تتفاقم الأزمة الإنسانية في السودان يومًا بعد يوم، وسط تحذيرات متتالية من منظمات دولية، كان أحدثها ما كشفته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) من بيانات مقلقة حول تصاعد حاد في حالات سوء التغذية بين الأطفال في إقليم دارفور، حيث سجلت المنظمة زيادة بنسبة 46% منذ بداية عام 2025 وحتى مايو الماضي، مع تلقي أكثر من 40 ألف طفل العلاج في شمال دارفور وحدها، في حين انخفض الجنيه السوداني بنحو 10 في المئة في السوق الموازي بنهاية الأسبوع حيث جرى تداول الدولار عند 2790 جنيها مقارنة ب 2550 جنيها في مطلع الأسبوع.
انتشار ثلاثية الجوع والمرض والجفاف
وبحسب التقرير، فإن معدل سوء التغذية الحاد تجاوز مستويات الطوارئ التي وضعتها منظمة الصحة العالمية في 9 مناطق من أصل 13 في الإقليم، مما ينذر بكارثة صحية تهدد حياة الآلاف، خاصة في ظل اقتراب مناطق واسعة من المجاعة. وتزداد المأساة عمقًا مع بلوغ موسم الجفاف ذروته، ما يعزز مخاوف من وفاة جماعية للأطفال، في وقت تنهار فيه البنية التحتية الصحية ويستمر انتشار الأمراض المعدية.
في السياق ذاته، يفاقم تفشي وباء الكوليرا مأساة المدنيين، وسط انهيار شبه تام للخدمات الصحية في كثير من مناطق النزاع، ما يضاعف معاناة الأطفال الضعفاء ويجعل فرص النجاة أقل من أي وقت مضى. ومع ارتفاع معدلات النزوح وانعدام المياه النظيفة، تصبح الأمراض المعدية أكثر فتكًا، ما يستدعي استجابة عاجلة من المجتمع الدولي.
من جانبها، جددت منظمة اليونيسف مناشدتها للمجتمع الدولي من أجل تمويل خطة الاستجابة الإنسانية بالكامل، مؤكدة حاجتها إلى 200 مليون دولار لضمان استمرار سلاسل إمدادات الغذاء والعلاج والأدوات الطبية الأساسية.
فيما خصصت الأمم المتحدة 5 ملايين دولار لمكافحة الكوليرا، أعلن منسق الإغاثة في حالات الطوارئ بالأمم المتحدة توم فليتشر أن الشركاء الإنسانيين بحاجة إلى 50 مليون دولار إضافية لضمان استمرارية عمليات الإغاثة حتى نهاية عام 2025، في ظل وصف الأمم المتحدة لما يحدث بأنه «أسوأ أزمة إنسانية في تاريخ السودان الحديث».
انهيار جديد للجنيه السوداني
و في سياق آخر أشار متداولون إلى زيادة كبيرة في الطلب على النقد الأجنبي في ظل حالة عدم يقين أمني واقتصادي أججت موجة من تحويلات مدخرات الأفراد للدولار والعملات الصعبة.
وقال تاجر في السوق الموازي "الطلب على الدولار يتزايد بشكل كبير ... نحن لا نعلم الأسباب لكننا نتلقى طلبيات كبيرة من تجار واشخاص عاديون".
وتعزي تقارير اقتصادية التراجع المستمر في قيمة الجنيه إلى تراجع قدرة البنك المركزي على توفير احتياجات البلاد من العملة الصعبة، حيث قدر بنك التنمية الافريقي في تقرير الاسبوع الماضي احتياطي النقد الأجنبي لدي البنك بما يعادل تغطية واردات شهر واحد فقط من احتياجات البلاد.
تدهور عام
قال تقرير بنك التنمية الأفريقي، إن الحرب زادت من تدهور مؤشرات الاقتصاد السوداني مما اضعف قدرته على امتصاص الصدمة، في ظل خلل بنيوي كبير.
ووفقا للتقرير فإن السودان يفقد سنويا 5 مليارات دولار سنويا بسبب الفساد والتعدي على المال العام والتهرب الضريبي.
وتسببت الحرب في تداعيات كارثية للاقتصاد السوداني حيث قدرت قيمة خسائر الأصول التي دمرتها الحرب حتى الآن بنحو 800 مليار دولار، بحسب الخبير الاقتصادي وائل فهمي. انكمش الناتج القومي بأكثر من 40 بالمئة، وتقلصت الإيرادات العامة بنحو 80 بالمئة، مما زاد من الاعتماد على طباعة النقود مع غياب التمويل الدولي وانهيار المصارف والمشاريع الإنتاجية التي يعتمد عليها الاقتصاد المحلي في تمويل الإيرادات.