في خطوة أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط التعليمية والأسر المصرية، قررت وزارة التربية والتعليم إلزام طلاب الثانوية العامة بإرجاع أجهزة "التابلت" بعد انتهاء المرحلة الثانوية، مما أثار غضبًا وتساؤلات عن هدف هذا القرار وتأثيره على مستقبل الطلاب.
تأتي هذه الخطوة بعد وعود سابقة بأن يحتفظ الطلاب بالأجهزة لدعمهم في التعليم الجامعي، ليُسدل الستار على مرحلة من التجارب التكنولوجية التي رافقت طلاب الثانوية وتحولت إلى عبء إضافي بدلاً من دعم تعليمي.
قرار أثار الدهشة.. وغياب الاهتمام بمصلحة الطلاب
أعلن المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم، شادي زلطة، أن قرار إرجاع التابلت يهدف إلى تنظيم الموارد، غير أن هذا القرار ألقى الضوء على غياب رؤية حقيقية تهدف إلى تطوير التعليم أو توفير حلول مستدامة تضمن بقاء الأجهزة في أيدي الطلاب لدعمهم أكاديميًا.
بل وفرضت الوزارة شروطًا معقدة لإرجاع التابلت، تتطلب من الطلاب تقديم شهادة صلاحية للجهاز من الوكيل المعتمد، مما يشكل عبئاً إضافياً على الأسر، حيث يتطلب هذا الإجراء وقتاً وتكاليف غير بسيطة.
تراجع عن وعود سابقة وغياب الشفافية
القرار الجديد لا يتفق مع تصريحات وزير التربية والتعليم السابق، طارق شوقي، الذي وعد الطلاب في عام 2021 بأن التابلت سيكون هدية لهم لاستكمال مسيرتهم التعليمية في الجامعة.
ويبدو أن هذه الوعود، التي هدفت لتلميع صورة الحكومة حينها، انقلبت إلى قرارات تهدف لتقليص التكاليف الحكومية على حساب مصلحة الطلاب، وهو ما أثار استياءً واسعاً لدى الطلاب وأولياء الأمور، الذين اعتبروا أن الوزارة لم تلتزم بتعهداتها.
هدر الأموال العامة.. وتبديد فرصة تطوير التعليم الإلكتروني
إهدار الأموال على أجهزة تكنولوجية دون استغلالها بشكل كامل في العملية التعليمية يعتبر مثالاً على سوء إدارة الموارد، إذ أن ملايين الجنيهات التي صُرفت على شراء الأجهزة كان من الممكن استخدامها في مشاريع تعليمية تحقق فائدة مستدامة.
فبدلاً من دعم تجربة التعليم الإلكتروني وجعل التابلت جزءاً من رحلة الطالب الأكاديمية، حولت الحكومة هذه الأجهزة إلى عبء إداري، مما أفقدها قيمتها كأداة تعليمية حديثة.
ضبابية في الرؤية وتهميش التعليم كأولوية
تبدو القرارات المتتالية لوزارة التربية والتعليم وكأنها تتجاهل الأثر السلبي على الطلاب وأسرهم، فلا يمكن اعتبار إعادة التابلت خطوة إيجابية في دعم التعليم أو تخفيف العبء عن الأسر، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد.
تعاني العائلات من ضغوط مالية، وكان من الأجدر بالوزارة التزام تعهداتها بدعم التعليم الإلكتروني عبر استمرارية الأجهزة، بدلاً من فرض شروط ومطالب مالية وبيروقراطية على الطلاب، مما يزيد من معاناتهم ويحد من فرصهم في الوصول إلى أدوات تعليمية متقدمة.