في ظل الهدوء الهش الذي يشهده قطاع غزة بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وجهت حركة حماس اتهامات مباشرة لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالسعي لتقويض الاتفاق عبر استخدام الملف الإنساني كأداة للضغط السياسي.

ويتمحور الموقف الذي عبرت عنه الحركة في بيانها الأخير حول تعمد إسرائيل عرقلة استعادة جثامين الأسرى الإسرائيليين، في خطوة تصفها حماس بأنها "ابتزاز إنساني" يهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية على حساب معاناة أهالي الأسرى والوضع الكارثي في القطاع.
 

عقبات متعمدة في ملف الرهائن
أكدت حماس التزامها الكامل ببنود اتفاق وقف إطلاق النار، لكنها أوضحت أن الجانب الإسرائيلي هو من يضع العراقيل أمام استكمال أحد أهم بنوده الإنسانية.

وبحسب الحركة، فإن عملية استخراج رفات الأسرى تواجه تحديات لوجستية هائلة، حيث أن العديد من الجثامين مطمور تحت أنقاض المباني السكنية التي سويت بالأرض جراء القصف الإسرائيلي، أو عالق داخل أنفاق دُمرت بفعل الغارات الجوية.

وتتهم حماس إسرائيل بشكل مباشر بمنع إدخال المعدات الثقيلة والآليات الهندسية الضرورية لرفع الركام والوصول إلى هذه المواقع، مما يجعل مهمة استعادة الجثامين شبه مستحيلة.
وترى الحركة أن هذا التعنت الإسرائيلي ليس مجرد إجراء بيروقراطي، بل هو قرار سياسي مدروس من حكومة نتنياهو لاستغلال هذا الملف الحساس وممارسة المزيد من الضغط على الحركة.
 

سياسة إسرائيلية ممنهجة لتشديد الحصار
ترى حماس أن عرقلة استعادة الجثامين ليست حادثة معزولة، بل هي جزء من سياسة إسرائيلية أوسع تهدف إلى إدامة الأزمة الإنسانية في غزة.
ويتجلى ذلك، من وجهة نظر الحركة، في استمرار إسرائيل في المماطلة بإعادة فتح معبر رفح بشكل كامل أمام حركة الأفراد والبضائع، والإصرار على أن تتدفق المساعدات الإنسانية المحدودة فقط عبر معبر كرم أبو سالم الخاضع لسيطرتها المطلقة.

وتعتبر حماس أن هذا التحكم الصارم في المعابر يمنح إسرائيل القدرة على تقليص المساعدات الحيوية، مما يفاقم الأوضاع الصحية والمعيشية المتردية أصلاً.

ويأتي تحذير منظمة الصحة العالمية من تفشي الأوبئة بشكل "خارج عن السيطرة" وعمل 13 مستشفى فقط بشكل جزئي، ليدعم رواية حماس بأن الحصار الإسرائيلي هو السبب المباشر وراء انهيار المنظومة الصحية والبيئية في القطاع.
 

تجاهل دولي للممارسات الإسرائيلية
في سياق متصل، تنتقد حماس ما تعتبره انحيازاً دولياً لإسرائيل.
ففي حين وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تهديدات مباشرة للحركة، متوعداً بـ"قتل عناصرها"، فإنه لم يوجه أي انتقاد للممارسات الإسرائيلية التي تعتبرها حماس خرقاً لروح اتفاق وقف إطلاق النار.

وتنظر الحركة إلى هذا الموقف الأمريكي على أنه ضوء أخضر لإسرائيل للاستمرار في سياستها التصعيدية. وفي المقابل، ترحب حماس بمبادرات مثل إعلان تركيا إرسال فريق متخصص للمساعدة في البحث عن الجثث، معتبرة إياها خطوة إنسانية إيجابية تتناقض مع السلوك الإسرائيلي.
وتدعم الحركة دعوة رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى لتنسيق دولي لإعادة الإعمار، لكنها تشدد على أن أي جهود مستقبلية يجب أن تضمن رفع الحصار بشكل كامل ووقف "الابتزاز السياسي" الذي تمارسه حكومة نتنياهو.