أصدرت محكمة جنايات القاهرة قراراً بتمديد حبس الصحفي مصطفى الخطيب، الذي يعمل لصالح وكالة "أسوشييتد برس"، لمدة 45 يوماً إضافية على ذمة القضية رقم 488 لعام 2019.
ويأتي هذا القرار ضمن سلسلة من التمديدات التي تجاوزت الحد القانوني للحبس الاحتياطي، ما يثير انتقادات واسعة حول استخدام الاحتجاز المطول كأداة للضغط على الصحفيين وتقييد الحريات الإعلامية في مصر.
الخطيب، الذي اعتقلته قوات الأمن من منزله في أكتوبر 2019 بعد نشره تقريرًا صحفيًا عن اعتقال الأمن لطالبين بريطانيين كانا في القاهرة لأغراض أكاديمية، يواجه اتهامات بالانضمام إلى "جماعة إرهابية" ونشر "أخبار كاذبة".
ورغم غياب الأدلة الملموسة، تواصل السلطات تمديد احتجازه دون محاكمة، ليبقى محتجزاً في ظروف استنكرتها العديد من المنظمات الحقوقية المحلية والدولية.
جلسات فيديو كونفرانس وجدل قانوني
عُقدت جلسة التجديد للخطيب عبر تقنية الفيديو كونفرانس، وهو إجراء يثير تساؤلات حول مدى التزام الجهات القضائية المصرية بمقتضيات العدالة.
أفاد فريق الدفاع بأن عدم حضور المتهم شخصياً يتعارض مع قانون الإجراءات الجنائية المصري، والذي ينص على وجوب تقديم المتهم أمام المحكمة عند طلب تجديد حبسه.
وأشار الدفاع إلى أن الحبس الاحتياطي في قضايا الجنايات يجب ألا يتجاوز 18 شهراً، إلا في الجرائم التي تصل عقوبتها للإعدام أو السجن المؤبد، حيث يصل الحد الأقصى إلى عامين، وهو ما يجعل الخطيب يقضي فترة أطول من الحد المسموح قانونيًا دون محاكمة عادلة.
الاعتقال وتفاصيله: بين انتهاك الخصوصية والإخفاء
وفقاً لتصريحات سابقة أدلت بها زوجة الخطيب، الصحفية إيمان محمد، داهمت قوات الأمن منزلهم في 12 أكتوبر 2019، وصادرت الأجهزة الإلكترونية الخاصة بالخطيب، قبل أن تأخذه إلى جهة مجهولة.
وأشارت إلى أن السلطات لم تسمح للأسرة بمعرفة مكان احتجازه، حيث ظهر لاحقاً في نيابة أمن الدولة العليا.
هذه الإجراءات، التي تخالف الضمانات القانونية المتاحة في حالات الاعتقال، أثارت قلقاً واسعاً حول اتباع الأجهزة الأمنية لممارسات الإخفاء القسري، وهو ما أدانته منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية.
موجة اعتقالات واسعة في قضايا سياسية
تشير قضية الخطيب إلى سياسات القمع التي تستخدمها السلطات ضد الصحفيين والناشطين منذ اندلاع احتجاجات سبتمبر 2019، التي دعا إليها المقاول المصري محمد علي ضد عبد الفتاح السيسي.
وقد شهدت هذه الفترة اعتقال عدد كبير من الشخصيات المعروفة، بينهم الصحفي خالد داود وأستاذ العلوم السياسية حازم حسني، وآخرون، قبل الإفراج عنهم لاحقًا مع استمرار ملاحقتهم قضائياً بتهم تتعلق بدعمهم لجماعة الإخوان المسلمين أو لمواقف معارضة للحكومة.
يُذكر أن القضية رقم 488/2019 تضم العديد من الأسماء التي أُضيفت إليها تهم مماثلة، مما يعكس التوجه الرسمي نحو ربط الصحفيين والناشطين بتهم "الانضمام لجماعات إرهابية"، رغم غياب الأدلة القانونية، وهو ما يراه المراقبون محاولة لشرعنة قمع الأصوات المعارضة والمستقلة.
قضية الخطيب وحرية الصحافة: ضغط دولي وتحذيرات حقوقية
مع تزايد أعداد الصحفيين المحتجزين في مصر، تعالت أصوات المنظمات الدولية مطالبةً حكومة السيسي بوقف ممارساتها القمعية ضد الصحفيين.
فوفقًا للتقارير الصادرة عن هيئات مثل "هيومن رايتس ووتش" و"مراسلون بلا حدود"، أصبحت مصر واحدة من أكثر الدول استهدافاً للصحفيين، حيث يُحتجز الصحفيون بتهم فضفاضة وغير مثبتة قانونياً.
وقد ذكرت لجنة حماية الصحفيين أن السلطات تمارس أساليب متزايدة في قمع الأصوات الصحفية عبر التضييق على تغطية القضايا الحقوقية، ومنع الإعلام من تسليط الضوء على الانتهاكات المستمرة.
وسبق أن دعت هيئات دولية الحكومات الغربية للضغط على السلطات المصرية لإطلاق سراح الصحفيين المعتقلين، وأكدت أن استمرار الانتهاكات يعكس ازدراءً واضحاً للمبادئ الدولية لحرية الصحافة.