رصد مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، في تقريره السنوي الذي يصدره في ذكرى ثورة الخامس والعشرين من يناير من كل عام، خلال 2024، وفاة 57 محتجزًا، ومعاناة 150 محتجزًا ومحتجزة من الإهمال الطبي المتعمد.
وفاة 57 محتجزًا
وعلّق المركز "مهما كانت الأسباب التي وردت في الخبر عن قتل المواطنين، يبقى القتل جريمة تقع مسؤوليتها على فاعلها، فضلًا عن أننا لن نعلم أبدًا ما أدى إلى هذه الجرائم. كما أن هذه الجرائم لا تشمل من قضوا في أماكن الاحتجاز نتيجة التعذيب أو الإهمال الطبي المتعمد في انتهاك للقانون الذي وضعته الدولة ذاتها التي تقوم أجهزتها بالانتهاكات".
وقال المركز، خلال عام 2024، توفي 57 محتجزًا، إما محرومون من الرعاية الطبية، وهو ما وصفه أستاذ القانون محمود نجيب حسني، في (شرح قانون العقوبات القسم العام، القسم العام، رقم 302 صـ277) بأنه "قتل بالامتناع"، وإما نتيجة سوء أوضاع الاحتجاز أو سوء المعاملة والتعذيب، في انتهاك للدستور والقوانين لا يُحاسب عليه أحد.
معاناة 150 محتجزًا
كما رصد المركز معاناة 150 محتجزًا ومحتجزة من الإهمال الطبي المتعمد، "محرومين من العلاج ومن الفحوصات اللازمة ومن جراحات ضرورية رغم كل ما يُثار ويقال عن تبني سياسات عقابية جديدة في مراكز تأهيل جديدة لم تنعكس على اختلاف المعاملة من قبل أجهزة الأمن أو إدارات السجون أو من يصدر إليهم التعليمات". كذلك رصد المركز "تعرض 55 مواطنًا ومواطنة للتعذيب الفردي في أماكن الاحتجاز غالبًا وفي الشارع في بعض الحالات وأثناء الاعتقال في أحوال أخرى". وعلق المركز "بعد أن كنا نتصور أن أقسام الشرطة هي الأعلى في ممارسة التعذيب، كشف أرشيف 2024 تصدر السجون قمة أماكن الاحتجاز التي تشهد تعذيبًا للمحتجزين دون محاسبة أو عقاب للجلادين".
التكدير الفردي
وبخلاف حالات التعذيب الفردي، رصد المركز في تقريره تعرض 251 محتجزًا ومحتجزة للتكدير الفردي في السجون ومن قبل النيابات والمحاكم، إضافة إلى 94 استغاثة من التكدير الجماعي لعنابر أو مجموعات كاملة من المتهمين "لتكتمل دائرة القهر وتشمل ليس فقط الأجهزة الأمنية التنفيذية، بل أيضًا جهات يفترض أن يلجأ إليها المواطنون بحثًا عن العدالة، لينجوا بأنفسهم في مواجهة حلقات إضافية من حلقات القهر المنتهكة هي أيضًا للقانون والحقوق المنصوص عليها في الدستور"، حسب التقرير.
جريمة الاختفاء القسري
ووصف التقرير جريمة الاختفاء القسري بأنها "أصبحت حدثًا روتينيًا لكل من يُلقى القبض عليه، رغم إصرار الدولة على إنكارها"، مشيرًا إلى أنه "حتى لو نصت تعديلات القوانين الجديدة على حق قوات الأمن الاحتفاظ بالمقبوض عليها لمدة 28 يومًا دون عرضهم على النيابة، لتترك سؤالًا دون إجابة: لماذا؟ لماذا هذا الحجب عن النيابة والدفاع والأهل إن لم يكن للترويع والترهيب وانتزاع الاعترافات"، وبحسب التقرير الذي وثّق تعرض 586 مواطنًا للاختفاء قسري، وثقهم من خلال أخبار نشرت في عام 2024، تخص 350 فردًا، بعضهم مختفون منذ عام 2013، وهو عدد لا يمثل سوى بعض من كثير من حالات الاختفاء التي تتردد الأسر في الحديث عنها، لئلا يتعرض أقاربها المختفون لمزيد من الأذى. ورغم غياب المئات، إن لم يكن الآلاف، ممن ألقي القبض عليهم من منازلهم أمام أطفالهم ثم اختفائهم لأيام، أو أسابيع، أو شهور، أو سنين، ورغم البلاغات والوساطات والالتماسات، يظلون رهن الاختفاء القسري الذي تكرر الدولة وإعلامها أنه مجرد أخبار كاذبة".
وقال المركز "تأكيدًا لهذه الجريمة، رصدنا في الأرشيف الإعلامي لعام 2024 ظهور 1997 مواطنًا ومواطنة لأول مرة أمام نيابة أمن الدولة بعد فترات متباينة من الاختفاء القسري. المؤكد أن ظهورهم ليس انتهاكًا، بل أمر مرحب به، إذ إنه يضع حدًّا لقلق الأسر على مصير أبنائها وبناتها. لكن هذا الرقم يشير إلى أن ظاهرة الاختفاء القسري تتجاوز الأرقام الواردة في البلاغات والأخبار. جميعهم - دون استثناء - ظهروا في أماكن تابعة للدولة، سواء نيابات أو أقسام شرطة وجميعهم قررت النيابة حبسهم 15 يومًا، وجميعهم تقريبًا بالاتهامات نفسها. وهي الاتهامات التي يتم بها (تدوير) محتجزين رهن الحبس الاحتياطي (324 فردًا) قبل أن يحين أوان إطلاق سراحهم بموجب القانون الذي وضع حدًا أقصى للحبس الاحتياطي بعامين أو حتى بعد قضاء فترة الحكم عليهم وبدلًا من تمتعهم بالحرية المستحقة يوضعون على ذمة قضايا جديدة بنفس الاتهامات، لا لسبب سوى استمرار حبسهم وحرمانهم من الحرية. البعض يتم تدويرهم منذ اعتقالهم أول مرة في عام 2013 دون إحالة للمحاكمة".
الحرمان
ووضع التقرير عنوان "الحرمان" لكل انتهاك يتعرض له المنتهكة حقوقهم، سواء داخل السجون أو خارجها. سواء الحرمان من الحياة، الحرمان من الحرية، الحرمان من الصحة ومن العلاج ومن الرعاية، الحرمان من الزيارة، الحرمان من رؤية الشمس. الحرمان من العيش والكرامة الإنسانية. وبعد إخلاء السبيل، أو إطلاق السراح، أو البراءة، أو العفو: الحرمان من العيش الكريم.