منذ صعود محمد بن سلمان إلى السلطة، شهدت المملكة العربية السعودية تغيرات دراماتيكية في سياساتها الإقليمية والدولية، التي عكست توجهاً جديداً نحو علاقات سرية وشبه رسمية مع الاحتلال الصهيوني.
في ظل هذا التحالف، انضمت السعودية إلى تحالف دفاعي غير رسمي بقيادة الولايات المتحدة، يضم الكيان الصهيوني والأردن ومصر، وذلك لمواجهة ما يُوصف بتهديدات الطائرات المُسيّرة القادمة من العراق واليمن، وفقاً لما ذكرته وسائل إعلام أمريكية.
بينما يُبرَّر هذا التحالف بالدفاع عن الأمن القومي ومواجهة التهديدات المشتركة، إلا أن هذا التنسيق يثير تساؤلات عميقة حول مدى تماسك الموقف السعودي في ظل قيادة محمد بن سلمان، وموقفه من القضية الفلسطينية.
تفاصيل التحالف السري في البحر الأحمر
بحسب التقارير الإعلامية، يجري تنسيق واسع النطاق بين الدول الأربع، تحت إشراف القيادة المركزية الأمريكية، بهدف دمج قدرات الكشف والاعتراض المشتركة لدى الجيوش الجوية والبحرية والبرية.
وأفادت التقارير أن الكيان المحتل يوفر مظلة دفاع جوي في خليج العقبة والبحر الأحمر، مما يمثل تحولاً غير مسبوق في مستوى التعاون بين الرياض وتل أبيب.
لقد أصبح من الواضح أن هذا التحالف، وإن لم يتم الإعلان عنه رسمياً، يمثل خطوة نحو التطبيع العسكري الفعلي بين الدولتين، في وقت لا يزال فيه الشعب السعودي متمسكاً بموقفه الرافض لأي شكل من أشكال التطبيع مع الاحتلال.
في هذا السياق، يبدو أن محمد بن سلمان يسعى لتحقيق إنجازات سياسية وأمنية، يُبررها بضرورات الأمن القومي، لكنه يتجاهل بذلك إرادة الشعب، الذي ما زال يرى في الكيان الصهيوني خصماً تاريخياً، ومحتلاً للأراضي الفلسطينية.
وبإلقاء نظرة على هذا التعاون العسكري، يتضح أن السلطة السعودية باتت تتجاوز الخطوط الحمراء التي رسمتها بنفسها لعقود من الزمن، مما يعكس تبدلاً جذرياً في سياساتها الإقليمية.
مظلة دفاع جوي وخطوط طيران مفتوحة
لم يقتصر التعاون بين الرياض وتل أبيب على الدفاع الجوي فحسب، بل تعدى ذلك ليشمل السماح للطائرات الصهيوني باستخدام المجال الجوي السعودي في عدة مناسبات.
ففي السنوات الأخيرة، ظهرت شواهد عديدة على تدرّج السعودية في السماح بفتح أجوائها أمام طيران الاحتلال، بدءاً من الرحلات الجوية الهندية في مارس 2018 وصولاً إلى السماح لشركات الطيران الصهيونية باستخدام المجال الجوي السعودي بشكل مباشر.
ورغم ما قد يراه البعض تطوراً استراتيجياً، إلا أن هذه الخطوات أثارت استياء الشعب السعودي والعربي بشكل عام، الذي يرى فيها خيانة للقضية الفلسطينية، وتقويضاً للقيم والمبادئ التي طالما تمسكت بها المملكة علناً.
من جهة أخرى، يعكس هذا التوجه الجديد حرص محمد بن سلمان على الاستفادة من الدعم الأمريكي في ظل الإدارة الحالية، خاصةً بعد زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى السعودية التي ساهمت في إضفاء بعض الشرعية على هذه التحركات.
ويبدو أن الأمير الشاب يسعى لاستغلال هذه العلاقات لتحقيق طموحاته السياسية والاقتصادية، حتى وإن تطلب ذلك التضحية بالمبادئ التي قامت عليها السياسة الخارجية السعودية لعقود.
منافع متبادلة أم خيانة وطنية؟
بالنظر إلى هذا التعاون العسكري المتزايد، يطرح السؤال حول ما إذا كانت هذه التحركات تأتي بدوافع اقتصادية بحتة، أم أن السعودية تخطط لاستثمار هذا التعاون لتوسيع نفوذها الإقليمي.
فعلى سبيل المثال، منح المجال الجوي السعودي لشركات الطيران الصهيونية يمكن أن يُدرّ عوائد اقتصادية، ويعزز العلاقات التجارية في المنطقة؛ إلا أن هذا التعاون له تكلفة سياسية لا يمكن تجاهلها، حيث يضع السعودية في موقف معارض للتوجه الشعبي ويضعف من قدرتها على الدفاع عن القضية الفلسطينية في المحافل الدولية.
كذلك، لا يمكن تجاهل حقيقة أن السعودية تعمل حالياً على مشاريع ضخمة مثل مشروع “نيوم” الذي يُروج له كرمز للحداثة والانفتاح، وقد يكون جزءاً من توجه المملكة لتغيير صورتها دولياً.
لكن هذا المشروع، الذي بات يستقطب اهتمام المسؤولين الصهاينة، يطرح أسئلة حول مدى استعداد السعودية للتخلي عن سيادتها في سبيل جذب الاستثمارات الأجنبية، خاصة من الكيان الصهيوني.
الخلاصة أن محمد بن سلمان سخر مقدرات المملكة لخدمة الصهاينة في أبرز صور الخيانة والتي ستزداد فعاليتها خلال الفترة المقبلة مع تولي ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية.