قال محمد رمضان – الباحث في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية-، إن اللقاء الذي جمع رئيس حكومة السيسي مصطفى مدبولي لم يقدم حلولاً واضحة لعبور الأزمة الاقتصادية، وأن النقاشات تمحورت حول تحديد سعر الفائدة والتطوير العقاري، الذي يعتمد بشكل أساسي على ضبط سعر الفائدة لضمان بيع الوحدات العقارية وتجنب الركود في سوق العقارات. وبالتالي، كان النقاش يركز بشكل أساسي على مصالح رجال الأعمال الشخصية.
وفي تصريحات صحفية لفت إلى أهمية التعامل بجدية مع ما طرحه رجل الأعمال أحمد عز بشأن الجهاز الإداري وأزماته، خاصة أن هذا الطرح صادر عن ممثل للقطاع الخاص. وأن مصر تعاني من أزمة كبيرة في الجهاز الإداري، على عكس ما تروج له السلطة بشأن تضخم هذا الجهاز.
وأضاف أن اللقاء بمثابة رسالة موجهة إلى صندوق النقد الدولي، لإثبات إشراك القطاع الخاص وفقًا لرغبات الصندوق الذي يوجه الدولة لدعم القطاع القطاع. ويؤكد أن الأزمة الاقتصادية في مصر لن تنتهي إلا بوجود إرادة سياسية لحلها بشكل جذري وحقيقي.
ورقة أمام صندوق
وقال أكرم إسماعيل – القيادي بحزب العيش والحرية، تحت التأسيس، والحركة المدنية-، إن حكومة السيسي تستخدم دعم رجال الأعمال كورقة أمام صندوق النقد الدولي، خاصة بعد أن أعرب رجال الأعمال عن انزعاجهم من السياسات الاقتصادية التي اتبعتها الحكومة على مدار السنوات الماضية، وكذلك عن حجم تدخل الجيش في الاقتصاد. و”لذلك فإن هذا الاجتماع يأتي كمحاولة لإرضاء صندوق النقد والمستثمرين.”
وأضاف أن موقف صندوق النقد والمستثمرين الأجانب لا يعتمد فقط على آراء رجال الأعمال المصريين، رغم أن آرائهم تظل مهمة، لكن هناك عوامل أخرى تؤثر على القرارات.
وأشار في تصريحات صحفية إلى أن الصراع بين إدارة نظام السيسي ورجال الأعمال لم يتوقف قط، وقد تجلى ذلك في فرض ضرائب على رأس المال ثم التراجع عنها، وفي القبض على رجل الأعمال صلاح دياب ثم الإفراج عنه، وكذلك في سحب أراضٍ بالساحل الشمالي. هذه الممارسات تؤكد أن هناك عملية ضغط متبادلة مستمرة بين الطرفين، وأن هذا اللقاء يشكل أبرز المفاوضات الحقيقية التي تحدث على أرض الواقع في مصر.".
وأبان أن مصر تفتقر إلى نقابات عمالية حقيقية تدافع عن الفقراء، وإلى أحزاب يسارية قوية تعبر عن الطبقات الأقل دخلًا. ولذلك تشهد البلاد نوعًا من المفاوضات الاجتماعية بين جناحين لهما مصالح متشابكة؛ هما السلطة البيروقراطية العسكرية ورجال الأعمال. ومن ثم، تعتبر هذه الجلسات أهم مفاوضات تجري بين أجنحة النظام الاجتماعي، في ظل غياب التنظيمات المدنية والنقابات، ما يؤدي إلى تهميش المواطنين العاديين عن هذه المفاوضات.
ولفت إلى أن هناك أزمة اقتصادية خانقة، وأن الدولة بحاجة إلى أموال من الخارج لم تصل بعد، في حين تتعرض لضغوط من صندوق النقد الدولي بسبب تداخل الجيش في الاقتصاد. ما يجعلها تحاول إيجاد مخرج من هذا المأزق.
لقاء تجميلي
وفي تصريحات صحفية لفت الباحث الاقتصادي زهدي الشامي – نائب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي-، إلى أن هناك دلالات سياسية لهذا الاجتماع تعكس سياسات النظام الحالي. فبعد مرور 14 عامًا، ومع كل أزمة، يعيد النظام البحث إما عن رجال نظام مبارك السابق، لأنهم جزء من تركيبة السلطة، أو يستدعي بعض وجوه صندوق النقد الدولي الذي يُثار الحديث عنه من وقت لآخر؛ إلا أن الحقيقة تكمن في أن هذه السلطة غير جادة في البحث عن حلول جذرية للخروج من الأزمة التي تسببت فيها.
وأضاف مع منصة (زاوية ثالثة) كما سابقيه، إلى أن صندوق النقد الدولي يرغب في استمرار الوضع الراهن دون التوصل إلى حلول حقيقية للأزمة الاقتصادية المتفاقمة منذ ثلاث سنوات، والتي تفجرت مع هروب الأموال الساخنة من مصر في عام 2021. هذا الحدث كشف عن الوضع الاقتصادي المصري الحقيقي، ودفع السلطة لـ اللجوء إلى الحوار الوطني للتلاعب والهروب من مواجهة الأزمة الحقيقية دون الاعتراف بها أو البحث عن حلول ذات مصداقية.
وأكد أن محاولة العودة إلى رجال مبارك أو التوجه لصندوق النقد مجددًا ليست سوى استمرار لنفس نهج التلاعب. هؤلاء، في إشارة إلى رجال أعمال مبارك، لن يتمكنوا من تقديم حلول حقيقية للأزمة، خاصة أن بعض المشكلات تعود جذورها إلى عهد مبارك مثل الخصخصة والتضخم والتلاعب بأرقام الدولة والدين العام. وأضاف أن وزير مالية مبارك، يوسف بطرس غالي، كان قد شطب 200 مليار جنيه من الدين العام بعدما استولى على أموال التأمينات ودمج صناديق المعاشات، ما أدى إلى ترويج كاذب عن انخفاض الدين العام للتستر على أزمته الحقيقية.
وأكد أن أي إصلاح اقتصادي يجب أن يكون مرتبطًا بإصلاح سياسي حقيقي. فلا يمكن تحقيق نتائج إيجابية دون إصلاح شامل لمنظومة إدارة البلد وإجراء تغييرات سياسية جذرية.