مع بداية العام الجديد 2025، يستقبل السودان واقعًا مريرًا حيث يعاني شعبه من أزمة إنسانية غير مسبوقة جراء استمرار الحرب الطاحنة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والتي بدأت في منتصف أبريل 2023.
مع مرور أكثر من 20 شهرًا على هذا الصراع العنيف، أصبحت الأزمة تزداد تعقيدًا وتصل إلى مستويات كارثية، حيث يعاني أكثر من نصف السكان من الجوع، والتهجير القسري، وتدمير البنية التحتية الأساسية.
 

نزوح جماعي ومعاناة مستمرة
   يشير تقرير المنظمات الإنسانية إلى أن حوالي 25 مليون شخص في السودان، أي ما يعادل نصف السكان، يعانون من نقص الغذاء الحاد، بينما يتطلع الملايين إلى الحصول على المساعدات الإنسانية العاجلة. النزوح الجماعي أصبح سمة رئيسية لهذه الحرب، حيث فر أكثر من 12 مليون شخص من منازلهم، منهم 3.2 مليون لاجئ في دول مجاورة مثل تشاد وجنوب السودان وأوغندا ومصر، بينما نزح 8.7 مليون شخص داخل البلاد.

وتتوقع التقارير أن تستمر الأوضاع في التدهور، مع استمرار القتال وعدم وجود أفق للسلام.
 

القطاع الصحي على حافة الانهيار
   وفي ظل الوضع المتدهور، يشير وزير الصحة السوداني، هيثم محمد إبراهيم، إلى أن النظام الصحي في السودان قد انهار تقريبًا نتيجة الصراع المستمر، مما زاد من تعقيد الوضع الإنساني في البلاد. وتفشي الأوبئة، في ظل نقص الأدوية والمعدات الطبية، يعمق من معاناة المواطنين.
 

الأطفال في قلب الأزمة
   كما هو الحال في معظم الحروب، يتحمل الأطفال العبء الأكبر من المعاناة، ووفقًا للمنظمات الإنسانية، يواجه الأطفال السودانيون مزيجًا من العنف والجوع والأمراض، بينما يُحرم حوالي 17 مليون طفل من التعليم. في ظل هذا التدهور الأمني، يظل مستقبل الأطفال في السودان مهددًا بشكل كبير.
 

الجرائم والمجازر.. جرائم حرب مروعة
   نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تحقيقًا استقصائيًا يكشف عن ارتكاب قوات الدعم السريع لجرائم حرب فظيعة، بما في ذلك التطهير العرقي والإعدامات الجماعية للمدنيين والأسرى، وتوثق الصحيفة هذه الفظائع عبر مقاطع فيديو جمعها فريق التحقيقات، حيث تظهر مشاهد مروعة لقادة قوات الدعم السريع وهم يشرفون على تنفيذ هذه الجرائم.
 

حجم الانتهاكات واسع ولا يقتصر على منطقة معينة
   منذ بداية الحرب، تم توثيق مئات الحوادث التي تشمل إعدام الأسرى، إحراق القرى، والاعتداءات الجنسية على النساء. كما أظهرت التحقيقات أن بعض قادة قوات الدعم السريع، مثل حسين برشم وعبد الرحمن جمعة، كانوا يقودون هذه العمليات الوحشية، مما يضعهم تحت طائلة المسؤولية القانونية في المستقبل.
 

الأمم المتحدة.. أزمة إنسانية في أبعاد غير مسبوقة
   في تصريح لها، حذرت كليمنت سلامي، منسقة الأمم المتحدة للعمل الإنساني في السودان، من أن الأزمة الإنسانية في السودان قد وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، حيث يحتاج أكثر من نصف السكان إلى مساعدات إنسانية عاجلة، بما في ذلك 16 مليون طفل، وتفاقم الوضع مع تسجيل مستويات غير مسبوقة من انعدام الأمن الغذائي في مناطق دارفور والخرطوم وكردفان.