2025
لم تكن هذه الزيادة الأولى، بل تأتي ضمن سلسلة طويلة من قرارات رفع الأسعار بدأت منذ عام 2014، حين بدأت حكومة عبدالفتاح السيسي، خطة رفع الدعم تدريجيًا عن الوقود ضمن برنامج إصلاح اقتصادي طويل الأمد.
في عام 2014، كان لتر بنزين 80 يُباع بأقل من جنيه واحد فقط، بينما لم يتجاوز سعر بنزين 92 جنيهًا وثمانين قرشًا، وكان السولار في حدود 1.10 جنيه للتر، وهي أسعار لم تكن تتغير لسنوات طويلة في ظل الدعم الحكومي الكامل للمحروقات.
لكن مع أول قرارات رفع الأسعار في يوليو من العام نفسه، قفزت أسعار البنزين والسولار بنسبة تجاوزت 50% دفعة واحدة. وفي 2016، ومع قرار تعويم الجنيه، شهدت البلاد موجة جديدة من الارتفاعات، فوصل سعر بنزين 80 إلى 2.35 جنيه، وبنزين 92 إلى 3.50 جنيه، والسولار إلى 2.35 جنيه.
وفي العام التالي، 2017، رفعت الحكومة الأسعار مجددًا لتصل إلى 3.65 جنيه لبنزين 80، و5 جنيهات لبنزين 92، و3.65 جنيه للسولار. ولم تتوقف الزيادات عند هذا الحد، ففي يونيو 2018 ارتفع بنزين 80 إلى 5.50 جنيه، و92 إلى 6.75 جنيه، و95 إلى 7.75 جنيه، بينما بلغ السولار 5.50 جنيه.
ثم جاء عام 2019 ليحمل زيادات جديدة أوصلت الأسعار إلى 6.75 جنيه لبنزين 80، و8 جنيهات لبنزين 92، و9 جنيهات لبنزين 95، و6.75 جنيه للسولار. ومع جائحة كورونا في 2020 تم خفض الأسعار قليلًا إلى 6.25 جنيه لبنزين 80، و7.50 جنيه لبنزين 92، و8.50 جنيه لبنزين 95، والسولار إلى 6.75 جنيه.
وفي 2021، بدأت لجنة التسعير تطبيق زيادات تدريجية ربع جنيه في كل مرة، لتصل الأسعار في نهاية العام إلى 6.50 جنيه لبنزين 80، و7.75 جنيه لبنزين 92، و8.75 جنيه لبنزين 95، مع ثبات السولار.
عام 2022 شهد قفزات متلاحقة في الأسعار بالتوازي مع الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع النفط عالميًا، فبلغ بنزين 80 نحو 10 جنيهات، و92 حوالي 11.5 جنيه، و95 نحو 12.5 جنيه، بينما وصل السولار إلى 8.25 جنيه.
وفي عام 2023 و2024 واصلت الأسعار ارتفاعها المتدرج، فوصل بنزين 80 إلى 13.25 جنيه، و92 إلى 15.25 جنيه، و95 إلى 17 جنيهًا، والسولار إلى 13.5 جنيه، قبل أن تُقر الحكومة زيادات إضافية في النصف الأول من 2025 لترتفع الأسعار إلى 15.75 و17.25 و19 جنيهًا على التوالي، والسولار إلى 15.5 جنيه.
ثم جاءت زيادة أكتوبر 2025 لتُكمل المشهد: بنزين 80 عند 17.75 جنيه، و92 عند 19.25، و95 عند 21 جنيهًا، والسولار عند 17.5 جنيه — أي بارتفاع تجاوز 700% منذ عام 2014.
الشارع بين الغضب والإنهاك
بين محطات الوقود المزدحمة، ومواقع التواصل الاجتماعي التي امتلأت بالتعليقات الغاضبة، سادت حالة من الاستياء الواسع بين المواطنين. يقول أحد السائقين: "كل ما البنزين يعلى كل حاجة بتغلى بعده.. النقل، الأكل، الكهربا، حتى رغيف العيش بقى أغلى".
ويضيف آخر: "كنا بنمشي بالعربية عادي، دلوقتي بنحسبها باليوم.. كل مشوار له تمن".
القرارات المتكررة رفعت تكاليف المعيشة بشكل غير مسبوق، وسط غياب واضح لأي زيادات موازية في الدخل أو الأجور، مما جعل كثيرًا من الأسر تعيش على حافة الإنهاك الاقتصادي.
التأثير الاقتصادي: حلقة تضخم لا تنتهي
يحذر خبراء الاقتصاد من أن كل زيادة في أسعار الوقود تُحدث موجة تضخمية جديدة، لأن الوقود عنصر أساسي في النقل والإنتاج. ومع الزيادة الأخيرة، يُتوقع ارتفاع أسعار السلع والخدمات بنسبة قد تصل إلى 15% خلال الأشهر المقبلة، خصوصًا في قطاعي النقل والمواد الغذائية.
ويرى اقتصاديون أن الحكومة تمضي في مسار "تحرير كامل للأسعار"، بهدف تخفيف أعباء الدعم عن الموازنة العامة، لكن هذا يأتي على حساب القدرة الشرائية للمواطنين، الذين يواجهون بالفعل ارتفاعات في فواتير الكهرباء والمياه والغاز، فضلًا عن تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار.
عقد من الزيادات.. ولا نهاية في الأفق
من جنيه واحد في 2014 إلى 21 جنيهًا في 2025، قطع البنزين رحلة طويلة من الزيادات التي غيرت شكل الحياة اليومية في مصر. رحلةٌ لم تقتصر على أرقام الوقود، بل انعكست على كل تفاصيل المعيشة من سعر الخضار إلى أجرة التاكسي، وسط غياب حلول واضحة تخفف العبء عن المواطنين.
ومع استمرار الضغوط المالية وتراجع الدخول، يخشى كثيرون أن تكون الزيادات الأخيرة ليست النهاية، بل محطة جديدة في طريق لا تزال ناره مشتعلة.