يحل شهر رمضان هذا العام في سوريا بعد ثلاثة أشهر من الإطاحة بنظام بشار الأسد الذي حكم البلد بقبضة حديدية منذ عام 2000 في خلافة والده الذي قاد البلاد منذ عام 1971.
وقد وصفت السفارة السورية في قطر، هذا اليوم بالتاريخي، وقالت إن الشعب السوري قال كلمته منذ اليوم الأول للثورة، ومضى في درب تحرير الأرض والإنسان، حالمًا ببناء وطن الحرية والكرامة، وطن لكل السوريين، يسود فيه القانون، وينعم بالعدل والسلام.
وقالت إن "الطريق أمامنا طويل وشاق، وعلينا أن نمد الكف للكف، ونشد الساعد بالساعد، متحملين مسؤولياتنا لاستعادة بلدنا وبناء مستقبل يليق بهذا الوطن العظيم".
ومن جهته، أشاد قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي بـ"لحظات تاريخية" يعيشها السوريون مع سقوط النظام "الاستبدادي" الذي حكم البلاد نحو ربع قرن. معتبرًا أن "هذا التغيير فرصة لبناء سوريا جديدة قائمة على الديمقراطية والعدالة تضمن حقوق جميع السوريين".
معاناة اقتصادية
وتشهد البنوك في العاصمة السورية دمشق طوابير ممتدة من المواطنين الذين انتظروا لساعات طويلة لسحب ما يعادل حوالي 15 دولارًا لشراء احتياجاتهم لأول شهر صيام بالبلاد وهي لا ترزح حكم عائلة الأسد التي ظلت في مقاليد الحكم منذ 22 فبراير 1971 إلى 8 ديسمبر 2024.
أصبح هذا الانتظار الطويل جزءًا من الروتين اليومي للكثير من السوريين، الذين باتوا يضطرون للانتظار لسحب ما يكفيهم من النقود للعيش، في ظل القيود الصارمة التي فرضتها الحكومة الجديدة على السحب اليومي من البنوك، مما زاد من معاناة المواطنين الذين يواجهون صعوبة في شراء أبسط مستلزماتهم.
وأجرت الحكومة السورية الجديدة عدة تغييرات اقتصادية، ففتحت السوق أمام المنتجات المستوردة، وألغت دعم الخبز، مما جعل هذه السلعة الأساسية أغلى عشرة أضعاف، كما قامت الحكومة بتسريح آلاف الموظفين في القطاع العام، وفرضت سقفًا للسحب من أجهزة الصراف الآلي.
ورغم انخفاض أسعار العديد من السلع، غير الخبز، منذ تولي الحكومة الجديدة، ولكن وكالة أسوسييتد برس تقول إن الكثير من السوريين غير قادرين على شرائها بسبب قيود السحب في اقتصاد يعتمد على النقد، حيث لم يتبنَّ استخدام بطاقات الائتمان والمدفوعات الإلكترونية على نطاق واسع.
ومع بدء الحكومة في تغيير السياسة الاقتصادية، بدأ سعر العملة في التحسن بعد أكثر من عقد من الضعف.
فقبل بداية الحرب الأهلية عام 2011، كان سعر الصرف حوالي 50 ليرة سورية للدولار الواحد، ليصل عند الإطاحة بالأسد إلى حوالي 15000 ليرة، ولكنه تراجع منذ ذلك الحين.
وأشار البنك المركزي السوري في بيان، إلى أن قيود السحب من المصارف ستكون مؤقتة، لكنها استمرت لعدة أشهر. في وقت وصلت هذا الشهر طائرة محملة بالليرات السورية الجديدة من روسيا، حيث يتم طباعتها، وفقًا لوسائل الإعلام الرسمية، لكن لم يُعلن عن الكمية.
وبحسب مراقبين، فإن البنك المركزي لديه أزمة سيولة ولا يملك ما يكفي من الأوراق النقدية، مشيرين إلى أن السياسة النقدية الحالية التي يدرسها البنك لم تُعتمد بعد.
المحلات في دمشق رغم عرضها مختلف السلع الرمضانية من فوانيس وأضواء الزينة، لكنها شبه خالية من الزبائن الذين يشترون الان فقط الضروريات، من مواد غذائية أساسية كالزيت والزيتون والأرز والبرغل.
ورغم أن أسعار هذه المواد أرخص، باستثناء الخبز الذي ارتفع من 400 إلى 4000 ليرة، لكن العديد من السوريين يشترون أقل بكثير مقارنة بالأعوام السابقة، ويقول البعض منهم إنه سيتعين عليهم حتى إلغاء السحور، حيث إن أكثر من 90% من السوريين يعيشون في فقر، وواحد من كل أربعة عاطل عن العمل، وفقًا للأمم المتحدة.