في الوقت الذي تواصل فيه حكومة عبدالفتاح السيسي، الترويج لمدن جديدة ومليارات تُنفق على مشروعات عمرانية، التهمت النيران واحدًا من أقدم أعمدة البنية التحتية للاتصالات في مصر، "سنترال رمسيس"، لتكشف الواقعة عن هشاشة الواقع الخدمي، وتضع علامات استفهام على أولويات الاستثمار الحكومي.

وفي ذات الوقت، يشهد الواقع الاقتصادي المصري موجة خروج صامتة لرؤوس الأموال، تتجه صوب دبي، حيث البنية التحتية الجاهزة، والتشريعات الواضحة، والبيئة الرقمية المتكاملة.

 

دبي.. ملاذ رجال الأعمال المصريين

   في مائدة مستديرة عقدتها لجنة تنمية العلاقات الاقتصادية مع دول مجلس التعاون الخليجي بجمعية رجال الأعمال المصريين، بحضور أحمد الشافعي، مدير مكتب غرف دبي في مصر، احتل الحديث عن فرص التوسع في دبي وتراجع جاذبية السوق المصري حيزًا كبيرًا من النقاش، في وقت يواجه فيه الاقتصاد المحلي أزمات ممتدة في سعر الصرف، البنية الأساسية، والقدرة على جذب الاستثمارات.

الشافعي أوضح أن غرف دبي - التي تضم أكثر من 4 آلاف شركة ناشئة وسريعة النمو مصرية مسجلة بها - تقدم دعمًا رقميًا ولوجستيًا غير مسبوق، عبر أكثر من 50 مكتبًا حول العالم، يسهل على المستثمر الوصول إلى الأسواق، والعملاء، والتمويل، في مناخ قانوني مرن وسريع.

 

حريق سنترال رمسيس.. علامة تحذير

   جاءت نيران حريق سنترال رمسيس قبل أيام كصدمة للرأي العام، ليس فقط لما سببه من شلل في خدمات الاتصالات والإنترنت، بل لأنه كشف بوضوح كيف لا تزال مصر تعتمد على بنية تحتية مهترئة، عمرها أكثر من نصف قرن، في وقت تُضخ فيه المليارات في مشاريع تجميلية أو ترويجية لا تمس حياة المستثمر أو المواطن العادي.

سنترال رمسيس، الذي يُعد عصب الاتصالات في قلب القاهرة، تعرض لأضرار جسيمة رغم أنه واحد من المباني المحورية تاريخيًا وتشغيليًا، ما أعاد فتح ملف تحديث البنية الرقمية والفنية الحقيقية في مصر، خاصة مع التوسع السكاني والرقمي.

 

دبي مقابل القاهرة.. مقارنة صارخة

   في المقابل، تعتمد دبي على مناطق حرة مثل “دبي فيستيفال سيتي” توفر تمويلًا مرنًا للمستثمرين، ومحكمة مستقلة (DIFC) لإصدار القوانين والفصل القضائي السريع، ونظام صرف عملة ثابت (3.7 درهم للدولار) وسط استقرار مالي يفتقده المستثمر في مصر.

كما تستهدف دبي جذب 650 مليار درهم استثمارات أجنبية مباشرة بحلول 2033، مع الحفاظ على نمو لا يقل عن 3% سنويًا، وتوفر حوافز ضريبية واضحة (ضريبة أرباح 9% فقط، و5% قيمة مضافة خارج المناطق الحرة).

 

رجال الأعمال: نبحث عن الأمان والاستقرار

   أحمد صبور، رئيس لجنة تنمية التعاون مع الخليج، أعلن عن زيارات مرتقبة لدبي والسعودية بهدف تعزيز التعاون وجذب استثمارات، لكنه لم يُخفِ أن السوق المصري يعاني من بطء الإجراءات، وتأخر تخصيص الأراضي، وغياب الرؤية التكاملية.

وأكد أن المستثمر الخليجي بات يطلب أراضي وموافقات أسرع، وأن هناك شركات كبرى بدأت التوجه خارج مصر بالفعل، سواء لعُمان أو العراق، بسبب تعقيدات المناخ المحلي.

 

العربي: نبحث عن كفاءات وتدريبها بالخارج

من جانبها، قالت ولاء علام، مديرة التسويق الدولي بمجموعة العربي، إن المجموعة تعمل حاليًا على تدريب كوادرها بالخارج بالتعاون مع غرف دبي، للوصول إلى عمالة مدربة تتماشى مع طموحات التوسع الخارجي، مشيدة بخدمات غرف دبي التي لا تفرض رسومًا على تقديم البيانات والاستشارات.