أثار مشروع قرار حكومي جديد، يقضي بإلزام المصدرين بتحويل 70% من عوائد التصدير إلى البنوك المحلية مقابل احتفاظهم بـ30% فقط، موجة من الغضب والاعتراض في أوساط المستثمرين ورجال الأعمال.
الجمعيات والاتحادات التجارية وجهت نداءات عاجلة إلى رئيس حكومة السيسي، مصطفى مدبولي، محذرة من تداعيات القرار على قطاع التصدير، أحد أعمدة الاقتصاد المصري.
 

اعتراضات المستثمرين.. خسائر فادحة وعدم القدرة على المنافسة الدولية
   أكدت جمعيات المستثمرين في مذكرات رسمية أن القرار يضع عبئاً إضافياً على المصدرين، ويعرضهم لخسائر جسيمة في ظل أوضاع اقتصادية مضطربة، وأوضح رئيس المجلس التصديري للملابس، فاضل مرزوق، أن الحكومة تشترط حالياً توريد 50% من عوائد التصدير للبنوك، لاستخدامها في تمويل تكاليف الإنتاج واستيراد المعدات، لكن رفع النسبة إلى 70%، وفقاً للقرار الجديد، سيجعل المستثمرين عاجزين عن تغطية نفقات التشغيل الأساسية.

وأشار مستثمرون إلى أن القرار يُطبق بأثر رجعي على برنامج دعم الصادرات للعام المالي 2024-2025، بعد أن نفذ المصدرون 80% من التزاماتهم التعاقدية مع الأسواق الخارجية، هذا الإجراء يعوق قدرة الشركات على تعديل الشروط أو الأسعار، ويهدد سمعة المنتجات المصرية في الأسواق العالمية.
 

انعكاسات القرار على قطاعات الصناعة والبناء
   كشف "بارومتر الأعمال" الصادر عن المركز المصري للدراسات الاقتصادية أن القطاعات الإنتاجية، مثل الصناعات التحويلية والتشييد والبناء، ستتأثر بشكل كبير بالقرار، وأوضح التقرير أن هذه القطاعات تعاني بالفعل من ارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب التضخم، وزيادة أسعار الطاقة والمياه، والرسوم الحكومية، ما يجعل المنافسة الدولية أكثر صعوبة.

وعلى الرغم من تسجيل القطاعات الخدمية، مثل السياحة والنقل والاتصالات، تحسناً في أدائها خلال الفترة الأخيرة، فإن التضخم المستمر وتراجع القوة الشرائية يزيدان من الضغوط على القطاعات التصديرية، التي تعد محركاً أساسياً للنمو الاقتصادي.
 

ضعف برامج دعم الصادرات مقارنة بالدول المنافسة
   أوضحت دراسة أجراها المركز المصري للدراسات الاقتصادية أن المخصصات الحكومية لدعم الصادرات في مصر لا تزال متواضعة مقارنة بدول مثل الصين وتركيا والهند والمغرب، ففي حين توفر هذه الدول حوافز شاملة تشمل النقل والشحن وتحديث البنية التحتية، تقلصت الميزانية المصرية المخصصة لرد أعباء التصدير من 42% إلى 17% من تكاليف الإفراج الجمركي خلال العام الجاري.

وأكدت الدراسة أن الحكومة غالباً ما تؤخر صرف مستحقات دعم الصادرات، ما يضع الشركات في أزمة سيولة، خاصة مع ارتفاع تكاليف التشغيل وانخفاض قيمة العملة، وأشار التقرير إلى أن معدل صرف مستحقات الدعم قد تراجع بشكل كبير خلال العقد الأخير، مع تحقيق نسب صرف لم تتجاوز 60% في بعض السنوات.
 

بيروقراطية وتعقيدات جمركية تزيد التحديات
   من أبرز العوائق التي تواجه المصدرين المصريين ارتفاع تكاليف الإفراج الجمركي، وطول فترات الفحص، والرسوم المتعددة التي تفرضها جهات حكومية مختلفة، كما تشكل الإجراءات البيروقراطية عبئاً إضافياً، مما يزيد من تكلفة الإنتاج ويقلل من القدرة التنافسية للمنتجات المصرية في الأسواق العالمية.

وأوضحت الدراسة أن الخدمات الحكومية مثل نظام "نافذة"، المصمم لتسهيل إجراءات التخليص الجمركي، لا تزال تعاني من تعقيدات، إذ تخضع لإشراف نحو 11 وزارة و22 جهة مختلفة، وأدى هذا التداخل إلى إطالة فترات التخليص الجمركي، مما يؤثر على التزام المصدرين بمواعيد التسليم للعملاء ويضيف أعباء مالية غير متوقعة.
 

دعوات لتعديل السياسة الاقتصادية
   يرى الخبراء أن التركيز على تحسين بيئة الأعمال ودعم القطاعات التصديرية يمكن أن يسهم بشكل كبير في تحقيق هدف الحكومة برفع صادرات القطاعات غير النفطية من 40 مليار دولار في 2024 إلى 100 مليار دولار خلال خمس سنوات.

وشددت الجمعيات الاستثمارية على ضرورة مراجعة السياسات الاقتصادية المرتبطة بدعم التصدير، مع تقديم حوافز ملموسة للمصدرين بدلاً من فرض قيود إضافية، كما دعت إلى تعزيز التنسيق بين الجهات الحكومية المختلفة لتقليل البيروقراطية وتسهيل الإجراءات، بما يدعم تنافسية المنتجات المصرية في الأسواق الدولية.